مقاربة سياسية نفسية تحليلية.. منتدى «جنوبية» يتصدى لخطر «استحواذ الهوية الحزب طائفية على الوطنية»

تعرض المجتمع اللبناني، خلال الأعوام المنصرمة، لارتجاجات عميقة أدت الى طغيان الشكل الطائفي للصراعات الاجتماعية على مضمونها الطبقي والسياسي، ما فتح المجال أمام تساؤلات حول وجود هوية وطنية لبنانية، فرضته الأحداث المتتالية التي أدت الى الوصول نحو نقطة تحوّل تاريخية في تلك الهوية الوطنية الواقعة في دائرة الخطر الدائم بحكم المتغيرات، إن لم يكن الإندثار بفعل غلية الهوية الحزبية المذهبية.

“الى أي مدى تستحوذ الهوية الحزب- طائفية على الوطنية اللبنانية؟”، سؤال حول اشكالية تغيب عنها عناصر دقيقة لتفسير مدى توسعها، في ظل التداخل الحاصل في لبنان، وبغية الإضاءة على الدوافع والتداعيات، نظم منتدى “جنوبية” ندوة تضمنت مقاربة سياسية – نفسية حول الموضوع، من خلال قراءة مفصلة قدمها الباحث الصحافي مجيد مطر وأستاذة علم النفس الدكتورة سيلفا بلوط، وتناولا فيها أسباب ونتائج اندثار الهوية الوطنية وتنامي الهويات الطائفية التي شرذمت الوطن وشوهت عقلية المواطنين.

أدار الندوة التي أقيمت في مكتب “جنوبية” الدكتور علي خليفة، وتخللها نقاش مع المتحدثين ومداخلات لكل من رئيس تحرير الموقع علي الأمين، الزميل وجيه قانصو، جعفر فضل الله، العميد حمزة خلف، الشاعر شوقي بزيع، تابيتا ملعب، علي جوني حول انعكاسات وغلبة الانتماءات الحزبية والطائفية على الهوية الوطنية في لبنان.

خليفة: الهويات الأحادية هي هويات اقصائية قاتلة

انطلق خليفة في تقديمه للندوة بالإشارة الي أن” الهوية مفهوم متعدد الأبعاد أريق الكثير من الحبر على تقاطعاته مع علوم شتى، في طليعتها العلوم السياسية والتاريخ وعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي وعلوم التربية وغيرها”، مشيراً الى أن “إحدى مقاربات علم النفس الاجتماعي مثلا، تربط الهوية بتمثلات الناس أو تصوراتهم عن ذواتهم وعن الآخر فأصبح الهوية إحدى المكونات، بل النواة المحورية لتصورات الأفراد عن المواطنية”.

واعتبر أنه “اذا ما وددنا ربط المواطنة كمنظومة بالديمقراطية كنظام سياسي، تصبح الهوية مركبة غير قابلة للاختزال بمكون واحد، فالهويات الأحادية سواء أكانت دينية او ثقافية او سياسية، هي هويات اقصائية، هويات قاتلة كما يصفها الأديب اللبناني الفرنسي امين معلوف”.

خليفة: الهوية الوطنية هي الرابطة التي تسعى إلى تقديم دور الدولة كجهاز ناظم للمجتمع

وشدد خليفة “على أن الهويات الأحادية تلغي فرص الالتقاء على جامع مشترك، فيما الهويات المركبة تفتح الباب امان تقاطعات ضرورية للانسانية والمواطنية”، كما رأى “أنه لا ضير ان تتضمن مركبات الهوية ودوائر الانتماءات المتعددة للمواطن الفرد التزامات سياسية وحزبية ومشاعر انتماء دينية وخيارات ثقافية واجتماعية، بل كل ما يجعل المواطن الفرد ان يكون ذاته”، وقال:” هذه هي الهوية” ان تكون ذاتك” على حد تعبير مارسيل غوشيه في تقديمه لمقاربة متجددة للهوية في كتابه الدين في الديمقراطية”.

وأوضح “أن الهوية الوطنية، على وجه الخصوص، هي الرابطة التي تسعى إلى تقديم دور الدولة كجهاز ناظم للمجتمع وفي ذلك المصلحة العامة للمواطنين الأفراد والجماعة الوطنية، فلا تتم تجزئة أدوار الدولة او مصادرها في الأمن وفي الدفاع، في الاقتصاد وفي المجتمع ولا تنشأ بموازاة الدولة وعلى جثة أدوارها ووظاذفها دويلات تتنازع في ما بينها الغلبة”.

خليفة

مطر: تتصدع الوطنية اللبنانية نتيجة للانقسامات السياسية والطائفية الداخلية

غاص مطر في البعد السياسي لمجموعة من الإشكاليات التي يعاني منها المجتمع اللبناني منذ لحظة قيام دولة لبنان الكبير الى يومنا هذا، وهي إشكاليات تدخل مباشرة في علم السياسة بصفته علم الدولة بما تحتويها هذه الدولة من ظواهر وسلوكيات وصراع واختلافات، فأوضح أنه “يُعدّ موضوع الهوية الوطنية في لبنان من المواضيع المهمة والشائكة، لكونها تتعلق بالاستقرار السياسي وبناء المواطنة، التي لا تترسخ الا بفعل الانتماء الحقيقي للدولة والوطن، مع أهمية التنوع والتعدد، في دولة القانون والمؤسسات”، لافتاً الى “أنه عند اصطدام الوطنية اللبنانية مع أي وطنية أخرى تتصدع الوطنية اللبنانية نتيجة للانقسامات السياسية والطائفية الداخلية”.

ولفت الى أنه “يرتبط مصطلح المواطنة موضوعيا بمصطلحات الوطن والمواطن والوطنية، كما وأن مفهوم الهوية والانتماء الوطني لا يمكن تناولهما الا من خلال الدولة بمعناها الحديث، وعلاقتها بشعبها، فشخصية الدولة هي انعكاس وتبلور اجتماعي سياسي للهوية الوطنية”.

مطر: اضعاف الهوية لم يأتِ بشكل تلقائي بل تم من خلال ممارسات السلطات المتعاقبة واحزابها الطائفية

وتطرق مطر الى “دور فرنسا البارز في تأسيس الكيان اللبناني، حيث وضعت الدستور دون أن يعبّر بالضرورة عن قيم وثقافة الشعب اللبناني الذي عانى من انقسام ثقافي وسياسي حيال هوية لبنان وانتماء شعبه”، مشيراً الى “أنه بقدر ما لعبت الدولة دوراً في خلق ازمة هوية رافقت تاريخ لبنان المعاصر، فإن المحيط العربي أيضاً ساهم في تلك الازمة نتيجة للطريقة الفوقية التي تعاطوا فيها مع لبنان”.

وجزم على “أنه لم تكن الهوية اللبنانية وحدها مدار اختلاف، بل أضيف اليها فكرة نهائية الكيان وما حملته من مضامين عصية على التجاوز، كما تُعتبر الطائفية في لبنان مفردة شديدة الحضور في حياته الاجتماعية والسياسية واقعيا ومن خلال الذاكرة، لكونه بلدا مكونا من خليط سكاني، يجعل من هويته إشكالية حاضرة بقوة، على الرغم من تحدث الدستور عن فكرة الغاء الطائفية وتولي المناصب من خلال الكفاءة وليس الولاء الزبائني”.

ورأى مطر “أنه تعتبر الهوية عنصراً مهماً ومؤثراً في شكل ومحتوى بناء الدولة وانتظام حياتها السياسية، فهي تساهم في استقرارها او في تشظيها، وتشرذم وحدتها واندماجها”، ولفت الى أن اللغة تلعب دوراً في خلق تمثلات ومشتركات تفاعلية بين افراد الشعب، أما العنصران الآخران أي الحدود والسيادة لا يقلان أهمية عن عنصر اللغة، فمن خلالهما نستطيع أن نمارس مواطنيتنا في مأمن وحماية الدولة”.

واعتبر أنه “من نافل القول أن الهوية الوطنية لدى المواطن اللبناني قد تعرضت للكثير من التشويه، من خلال اصرار زعماء الطوائف على تقديم هويته الفرعية على هويته الأم التي يكتسبها من خلال الانتماء الوطني”، وقال:” وبهذا فإن اضعاف الهوية لم يأتِ بشكل تلقائي، بل تمت هذه العملية من خلال ما تمت ممارسته من قبل السلطات المتعاقبة واحزابها الطائفية من ابقاء جذوة التفرقة مشتعلة بين اللبنانيين بقصد سهولة حكمهم وفرض حكم العائلة والتوريث السياسي دفع الكثير من المختصين بوصف الشعب اللبناني بأنه ضعيف البنية الاجتماعية بفعل الطائفية وسيادة الذهنية الابوية عند صناع القرار”.

وتناول مطر “دور الأحزاب في تكريس الانتماء الطائفي كأولوية على الانتماء الوطني، وبناء الحواجز النفسية المانعة للتفاعل الانساني بين الافراد والجماعات، معززة الهوية الفرعية والولاءات المصلحية”، مشيراً الى “أن الدولة اللبنانية، ونتيجة لذلك، عجزت عن بناء هذه المواطنة، كونها تخلت عن مبدأ الحماية للفرد المواطن وعاملته كتابع لطائفة من طوائف لبنان وقد تنازلت عن حقها بحمايته لتلك الطوائف، فضلاً عن أن هذا الواقع قد يؤدي الى سهولة التدخل الخارجي، فبقدر ما يكون الانتماء الوطني مستندا الى ركائز الهوية والمواطنة كمناعة تعبر عن ثقافة سياسية متماسكة، يمكن صد ذلك التدخل بشؤونها من خلالها، والعكس صحيح، وهذا الامر لا يقتصر على لبنان فقط، فهو يمتد الى غالبية العالم العربي”.

وإذ رأى أن “الوضع الحالي بائس، إلا أنه كان متوقعاً، فمنذ البداية، كان النظام الطائفي الذي شُكّل في البلاد مليئاً بالعيوب، وقد أعطى الأولوية للجماعات الطائفية على حساب المواطنين، ما منح تلك الجماعات حضوراً مادياً لم يكن يوماً يهدف هذا النظام إلى المساواة، بل إلى التوزيع غير المتكافئ للموارد والامتيازات ما صبّ في مصلحة الأوليغارشية الحاكمة العابرة للطوائف”، وقال:” اذا تعمقنا اكثر في مسألة الهوية والانتماء الوطني، نجد ان هناك ايضا مجموعة من الخبراء الذين اعادوا نصاب المسألة الى جادة الموضوعية والعقلانية، لناحية ان في لبنان يوجد الركيزة والبنية لبناء الشخصية الوطنية، إن وجدت الارادة المشتركة والرغبة في الافادة مما يجمع لا ما يفرق، فصحيح أن لبنان منذ لحظة تأسيسه قد دخل في حالة معقدة من الهواجس التي يمكن التعامل معها وحلها وهي ليست بتلك الصعوبة، خصوصا اذا ما تم اعادة تعريف لكثير من المصطلحات التي اخرجت من سياقها، وبناء ثقافات متعددة، انما في اغلبها مشوهة، خلقت الموانع النفسية والفكرية ادت الى خلل بنيوي في الانتماء الوطني”.

مطر

بلوط: النظام في لبنان سهّل بروز هوية الحزب طائفية لكي يضمن إيديولوجيته أكثر

في ظلّ نظام سياسيّ طائفي يسعى بكل قوته إلى تجذير هويته عبر الأحزاب الطائفية التي هي “ربيبة” له، شكّل تناول الهوية الحزبية عموماً، وسيّما الحزب طائفية واستحواذها على الوطنية اللبنانية، على أنه “تابو” مسكوت عنه، وفق ما أكدته بلوط التي اعتبرت “أنه لا يمكن التصويب أثتاء مقاربتها او تناولها فقط على الظروف الإقليمية، لأن في ذلك حجب الاهتمام عن ظروف لا تقل أهمية و تتمثل في الجانبين التربوي و النفسي اللذين يؤسسان لأرضية الاستعداد النفسي للمطواعية أو الخضوع أكثر، ناهيك عن الاجتماعي المتمثل في ظاهرة التداخل بين المجتمعين الأهلي والسياسي”.

وأوضحت أنه “تتبدّى مقاربة مسألة استحواذ الهوية الحزب طائفية على الوطنية اللبنانية، أو بالأحرى اجتياف الهوية الوطنية اللبنانية للحزب طائفية، من زاوية سيكولوجية ضرورةً لسببين رئيسيّين، الأول في أن الدراسات النفسية لم تعطِ الاهتمام الكافي لتناول ظاهرة دقيقة تطال ليس فقط الحياة السياسية للفرد، و إنما أيضاً الجانب النفسي منها، والثاني، يكمن في عرض الأواليات التي تدخل في عملية هذا الاجتياف للهوية الحزب طائفية وذلك للإسهام في فهم كيفية سيطرة الأحزاب الكائفية على العقول والبنى الفكرية في المجتمع اللبناني”.

بلوط: هناك قابلية نفسياً ليكون الفرد مطواعياً وخاضعاً وتغليب الهوية الطائفية سببه عدم الرضا عن الهوية الوطنية

وشدّدت بلوط على “أن تغليب الهوية الحزبية على الوطنية يعود سببه إلى عدم الرضا عن الهوية الوطنية الناجم عن أزمة هوية المجتمع”، وأشارت الى “أنه تستغل الأحزاب عموماً، و سيما الحزب طائفية، الجانب النفسي من حياة الفرد و تسعى إلى توظيفه واستغلاله و كأنها تنتهك فرادتها من خلال تكوينها “لأنا أعلى” خاص بها بحيث تدفع الأفراد إلى اجتياف أو لنقل استدخال لهويتها عبر تنشئة خاصة تحدد ماهو مقبول و مرفوض، حرام و حلال، أو دنس و غير دنس”.

وتطرقت الى ” توظيف الأحزاب الدينية لطبيعة البيئة اللبنانية البسيطة والساذجة و التي ما زال المقدس يشكل نواة قيمها”، وقالت:” يأتي اللجوء إلى المشاهد المسرحية للأحداث التي يجري فبركتها أو تعظيمها عن قصد أو تحويرها كأداة أو وسيلة للإطباق على عقول الشباب، وبدلاً من أن يكون المسرح مساحة تطهيرية يمكّن الأفراد من التخلص من عبء التوترات ، يصبح مساحة للأدلجة، وهكذا يغلب الولاء للطائفة”.
ولفتت بلوط الى “أنه تشكل أحلام الشباب بمجتمع مثالي يؤمن لهم الاستقرار على مستوياته كافة، مادة دسمة للأحزاب بحيث تطرح في سوق السياسة شعارات مثالية هي فارغة من مضمونها يمعنى أنها عديمة التطبيق واقعياً، ما يطرح استفهام حول استنسابية المثالي باعتبار أن كل بيئة تحدد وتطرح بعد ذلك، من منظورها، ماهو مثالي ، ومن هذا المنطلق يتحذر أكثر فأكثر الانقسام في المجتمع والذي بدوره يعزز الهوية العصبية التي تعد عرابة للولاء الطائفي”.

وأوضحت بلوط “أنه يرسم الحزب صورة مثالية عن نفسه، ويتهم غيره بالسوء عبر توظيفه للمنظومة الأخلاقية، إذ يرسم صورة عن الحزبي الآخر بأنه فاسد، وإذا ما وجد في صفوفه فاسدون، ينسب الأمر على أنه مؤامرة من الخارج”.

واعتبرت “أنه يأتي الطابع أو المنحى القطعاني، بمعنى تغليب السواد الأعظم للجماعة، خصوصاً في الأحزاب الشمولية، ولا يخفى الميل إلى القطيع موجود عند الكائنات البشرية، وهو ما نراه على شاشات التلفزة و سيما في الحشود ، بحيث يهتف الموالون لصالح الحزب أو رئيسه أو سيده وهم بذلك يعتقدون أنهم يهتفون لصالح الوطن، كما تأتي الشخصنة في الحزب وتزكية رموز معينة، ويأتي التعلق بالزعيم و التماهي به ليزيدان من التعصب، من دون اغفال أن الانتماء الفئوي والعشائري يعزز نزعة الحزب الطائفية”، مشيرة الى “أنه في الواقع لا يصل أحد إلى أي مركز إذا لم يكن حزبياً أو من خلال الهوية الحزبية التي هي بالأساس هوية طائفية، وهذا أمر طبيعي في لينان لذلك نرى من ينتمي إلى هذا الحزب أو ذاك يغالي بهويته الحزبي”.

ورأت بلوط أن “هناك الكثير من مثقفي الأحزاب امتلكوا أفكاراً و رؤى مختلفة، لكن لم يؤخذ بها حتى داخل الأحزاب المسماة باللاطائفية”، لافتة الى “أنه في البلدان المتقدمة الهوية الحزبية هي أضعف، فيما أضحى قسم كبير من اللبنانيين أسيراً لبعد واحد يتمثل في هوية حزبه الطائفية إلى مدى كبير إن لم يكن بالكامل”.

بلوط

نقاش حول المعضلة.. وتساؤلات مشروعة

شكّلت المقاربتان السياسية والنفسية للاشكالية مادة للنقاش بين الحضور الذين عرضوا تساؤلاتهم وهواجسهم المشروعة حول المعضلة، فاعتبر الدكتور وجيه قانصو “أن الأحزاب هي نتاج واقع ، والهوية العابرة تختلف عن الهوية الخاصة، ولا يوجد تصميم كاف للهوية الجامعة التي هي هوية قائمة بذاتها وليست مجموعة هويات، والأحزاب أتت نتاج واقع قائم بأن الدولة قائمة على اساس الانتماء الخاص وليس العام”، لافتاً الى ” أنه في ظل الهوية الملتبسة والدولة الضعيفة سيتم اللجوء إلى الهوية الخاصة، والأحزاب تستغل ذلك”.

قانصو

من جهته، رأى جعفر فضل الله “أن جوهر المشكلة في البنية منذ الاستعمار، وبالتحديد في الدستور اللبناني، ولا حلول قبل معالجة التركيبة الخاطئة الموجودة، وبالتحديد النزعة الطائفية، والتي نتج عنها أحزاب ورجل دين سياسيين تقاسموا الأدوار بما يتناسب مع مصالحهم ، ما أدى الى ضياع المواطن الذي أضحى ضائع من حيث الهوية”.

أما العميد حمزة خلف فأشار الى “أن الأحزاب كان ظاهرها جميل براق، ولكن أهدافها لا علاقة لها بظاهرها “، لافتاً الى أن “الهوية الوطنية هي التي تجمع الشعب اللبناني والدولة يجب أن تنتج قواسم مشتركة من أجل خلق التمسك والتلاحم بين اللبنانيين، والفراغ ادى إلى قيام الأحزاب، ولايمكن للنظام القائم ان ينتج للهوية الوطنية اللبنانية الجامعة”.

بدوره، جزم الشاعر شوقي بزيع “بأن معظم الطوائف لا ترى من الألوان إلا نفسها وهي طوائف عمياء، كما أننا نحن نصنع الهوية بأنفسنا وهي هوية متحركة وليست جامدة”، وقال:” حظنا كلبنانيين أن البلد لصغره وحساسيته تجتمع فيه كل الهويات المركبة، وهو أشبه بمختبر يتطلب مقادير مناسبة للوصل الى نتيجة خلاقة، الا أن وضع المقادير الخطأ تؤدي الى انفجاره كما يحصل إذ يتم وضعه في مصفاة طائفية”، لافتاً الى “أن النظام الحالي من أتفه الانظمة، ولكنه من أكثر الانظمة استعصاء على التغيير، وباستمرار النظام الطائفي يعود بنا الى الوراء بدليل أننا افتتحنا القرن بجبران خليل جبران واختتمناه بجبران باسيل”.

وسألت تابيتا ملعب أنه “عندما تكون الهوية دافعاً لإلغاء الآخر، كيف يمكن لهذه الهويات أن تتفق في ظل وجود نظام سياسي مكون أساسي لنظام الأمن والحرب ويعمل على إلغاء الآخر؟”.

وفي تعقيب على المداخلات، شدد مطر “أن الهوية يجب أن تخدم أهداف الوطن واستقراره والأهداف الإنسانية من دون إلغاء الوطنية”، مشيراً الى “أن أزمة البلد من الداخل كما الخارج ، والدستور اللبناني حضاري ولكن هناك غياب لتحمل المسؤولية من قبل الأحزاب والسياسيين”.

أما على جوني، فأوضح “أن كل اللبنانيين يحملون الهوية الوطنية بالمفهوم القانوني، أما الهوية الطائفية المذهبية فهي قائمة على عملية طمس واستعباد للفرد في سبيل الانتماء للزعيم والقائدو رجل الدين، ونحن اليوم أمام معضلة الغاء الهوية”.

وفي الختام، شكر رئيس تحرير الموقع علي الأمين المتحدثون على مقاربتهم للموضوع، وأشار “الى أن الشعب اللبناني حاول في محطات كثيرة إظهار الهوية الوطنية الجامعة، وربما في 17 تشرين سعى الى اظهار هذا المشهد”، وقال:” نحن محكومين من عصابة ومافيا”، لافتاً الى “أن المشكلة ليست في الدستور اللبناني، على الرغم من أنه قابل للتطوير، بل في وجود طبقة حاكمة تستحوذ على مراكز السلطة والقوة ، وتستعين بالخارج للمحافظة على نفوذها ووجودها”.

الصحافي علي الأمين
السابق
تصدى بجسده لجرافة اسرائيلية ضخمة..ابن كفرشوبا اسماعيل ناصر لـ«جنوبية»: هذه ارض أجدادنا وأبائنا!
التالي
الدولار «الأسود» على حاله.. هكذا أقفل مساءً