المؤرخ البيروتي حسان حلاق يرحل وينضم الى تاريخ المدينة الأزلي!


خبر محزن يملأ فضاء المدينة ، وفاة رجل من رجال العاصمة بيروت ، المؤرخ الحافظ والجامع لتاريخ المدينة،بكل أحيائها شوارعها ورجالها وأهلها.
الدكتور حسان حلاق، يختم تاريخه وينضم الى رحابة التاريخ الذي دوّنه بحبر صبره ومتابعاته واستكشافاته. وينتقل جثمانه الى
مثواه الأخير في تراب العاصمة التي أحبته وأحبها.
ولد الراحل عام 1946 في منطقة الطريق الجديدة، حصل على دبلوم في الدراسات الاسلامية، وماجيستر في التاريخ عام 1977، ثم الدكتوراه من جامعة الاسكندرية عام 1981، له العديد من المؤلفات ترجم بعضها الى اللغتين الانكليزية والالمانية،حائز على جائزة الاسكندرية التقديرية عام 2007، متزوج وله ولدان و3 بنات.
أهم مؤلفاته: “دور اليهود والقوى الدولية في خلع السلطان عبد الحميد الثاني عن العرش 1908 – 1909″،”تعريب النقود والدواوين في العصر الأموي”، “دراسات في تاريخ لبنان المعاصر 1913 – 1952″، “بيروت المحروسة في العهد العثماني”، “تاريخ الشعوب الإسلامية”، “موقف الدولة العثمانية من الحركة الصهيونية، 1978”
استكشف المؤرخ الراحل حسان حلاق عميق التاريخ البيروتي، ويروي ملامح من التاريخ: كيف كانت بيروت العثمانية؟
ومما رواه في كتاباته :”نهرب من الحاضر لنغوص في الماضي لاكتشاف بعض ملامح بيروت، من حي الرمل الى حي الغلغول.”
ويروي في كتابه “بيروت المحروسة في العهد العثماني:” بدءاً من حي الرمل “أو محلة الرمل”، وهي التي تُعرف اليوم بمنطقة الصنائع، وما يجاورها من أحياء الى الجهة الجنوبية التي كانت مثلها أحياء رملية، ومن هنا جاءت تسمية منطقتي “رمل الظريف”، حيث عائلة الظريف، و”رمل الزيدانية” حيث عائلة زيدان، وكانت تستخرج من هذه المناطق الأحجار الرملية من المقالع الموجودة فيها.”
كما كتب حلاق أن “منطقة الرمال لم تتطور إلا منذ بداية القرن العشرين بعدما شرع بعض المسلمين في بناء بيوت لهم في هذه المناطق، وبعدما أُنشئ مكتب الصنائع والتجارة الحميدي، الذي تحول إلى مدرسة الصنائع، وجرى تدشينها في 19 آب (أغسطس) 1907”.
روى حلاق في وصفه المكان أنه “في منطقة الرمال – الصنائع، كانت المزارع والحقول متعددة الأصناف الزراعية ومنها بساتين القنطاري مثال بستان كل من رزق الله، الموراني، والبلحة(…) بعد تطور هذه المنطقة، شعر المسلمون بلزوم بناء جامع لهم، فبنوا جامعاً في محلة القنطاري عام 1900، وقيل إنه في عام 1905، وكان على نفقة أهل الخير، وبسعي الشيخ عبدالرحمن الحوت نقيب السادة الأشراف”.
ومما يرويه الراحل أن “الشيخ الحوت سعى مع أهل الخير الى بناء مسجد آخر في محلة الرمال، هو جامع الرمل والمعروف بجامع الزيدانية، وذلك عام 1908، والذي هُدم منذ أعوام قليلة…”.
وعن “زقاق البلاط” في بيروت… يروى حلاق أنه “سوقاق” بالتركية، وهذه المنطقة من الأحياء المهمة المستحدثة في القرن التاسع عشر بعد تطور مدينة بيروت العثمانية”، مشيراً الى أن “زقاق البلاط كانت القريبة من البلد ومن سورها تتبع جغرافياً منطقة مزرعة القنطاري”.
ويستكشف أن “زقاق البلاط امتازت حينذاك بطابعها الأرستقراطي، وبنيت فيها القصور ذات السقوف القرميدية، التي لا يزال بعضها قائماً الى الآن…”.
وذكر أن “قنصل ألمانيا الجنرال شريدر وقنصل اليونان الموسيو “لوندوس”، سكنا في هذا الحي، كما تمركزت في هذه المنطقة بعض الأسر البيروتية مثل بيهم وحمادة المصرية الأصل”.
ومن ملامح هذه المنطقة، وفقاً للراحل، مسجد زقاق البلاط، المدرسة الوطنية لمؤسسها المعلم بطرس البستاني عام 1863، مدرسة المرسلين الأميركيين، مدرسة راهبات الناصرة، مدرسة مار يوسف، المدرسة البطريركية، والمدرسة الإنجيلية…”.
ويلفت في روايته إلى أن “المسؤولين الأميركيين اتخذوا مركزاً موقتاً للكلية السورية الإنجيلية في هذه المنطقة قبل انتقالهم الى منطقة رأس بيروت”، قائلاً إن “أهم قصور منطقة زقاق البلاط هي ليوسف جدي، وآل بيهم، وعبدالفتاح آغا حمادة متسلم مدينة بيروت”.
ويوضح أن “منطقة زقاق البلاط اكتسبت اسمها وشهرتها عند قيام الدولة العثمانية برصف أزقتها بالبلاط فعرفت المنطقة كلها منذ تلك الفترة باسم “زقاق البلاط”.
بالنسبة إلى “حي الغلغول”، يقول الحلاق، إنه “كان يقع في جنوب غربي بنايات اللعازارية في وسط بيروت ممتداً الى المستشفى الفرنسي وقتذاك”. وذكر أن “الغلغول هو الحي المعروف في العهد العثماني بأنه فوق سور بيروت، بمعنى أنه قريب من الخندق أي الخندق الغميق، المنطقة التي لا تزال معروفة اليوم والواقعة شرق جبانة الباشوراء…”
هذا غيض من فيض ما أرّخه الراحل ودونه في كتاباته التي رسمت حدود الزمن البيروتي..رحم الله مؤرخنا الجليل الدكتور حسان حلاق.

السابق
الشاعر عبد النبي بزي يصدر ديوانه الجديد «خواطر ومشاعر» عن دار الأمير
التالي
ميقاتي الى سوريا.. هل يلتقي الاسد في جدة؟