إحتفاء لذكرى رحيله.. باحثون في «جمعية المنتدى الوطني» في النجف يتبحرون في فكر العلامة الأمين

ندوة عن العلامة الامين
نظمت "جمعية المنتدى الوطني لأبحاث الفكر والثقافة"، حفلا تكريميا في مدينة النجف الاشرف يوم الجمعة في 2/6/2023، احتفاء بالذكرى الثانية لوفاة العلامة المفكر الاسلامي السيد محمد حسن الامين، وقد حضر الحفل حشد من العلماء والادباء والشعراء من لبنان والعراق، وتحدث فيه عدد من الباحثين والباحثات، سلطوا خلاله الضوء على النهج الفكري والأدبي الشعري للعلامة اللبناني الراحل.
سماحة العلامة الراحل السيد محمد حسن الأمين

الحقوق المدنية

رئيس “جمعية المنتدى الوطني للأبحاث والحوار” الدكتور في القانون الدولي والفقه المقارن عبد الأمير زاهد، عرف عن نفسه ايضا انه صديق حميم للسيد الراحل المفكر الاسلامي الأمين صاحب الذكرى، كانت له الكلمة الأولى في الحفل، فقال: “أحيي الروح العظيمة لسماحة السيد المحتفى به، فقد كنت ألتقي به عندما كنت في بيروت أتابع دراسة الدكتوراه في اليسوعية، وجرت بيني وبينه حوارات، وكنت أستمع كذلك إلى حواراته مع الآخرين، التقطت منها مسألة الحقوق المدنية، وكانت المسألة: هل الدين يستوعب الحقوق المدنية؟ وهل الدين أُنزل لصالح الإنسان، أم أن الإنسان هو مخلوق مصادر لصالح الخالق”؟

اقرأ أيضاً: في حضور علمائي وثقافي وإعلامي حاشد.. مؤسسة الخوئي بالنجف الاشرف تحتفي بذكرى العلامة الراحل الامين

وتابع: “السيد الأمين كان يؤمن بالفقه الانساني الذي يعنى بحقوق الإنسان وحريته منها حرية الاعتقاد، وهو ما جعله يصطدم بالنظرية التقليدية، التي لا تعترف الا بالعقيدة الاسلامية، فهناك حكم الردّة أي قتل من يتحوّل عن دينه، مع العلم أن الآية في القرآن تقول “لا إكراه في الدين”، وتنقض حكم الردّة الذي تبين أن مصدره أحاديث ضعيفة”.

الدكتور زاهد: برأي السيد الأمين فان الانسان المسلم يجب ان يكون حرا كي يكون جديراً باستخلاف الإنسان على الأرض كما اراده الله تعالى

وأضاف: برأي السيد فان الانسان المسلم يجب ان يكون حرا كي يكون جديراً، باستخلاف الإنسان على الأرض كما اراده الله تعالى، وقراءة التراث لدى السيد هي قراءة عقلانية ناقدة من أجل تنقية هذا التراث من مصادر الراديكالية والعنف”.

النزعة الدرامية لشعر العلامة الأمين

الدكتورة إيمان سلطاني في مقاربة نقدية لشعر السيد الأمين ركزت على النزعة الدرامية لشعره، فهو نظم بداية حسب قولها الشعر الذي يلتزم بالوزن والقافية، وكذلك نظم لاحقاً الشعر الحديث، والدراما نزعة واضحة في شعره وما تختزنه من صراعات.

وقالت: “عندما قرأت شعر السيد وجدت أنه يركز على الزمان والمكان معا، في مشاهد درامية ومنها قصائده الملتزمة التي تتعلق بكربلاء وغيرها. والحبكة في شعر السيد هي حدث صاعد في بعض قصائده، وحدث نازل في قصائد أخرى، وكذلك الصراع الدرامي الذي يتصاعد وينزل حسب مجرى الأحداث في القصيدة.

الفكر العلماني

الدكتورة نور الساعدي وفي نقد للفكر العلماني كون السيد الراحل كان يدعو إلى العلمانية المؤمنة، قالت ان “المشكلة الأساسية التي عرضتها أن هناك فرق كبير بين النظرية العلمانية والنظرية الإسلامية للحكم، ورأت أن العلمانية المستوردة من الغرب صدقها قوة الدين والمؤسسة الدينية، وهذا أدى إلى حدوث شرخ اجتماعي في المخيلات الإسلامية”.

فالدين برأي الساعدي “هو ثابت من ثوابت المجتمعات الإسلامية، وحاولت المؤسسة الدينية المعتدلة أن تقدم رؤية وسطية منها ما طرحه سماحة السيد، من طروحات مدنية ورؤية تنويرية، وعلمانية مؤمنة، وغيرها من النظريات المعتدلة والإصلاحية”.

الدكتور الجنابي: السيد الأمين أسس للتراث المعتدل، البعيد عن أسلمة العلوم وإحالة النشاطات البشرية نحو التأصيل الديني والرجوع بها إلى القرآن والسنة

التراث المعتدل

الدكتور عبد الله الجنابي قال: إن مدارس النجف الدينية حفلت بالتنوع الفكري والأدبي والثقافي. هناك حوارات جرت في منتصف القرن الفائت في العراق بين السنة والشيعة، أسفرت عن تحوّل البعض نحو العلمانية والماركسية وتشيّع بعض السنة وكذلك تسنّن بعض الشيعة.

وقال ان “السيد الأمين أسس للتراث المعتدل، البعيد عن أسلمة العلوم وإحالة النشاطات البشرية نحو التأصيل الديني والرجوع بها إلى القرآن والسنة والأحاديث الذي هو إصرار على استنساخ التجارب نفسها دون تطوير. فحسب السيد الأمين إن البديل هو الحوار الفكري والثقافي والتركيز فيها على القضايا الراهنة كالدولة والتعايش ونقل السلطات والإصلاح وغيرها من التجليات الحضارية”.

وأشار الى انه “من القضايا السياسية الجريئة التي نادى بها السيد رحمه الله، هي أن المقاومة ضد اسرائيل يجب أن تكون وطنية غير دينية، وأن السلاح يجب أن يكون حكراً على الدولة، وأنه يجب وأد الطائفية لأنها مصدر كل الفتن، ولما كان السيد ينتقد الفكر الديني وينادي بالعلمانية المؤمنة فإنه انتقد كذلك العلمانية المجرّدة الدغمائية المعادية للأديان.

المشاركون في اللقاء

وحول السلطة يقول “بنظر السيد الأمين أن السلطة الشرعية هي السلطة غير المستعبدة، وهي لا يجب أن تكون سلطة دينية تحكم بإسم الله، لأن للشريعة مقدسة في حين أن السلطة هي شأن بشري غير ديني وهي بالتالي ليست مقدسة”.

الدكتورة درويش: حدد السيد الأمين قوامة الرجل على المرأة أنها إدارية في الأسرة فقط وليست عامة مطلقة، وهذا لا يمنع وصول المرأة أي مواقع القرار في المجتمع

وضع المرأة الحقوقي في فكر السيد الأمين

الدكتورة رؤى الدرويش تناولت وضع المرأة الحقوقي في فكر السيد الأمين فقالت أن “هناك عدة محددات حول هذا الموضوع تطرق إليها السيد الراحل منها مبدأ القوامة، فقد حدد السيد الأمين قوامة الرجل على المرأة أنها إدارية في الأسرة فقط وليست عامة مطلقة، وهذا لا يمنع وصول المرأة أي مواقع القرار في المجتمع، ولا يوجد لدى السيد أي اعتراض على مسألة تمكين المرأة وتهيئتها علماً وثقافة كي تتبوّأ المناصب العامة”.

الدكتور حسنين جابر الحلو: ان الديمقراطية عند السيد الأمين هي واحدة من المثل العليا التي تهيء المساحة المناسبة لحقوق الإنسان

الديمقراطية في فكر العلامة الأمين

الدكتور حسنين جابر الحلو تناول خلال الندوة “الديمقراطية كضرورة في فكر العلامة الأمين، فقال: “ان الديمقراطية عند السيد الأمين هي واحدة من المثل العليا، التي تهيء المساحة المناسبة لحقوق الإنسان، مع العلم أن السيد يعترف في أحد مقالاته أن الشعوب العربية غير ما زالت قاصرة عن فهم المعطى الديمقراطي الليبرالي، وأن شعوبنا ما زالت تعيش في عصر ما قبل الحداثة”.

وأضاف”: مع العلم أن السيد ناصر الربيع العربي الذي شكل بارقة أمل برأيه، قبل أن يفشل بسبب عدم الوعي لوجود سيادة الديمقراطية لا بد منها لنهوض الأمة، وبسبب تآمر القوى الدولية لإفشالها، كما ذكر السيد ثلاث مسائل مهمة هي: أعادة الاعتبار للعقل، الحرية، التمييز بين الحق الإلهي والوضعي في السلطة، في كتابه الاجتماع العربي الإسلامي”.

اقرأ أيضاً: وجيه قانصو يكتب ل«جنوبية».. العلامة الأمين: أثر يمكث في الأرض

نجل العلامة الراحل رئيس تحرير موقع “جنوبية” الصحافي علي الأمين، توجه بالشكر الى الحضور ورئيس المنتدى الدكتور عبد الأمير الزاهد، وقال “إن السيد الأمين كان يعشق الاختلاف في بيئتنا، في زمن ربما أصبح فيه الاعتدال غير مقبول، كان السيد يحمل همّ هذه العناوين والقضايا التي طرحها الأخوة المحاضرون والأخوات، وهي قضايا خلافية بعضها كان خروجاً عن المألوف وبالتالي كانت مكلفة بالنسبة إليه”. ولفت الى ان “السيد كان في تكوينه النفسي بشخصيته المعتدلة والأدبية والشاعرية، يجمع بين نشاطه الديني والاجتماعي، وبين الكتابة والقراءة في المواضيع العامة، وكان يحظى باحترام وإعجاب النخب المتنوعة، وكان يقدم الصورة الإسلامية التي تكسر النمطية فتثير إعجاب الآخر”.

السابق
سيدة الجبل والمجلس الوطني لرفع الاحتلال: مقاربة المعركة الرئاسية يجب أن تتجاوز الأسماء
التالي
خاص «جنوبية»: أسعار الإنترنت ترتفع أكثر من 7 أضعاف!