جلسة حول «الإدارة الذاتية» في «منتدى جنوبية».. فوزة اليوسف: التجربة الكردية نموذج لترسيخ حالة الديمقراطية

تعتبر الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا نموذجاً عن الحكم القائم على إرادة الشعوب في العيش المشترك والدفاع عن نفسها، وسط مطلق الحرية لجميع المكونات والأديان والشعوب وحتى الجندرة بين الرجل والمرأة بشكل ديمقراطي، وهو ما أضاءت عليه جلسة حوار أقامها "منتدى جنوبية" مع عضو هيئة الرئاسة للاتحاد الديمقراطي في شمال شرق سوريا فوزة اليوسف التي قدمت عرضاً مسهباً عن نشأة هذا النظام الخاص بالأكراد، مروراً بدخوله حيّز التنفيذ، وصولاً الى التحديات التي تواجهه على مدار السنوات الماضية، خصوصاً أن الشعب الكردي كان ولا يزال في حالة قتال دائم ويعاني من أزمة وجود.

شكّل مستقبل تلك التجربة وانعكاساتها على المنطقة ومستقبل الأكراد، في ظل العقبات التي تواجه تطبيقها محور الجلسة التي أقيمت في مكتب “جنوبية”، في حضور رئيس تحرير موقع “جنوبية” الصحافي علي الأمين، الزميل حسن فحص، الزميل مجيد مطر، الزميل وسام الأمين، الدكتورة سيلفا بلوط، الدكتورة نوال الحوار، نضال أبو شاهين وشخصيات.

يجب اجتراح حلول جذرية وسبب الازمات هو انتشار الدول القومية


أدار الجلسة الدكتور علي خليفة الذي عرّف بدور الاتحاد والمتحدثة في نقل صورة تلك التجربة، واعتبر “أن الحوار يعاين تجربة واحد من أهم احزاب المعارضة الكردية اليوم في سوريا، ويتطرق إلى قضية الشعب الكردي، بكل تشعباتها وتحولاتها بدءاً بالاعتراف الدستوري بالحقوق الكردية، والحكم الذاتي الديمقراطي وصولاً إلى مساعي الولادة الذاتية في مقابل الفيدرالية، بالإضافة الى شرح المسار المتشعب لها والعلاقة مع النظام السوري وبقية أطراف المعارضة والعلاقة مع تركيا”.

عضو هيئة الرئاسة للاتحاد الديمقراطي في شمال شرق سوريا فوزة اليوسف

اليوسف: ما يحدث في سوريا فوضى يمكن استغلالها كي تساعد على تغيير الواقع ايجاباً

تعيش المنطقة في وضع سيئ، في ظل وجود أزمة بنيوية تؤثر على بلدانها إن في لبنان أو سوريا أو العراق بحسب اليوسف التي أكدت “وجود أزمة سياسية اقتصادية وازمة اجتماعية وثقافية، وتغيير النظام، يتطلب خطوات تكتيكية والقيام بأمور اصلاحية لا يخدم المرحلة الحالية، لذلك يجب اجتراح حلول جذرية”، لافتة الى أن “سبب الازمات هو انتشار الدول القومية التي أصبحت بلاء على شعوب المنطقة حيث تختلف أسماء البلدان إن لبنان أو تركيا أو سوريا أو العراق أو إيران ، ولكن القضايا تتشابه جداً”.

خلال الجلسة الحوارية


واعتبرت “أن القضية الكردية كما القضية الفلسطينية والقضايا المذهبية أصبحت جرحاً في المنطقة، والمسألة الاساسية أن الدولة القومية التي تشكلت خلال القرن الماضي بمذابح وابادات شعوب انقرضت او على حافة الانقراض كالشعب الارمني”، لافتة الى “أن الشعب الكردي الآن في حالة قتال دائم، كما أن الشعب العربي وان كان لا يعاني من أزمة وجود كالشعب الكردي، ولكنه يعاني من ازمات سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة”.


وقالت اليوسف:” مئة سنة نعيش هذا الواقع، ونحن في المنطقة نتشابه مع بعضنا، كلنا نريد التغيير، ولكن عندما نصل إليه نهرب منه، وهناك تناقضاً بين كلامنا وعقولنا، والسؤال من أين يجب أن نبدأ إذ هناك أزمة كبيرة، كوننا لا نعلم ما نريد”.

رئيس تحرير موقع “جنوبية” الصحافي علي الأمين، والصحافي حسن فحص

هجوم داعش وجبهة النصرة على شمال سوريا حرك العرب والكرد ليتحدوا


اضافت:” نحن في شمال سوريا حاولنا أن نعرف ما الذي نريده، وحسب تشخيصنا، فإن الدولة القومية لا تلبي حاجات المنطقة بشكل عام، والمطلوب تغييرها بشكل جذري”، وتحدثت عن “نشأة الاتحاد الديمقراطي في شمال شرق سوريا ورسالته وبرنامجه لترسيخ الديمقراطية”، مشددة على “أن ما يحدث في سوريا فوضى يمكن أن نستغلها كي تساعد على تغيير الواقع ايجاباً، وهجوم داعش وجبهة النصرة على شمال سوريا، حرك العرب والكرد كي يتحدوا دفاعاً عن وجودهم، فالظروف لا تكون متوافرة كل يوم وفي كل مكان وفي كل وقت”.


ولفتت اليوسف الى “أنه تم تشكيل مجالس الإدارة الذاتية، وكان هناك وثيقة تفاهم لصيانة عمل اجتماعي مشترك”، واعتبرت “أن هجوم النصرة على المنطقة ومن ثم داعش، أديا الى نضج بين المكونات المحلية، وبعد تحرير المناطق تنامى تشكيل المجالس المحلية لإدارة أمور المؤسسات والخدمات، ما مهد الطريق لإقامة الإدارة الذاتية ومن ثم صياغة العقد الاجتماعي، بعد اجتماعات عدة بمشاركة كل المكونات واستفتاء الناس قبل عرضه على المجلس العام”.
وأوضحت “أنه تم الوصول الى المرحلة النهائية من العقد القائم على مبادئ عدة، الأول هو أن الإدارة الذاتية هي جزء من سوريا، والثاني أن الإدارة الذاتية تأخذ شرعيتها من شعوب المنطقة، أما الثالث فقائم على اعتماد الادارة الذاتية على النظام الديمقراطي الذي يأخذ حرية المرأة بعين الاعتبار ويكون هناك حرية لكافة المعتقدات، بالإضافة الى 35 مبدأ تم التركيز فيها على حرية الشعوب في اختيار لغتهم بشكل حر”.
واعتبرت “أن مسألة الحقوق والحريات تم صونها في العقد، كما الرئاسة المشتركة بين المرأة والرجل في مجالس الإدارة الذاتية”، مشددة على “أن تلك التجربة هي نموذجاً لترسيخ حالة الديمقراطية”.

الدكتورة سيلفا بلوط

كان هناك وثيقة تفاهم لصيانة عمل اجتماعي مشترك في مجالس الإدارة الذاتية

وتناولت اليوسف “التحديات التي تواجهها تطبيق الإدارة الذاتية التي اعتمدت على مصطلح الأمة الديمقراطية لزعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان”، مشيرة الى “أن تم العمل على نشر توعية فكرية بين الناس لاطلاعهم على حيثيات تطبيقها والقواعد اللازمة من أجل الوصول الى الغاية، في ظل السباق مع الوقت والضغوط والحرب التي تحاصر تلك الحالة من قبل أطراف خارجية”.


ورأت “أن الخطر الأمني هو من أكبر التحديات، وتجربة داعش أفادت خطة المواجهة”، وتحدثت “عن اختلاف الموازين وعدم الوصول الى حل داخلي في سوريا حيث لم يتم قطع العلاقة مع الحكومة الرسمية للنظام لتداعيات فرضتها الأحداث الأمنية، كما عن العلاقة مع المعارضة السورية والتباين في قضية اسقاط النظام وقراء المشهد بحكم اختلاف الوضع في البلاد عن بقية الدول العربية”، لافتة “الى أن الأولوية كانت حماية منطقتنا واعادة بنائها”.


وأكدت اليوسف “أن الحل الذي نريده هو ضمن الدولة السورية، والعروض التركية والروسية وبقية الدول أظهرت أن لا حل قريب، وطلبنا وساطة من أجل بناء ارضية مشتركة للوصل الى مخرج مع الحكومة السورية وبقية الأطراف”، مشددة على “أن الأزمة تتطلب مقاربة من منظور قائم على الشراكة والديمقراطية”.

الدكتور علي خليفة

نقاش زاخر وأجوبة على التساؤلات

لم يكتف الحضور بما قدمته اليوسف في عرضها، فأجابت حول تساؤلات حول امكانية تطبيق الإدارة الذاتية في مناطق أخرى والعلاقة مع الأكراد في بقية المناطق وتعريف القوميات، فأوضحت أن “سوريا والمنطقة بحاجة الى نظام سياسي جديد قائم على اللامركزية، ونظام الإدارة الذاتية هو النموذج لترسيخ الحالة الديمقراطية وتحويلها الى ثقافة واسلوب حياة والسعي الى تطبيقه في مناطق أخرى”.
وأشارت الى “ان العلاقة بين الأكراد الموزعين في بلدان عدة مختلفة فكرياً وسياسياً واجتماعياً”، مشددة على “أن المشكلة تكمن في توحيد القومية والدولة القائمة على السلطة التي اعتمدت على التسلط”.

السابق
دعوة للرئيس الإيراني لزيارة السعودية… بن فرحان من طهران: لخلو المنطقة من أسلحة الدمار الشامل
التالي
كم بلغ سعر صرف الدولار مساء اليوم؟