رحيل الرسام الكولومبي العالمي فرناندو بوتيرو.. الفن في خدمة الحرية!

برحيل الرسام والنحات الكولومبي العالمي فرناندو بوتيرو (في 15 أيلول/ سبتمبر 2023)، يغيب آخر عمالقة القرن العشرين، عن عمر يناهز الواحد والتسعين عاماً.
توفى في موناكو الفرنسية، تاركاً إرثه الفني الصخم والذي تجاوز 3 آلاف لوحة و300 منحوتة.
عرف وتميز بوتيرو بأنه “المدافع عن البدانة” ، وقيل أنه من أكثر الفنانين ثراءً في حياته وأكثرهم شهرة من بعد بيكاسو.
التميز الذي عُرف به هو شغفه بالتضخيم والمبالغة في رسم شخصياته وأسلوبه في تحريف مقاييس الجمال التقليدية.
وأظهرت أعماله شخصيته الفنية السياسية عن ظهر قلب، ذلك أنه ذهب في قضايا الدفاع عن الحريات في بلدان العالم الثالث وعن حقوق الإنسان إلى أبعد الحدود، فجسد العنف في كولومبيا كما انتقد سياسة الولايات المتحدة الأميركية من خلال الرسوم التي تجسد مشاهد التعذيب بحق العراقيين في سجن أبو غريب.
أوصى الراحل أن يُوارى جثمانه في مقبرة مدينة بيتراسانتا في توسكانيا (إيطاليا) بجوار ضريح زوجته النحاتة اليونانية صوفيا فاري (زوجته الثالثة) التي رافقته على مدى 48 عاماً، والتي تركت في نفسه أحزاناً عميقة على فراقها.
وقد أعلنت مدينة ميدلين الكولومبية (مسقط رأسه) الحداد لمدة أسبوع ونعاه الوزير الكولومبي غوستافو بترو قوله: “لقد كان رسام تقاليدنا وأخطائنا، ورسام فضائلنا، ورسام عنفنا وسلامنا”.
لوحاته ومنحوتاته المثيرة رفعته الى أعلى مراتب الشهرة،فقد انفرد بأسلوب فني خاص صوّره في خياله بأشكال ضخمة غريبة الأطوار، مجسداً الجنرالات، والأساقفة، والبغايا، وربات البيوت،والطبيعة والشخصيات الغرائبية وغيرها من الشخصيات والأشكال والتعابير الغريبة والغرائبية.
أثارت أعماله الجدل ، وفي شبابه، طوّر نهجاً خاصاً به يمكن من خلاله التعرف عليه على الفور، وحقق نجاحاً تجارياً كبيراً وسريعاً. وفي حديث صحافي نُقل عنه ذات مرة قوله: «صحيح أنني أعمل في مهنة عادةً ما يقوم بها الناس إذا كانوا يرغبون في الموت جوعاً، ولكني وجدت نفسي مجبراً بشدة على امتهانها لدرجة أنني لم أفكر مطلقاً في العواقب».
شخصيات ضخمة مستديرة و”منفوخة”وأشكال ضخمة جسدها
بوتيرو في صور ضخمة مستديرة الشكل، وهو الأمر الذي صوَّر من خلاله حياة الطبقة الوسطى وبيوت الدعارة ورجال الدين والفلاحين وصور سلال الفاكهة المنتفخة والآثار المروعة للعنف.

وُلِد فرناندو بوتيرو أنغولو في 19 أبريل (نيسان) 1932 في مدينة ميديلين الكولومبية. توفي والده عندما كان طفلاً، فسجّله عمه في مدرسة ثانوية يسوعية، وشجع اهتماماته الفنية، ودعمه طيلة عامين أثناء دراسته، ليصبح مصارعاً للثيران، وهذا هو السبب في ظهور مشاهد مصارعة الثيران في بعض أعماله المبكرة، وقد اهتم بالأمر طيلة حياته. وبعد نشره مقالاً عنوانه «بابلو بيكاسو وعدم المطابقة في الفن»، طُرد بوتيرو من مدرسته اليسوعية لأنه عبّر عن أفكار وُصفت حينها بأنها «غير دينية».

السابق
الشاب حسين كرنيب… شهيداً وشاهداً على غدر «البشر»
التالي
بالصور.. آلاف المتظاهرين ينددون بتواجد رئيسي في الأمم المتحدة ويطالبون بمحاكمته