في حضور «جنوبية».. وفد متضامن في ضيافة الشيخ عودة: قرار العزل اثار سخط الناس ضدّ مصدريه «الجهلة والكيديين»!

يفتح الشيخ ياسر عودة باب منزله بنفسه بثوبه الابيض الصيفي البسيط، "الدشداشة"، فلا وجود لخادم او خادمة بمنزله المتواضع في حي المريجة الشعبي بالضاحية الجنوبية لبيروت. يقوم بنفسه بخدمة ضيوفه القادمين على حين غرة في موعد مستعجل، وقد عجّ بنا صالونه الصغير، فكان الحل بجلب مزيد من الكراسي اكتظ بها المكان الضيّق.

يبدأ الشيخ الحديث بخجل معتذرا عن بساطة الاستقبال، ثم طلب التعريف عن من يجهلهم من ضيوفه، وهو ما حصل بسرعة ومن الحاضرين،، والبعض قدم من قرى بعيدة في جنوب لبنان، ما جعله يتأثر من صدق ما يحملونه من عواطف نبيله، فأبدى جزيل الشكر لهذاللتعاطف الذي أبدوه نحوه في ظروف عصيبة، في عزّ الهجمة الظالمه ضده من قبل الجهات الرسمية في الطائفة الشيعية.

ضم الوفد، الصحافي علي الأمين، الدكتور حارث سليمان، راشد صبري حمادة، الدكتور علي خليفة، الدكتور على مراد، حيدر حيدر، أحمد عليق، لينا حمدان، مجيد مطر، وسام الأمين، المحامي فرام الحلبي، ووفد من منتدى صور الثقافي ضم كل من: محمد فران، سهيل السوقي، حبيب كريس، خليل نعمة.

بسؤال الدكتور حارث عن رجال الدين الذين آزروه في محنته التي يمرّ بها حاليا بعد اصدار بيان العزل عن المجلس الشيعي، اجاب الشيخ عودة وهو يتبسّم: “من أين آتي لك بالمشايخ المتعاطفين، انا دفعت غاليا في سبيل المواقف الحرة التي اطلقتها، زوجتي واولادي يتعرضون لحصار في بيئتهم، ويتعرضون للتنمر وللانتقاص من حقوقهم في اماكن دراستهم واعمالهم وممنوع عليهم الوظائف، فمن من المشايخ يستطيع ان يتحمل ما أتحمله يا دكتور”؟!

هجمة شرسة من هيئة غير قانونية

وفي تفاصيل اللقاء، فقد استمع الشيخ عودة الى الآراء المتضامنة مع حركته ونشاطه الديني العام، الذي ينحاز الى مطالب الناس المستضعفة المحرومة ضد فساد السلطة ورجالاتها، كما تطرق الوفد الى الهجمة الجائرة التي تعرض لها الشيخ عودة من قبل هيئة التبليغ في المجلس الشيعي، التي اصدرت بيان عزل بحقه وحق عدد من من رجال الدين الشيعة، بتهمة الانحراف عن المذهب وغيرها من التهم الباطلة، واعرب الوفد عن كامل دعمه له ضد هذه الهجمة الشرسة غير المسبوقة التي تنم عن جهل وكيدية لم يسبق ان عرفتها البيئة الشيعية.

انا دفعت غاليا في سبيل المواقف الحرة التي اطلقتها، زوجتي واولادي يتعرضون لحصار في بيئتهم، ويتعرضون للتنمر وللانتقاص من حقوقهم

وقد ردّ الشيخ عودة شاكرا الوفد الزائر على وقفته التضامنية معه، مؤكدا ان “ما يتعرض من هجمات هي من اجل منع وجود رأي اخر داخل الطائفة الشيعية، فهؤلاء في هيئة التبليغ بالمجلس الشيعي الذين اصدروا بيان منع 15 رجل دين من مزاولة مهنتهم لديهم مشكلة بنيوية ومعروفون بتزمتهم وتعصبهم وعدم تقبلهم للتنوع، وهم مع الاسف محسوبون على الثنائي الشيعي، فاذا كانوا عاجزين عن تقبل الاخر داخل الطائفة، كيف يمكن ان يحاوروا الشركاء في الوطن من باقي الطوائف؟!

وعدّد الشيخ عودة المخالفات القانونية قائلا”: أولا، هيئة التبليغ هي هيئة غير شرعية لانها غير منصوص عليها في النظام الداخلي للمجلس، ثانيا، وعلى فرض انها موجودة بحكم الامر الواقع فان رئيسها هو رئيس المجلس الشيعي او نائبه، لذلك فان عدم وجود توقيع نائب الرئيس الشيخ علي الخطيب على قرار العزل الذي اصدرته الهيئة يجعل القرار غير قانوني حتى لو وقعه المدير العام المفترض للهيئة، وكذلك فان رئاسة المجلس الشيعي هي التي تخاطب رئاسة المحاكم الشرعية الجعفرية، وبالتالي لا يحق لهيئة التبليغ ان ترفع مباشرة الى المحكمة الشرعية الجعفرية قرار العزل من اجل تنفيذه ومنع استقبال معاملات صادرة عن رجال الدين المشمولين بالقرار”.

لا للتنوّع وتعدّد الاراء

وعن السبب المباشر برأيه لاصدار هذا القرار الجائر بحقه، يقول الشيخ عودة،” ان الثنائي الشيعي، الذي ايدناه في حمل مشروع مقاومة اسرائيل ومجابهة المشاريع الخارجية في المنطقة، مع الاسف هو لا يريد سماع صوت شيعي اخر ينتقد فساد الطبقة السياسية الحاكمة بالمجمل، لان بعض الفاسدين محسوبين عليه، مع العلم اني أشمل الوزراء والنواب ورجال الدين المتواطئين مع الزعماء الفاسدين بشكل عام”.

الثنائي الشيعي لا يريد سماع صوت شيعي اخر ينتقد فساد الطبقة السياسية الحاكمة بالمجمل لان بعض الفاسدين محسوبين عليه

وأضاف”: انا لست من دعاة المواجهة الحادة وكسر العظم مع احد، وأراعي عدم التعرّض لكل ما من شأنه اثارة الفتن والمشاكل ان كان على الساحة الشيعية ام على الساحة الوطنية بشكل عام، ومع ذلك فان المحسوبين على الثنائي في المجلس الشيعي هم من اصدروا هذا القرار المهزلة، الذي اثار سخط الناس وغضبهم، وجعلهم يتعاطفون معي بشكل غير مسبوق، مع انها المرة الثالثة التي اتعرّض فيها لهجمات حاقدة من قبل انصار السلطة، لقد فضحوا انفسهم باصدار هذا القرار من حيث لا يدروا”.

ودع الشيخ ياسر عودة الوفد، الذي خرج من منزله الجميل كما دخل، بحب وبساطة، والتقط من أحبّ من اعضاء الوفد الصّور معه، وكانت الخلاصة عقب الزيارة، ان تجارب التغيير ومناصرة قضايا الناس ممنوعة حاليا داخل الطائفة الشيعية في لبنان، ولا حصانة لرجل الدين الذي يغرّد خارج سرب الحكام داخل الطائفة، فوقوف شيخ حرّ صاحب فكر متنوّر مع حقوق الفقراء والمحرومين يدعو لعدم تقديس غير المقدّس، ويحارب الاساطير الدينية الافكار الرجعية، جزاؤه سوف يكون تهمة الانحراف عن العقيدة والعزل كما حدث مع الشيخ ياسر عودة ورفاقه.

السابق
فرادة طلال سلمان ومدرسة «السفير»
التالي
3 جثث في راشيا… بلباس عسكري وأسلحة!