هيئة التبليغ في «المجلس الشيعي» تنزلق على قرارات «همايونية» تستدعي المساءلة القانونية!

المجلس الاسلامي الشيعي
لم يكد ينتشر خبر قرار هيئة التبليغ الديني في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى, بنزع الصفة المشيخية عن مجموعة من رجال الدين اللبنانيين، حتى واجه القرار موجة من الردود والاستنكار في صفوف الكثير من الفاعليات الشيعية من علماء وغير علماء، ما اضطرّ نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب الى تصويب الأمور.

تبرأ نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب من قرار هيئة التبليغ الديني بعد صدوره في أقل من ساعة، وقال انه لا يعبر عن رأي رئاسة المجلس، وهذا بالتالي فتح الباب للبحث حول قانونية قرارات هذه الهيئة التي سبقت القرار الأخير، والتي لم تكن ممهورة بختم رئاسة المجلس، طيلة فترة تقلد كلاً من الشيخ عبد الحليم شرارة ومعاونه الشيخ علي كمال بحسون لمقاليد هذه الهيئة منذ عشر سنوات وحتى اليوم.

مثل هذه القرارات الهمايونية الارتجالية تُظهر نزعة شخصانية وفردانية في ممارسات هيئة التبليغ تستدعي من رئاسة المجلس الشيعي وضع حد لممارستها بعزلها عن تصدير البيانات بإسم الشيعة

ويظهر أن تدارك الشيخ الخطيب لقرار الهيئة الأخير، كان بعد التشاور مع الرئيس نبيه بري، الذي رأى أن توقيت القرار في غير محله، وأن هناك أولويات كثيرة ينبغي التوقف عندها في البيت الشيعي، قبل نشر غسيل الحوزة العلمية الشيعبة على الرأي العام اللبناني.

استنسابية غير عادلة

وقد تبع الشيخ الخطيب المفتي الشيخ حسن عبد الله المسؤول الثقافي المركزي لحركة أمل في لبنان بالتبرؤ من قرار الهيئة المذكورة، وذكر أنه لم يراجعه أحد بمضمون القرار بوصفه عضواً في هيئة التبليغ الديني في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، مما يعني أن هناك من يغنّي على ليلاه في الهيئة، ولا يأبه بقانونية مقرراته التي ادعى صدورها بالإجماع، خصوصاً القرار الأخير، فأي إجماع هذا الذي لا يدري به أعضاء الهيئة، فضلاً عن رئاسة المجلس؟!

وهذه الاستنسابية في تصدير القرارات، والتي تربك الساحة الشيعية بين الفترة والأخرى، أحدثت خضة وأثارت غُبرة حول ما يقرب من خمسين شيخاً حتى الآن من مشايخ الشيعة في لبنان، عبر قرارات مماثلة في السنوات العشر الأخيرة، منذ عودة الشيخ عبد الحليم شرارة إلى أحضان المجلس الشيعي، بعد أن كان الإمام عبد الأمير قبلان قد رفض وجوده بعد موت الإمام محمد مهدي شمس الدين، وكانت عودته بوساطة من المفتي الشيخ حسن عبد الله.

وكانت أكثر قرارات الهيئة المذكورة مثار جدل في حياة الإمام الراحل قبلان، الذي حاول تجريد مدير الهيئة من صلاحياته، كما سعى جهده لاستلام زمام توزيع الهبة الشهرية على المبلغين من مشايخ المجلس، والهبة هي عبارة عن مقطوعة مالية، كان مدير هيئة التبليغ ومن حوله يتصرفون بها بدون وضوح ، وكان بري يقدمها شهرياً للمبلغين من مشايخ المجلس، وهي عبارة عن مئة مليون ليرة لبنانية، بحساب ما قبل الأزمة المالية التي يمر بها النقد في لبنان منذ ثلاث سنين. ولكن هذه المقطوعة المالية الشهرية كانت تصرف بغير وضوح، وقطعت عن أكثر المبلغين من مشايخ المجلس، مما دفع بري للتوقف عن تقديمها قبل خمس سنوات تقريباً، فحرم سلوك مدير الهيئة ومن حوله مئات المبلغين من مشايخ المجلس من هذه المقطوعة المالية، التي كان ينبغي أن تسد رمق الكثيرين منهم ..

استهداف رموز دينية فاعلة

ومن المستهدفين بقرار هيئة التبليغ اليوم الشيخ ياسر عودة الذي يعتبر صوت مرجعية المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله من خلال برامجه عبر قناة الإيمان الفضائية، ومن خلال محاضراته عبر منبر مسجد الإمام السجاد في ضاحية بيروت الجنوبية، وبرامجه الفقهية عبر أثير إذاعة صوت البشائر التابعة لتيار مرجعية السيد محمد حسين فضل الله ..

ومنهم اليوم الفقيه الشيخ يوسف حسن كنج المشتغل بتأليف أكبر موسوعة فقهية إستدلالية من بين علماء الدين الشيعة في لبنان، وهي موسوعة : ” مستند منهاج الصالحين “، والتي شهد له فيها بالفقاهة فقهاء حوزات النجف الأشرف وقم المقدسة وجبل عامل المبارك ..

هذه الاستنسابية في تصدير القرارات، أحدثت خضة وأثارت غُبرة حول ما يقرب من خمسين شيخاً حتى الآن من مشايخ الشيعة في لبنان عبر قرارات مماثلة في السنوات العشر الأخيرة

وكان من بين تلك القرارات قرار نزع الصفة المشيخية، عن قارئ العزاء الشهير الشيخ محمد شرارة، مما تسبب للأخير بأزمة مع السلطات العراقية، وقد رد الأخير ما ورد في قرار الهيئة المذكورة، بنشر فيديو لتقليده العمامة من قبل مرجع كربلاء السيد محمد تقي المدرسي.

ومثل هذه القرارات “الهمايونية” الارتجالية تُظهر نزعة شخصانية وفردانية في ممارسات الهيئة المذكورة، تستدعي من رئاسة المجلس الشيعي وضع حد لممارستها، بعزلها عن النطق باسم الشيعة، كونها أحدثت وتحدث كل فترة خضات عنيفة في الشارع الشيعي الذي هو بغنى عن كل ذلك في الوقت الراهن على أقل التقادير، ولم يكن هذا منهج مؤسس المجلس الشيعي ورئيسه الأول الإمام القائد المغيب السيد موسى الصدر، في معالجة القضايا والمشكلات الحوزوية، كما لم تكن هذه طريقة الإمامين الراحلين شمس الدين وقبلان في معالجة المشكلات المشيخية الشيعية ..

ومن المؤكد أن بعض هذه القرارات الصادرة عن الهيئة المذكورة، تستدعي المساءلة القانونية كونها تسببت بأذى وضرر بالغين، للعديد من رجالات الدين في البيت الشيعي ..

السابق
«المجلس الشيعي».. «حديقة خلفية» لولاية الفقيه!
التالي
الدولار في السوق الموازية.. كم سجل مساءً؟