قمة التطبيع العربي مع القتل

غسان صليبي

انظرُ إلى القمة العربية
في جدة،
بعيون الفلسطينيين
والسوريين
واللبنانيين.

بعد أن طبّع الحكام العرب
مع الاحتلال الإسرائيلي،
ها هم يطبّعون
مع نظام الأسد في سوريا.

كان لا بد من البدء
بفلسطين،
أليست قضية العرب الاولى
وحقوق شعبها
تستحق التصفية
قبل الانتقال
الى دهس
حقوق شعب عربي آخر؟

جاء اليوم دور
الشعب السوري،
فدُعي حاكمه المستبد
الى القمة العربية
بعد مقاطعة دامت
اكثر من عقد من الزمن.

قرار التطبيع مع الاسد
أُتخذ منذ زمن،
لكنّه كان يحتاج لحجة مقنعة،
وقد جاءته على شكل زلزال
قتل الكثير من السوريين
ودمّر منازلهم وممتلكاتهم على رؤوسهم،
مما حرّك “عواطف” الحكام العرب
ودفعهم نحو التطبيع مع النظام.

المفارقة ان مقاطعة نظام الأسد
تحججت في حينه،
بأنه يقتل شعبه
ويدمّر بيوتهم وممتلكاتهم
على رؤوسهم،
اي ان ما فعله الزلزال
فعله الأسد من قبله،
ولا يزال يفعله حتى اليوم،
وعدد قتلاه أكثر بكثير من الزلزال،
والدمار الذي تسبب به أشمل وأعمّ.

حجة التطبيع
مع الأسد
تافهة،
حتى ولو تلبّست ضمنيا
هدفا “ساميا”
من مثل إبعاده عن ايران
وتقريبه من العرب.

الحجة
تحاول ان تغطّي
على البشاعة ببشاعة أخرى،
وعلى مآسٍ بمآسٍ أخرى.

وكأنّ صوت الزلزال
أُريد له ان يصمّ الآذان عن سماع
أنين الأسرى والمفقودين
في سجون الأسد.

وكأن التصدّعات
التي أحدثها الزلزال
في الأرض السوريّة،
أُريد لها ان تحجب الصورة
عن تصدّعات المجتمع السوري
نتيجة حرب الأسد على المعارضة السوريّة.

وكأن الحزن
الذي خيّم على الشعب السوري
نتيجة الزلزال،
أُريد له ان ينسي العرب الحزن
الذي لم يفارق السوريين منذ 13 سنة.

في جوهر سلوكهم،
الحكّام العرب يطبّعون
اليوم كما بالأمس
مع القتل،
قتل السلطات العربية
لشعوبها،
وقتل الإحتلال الإسرائيلي
للشعب الفلسطيني.

إنه تطبيع مع القتل،
بإسم الدين
والعروبة
والسلام.

قيل أن هذه القِّمة
هي “قمة حل جميع المشاكل”،
والمقصود المشاكل
بين الحكام طبعا،
اما مشاكل الشعوب
مع حكامها،
مشاكل الحرية والديمقراطية
والعدالة الاجتماعية،
فهي لا تُعتبر مشاكل
بل افضل الحلول،
لدوام حكم
الانظمة العربية المستبدة.

بعد التطبيع مع الأسد
في قمة التطبيع العربي مع القتل،
سيأتي دور التطبيع
مع سلطة الامر الواقع في لبنان،
ورفعها الى مستوى
السلطة الرسمية.

فلا بد أن يُتوج القتل
رسميا،
ويأخذ مكانته
التي تليق
بموتاه الأحياء.

السابق
انخفاض طفيف للدولار «الأسود» صباحاً.. هكذا افتتح السوق الموازية
التالي
«أثر لحفظ الارشيف» يُعيد زمن الكلية الجعفرية الجميل في صور.. بالابيض والاسود!