الحنين الى «فتح لاند»؟!

مُذ وجود الكيان الصهيوني على أرض فلسطين عام 1948 وقسم كبير من الشعب الفلسطيني، قد تهجّر وكان للبنان نصيبه من نزوح الأخوة الفلسطينين، ومن ثم توسع وتمدد وجود الكيان على أرض فلسطين أي بما يعرف بأرض 1967، مما تسبب بموجة نزوح جديدة وتطورت التسمية فيما بعد، الى أن أصبحوا لاجئين بعد أن طالت إقامتهم ، ومن ثم تداعى العرب لنصرة قضية فلسطين وتحريرها، وعقدوا اتفاقية القاهرة عام 1969 والتي تجيز للقوى الفلسطينية التسلح وإقامة منطقة عسكرية في جنوب لبنان أطلق عليها تسمية ( فتح لاند ) لتنطلق منها الى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بهدف تحريرها.

الدولة اللبنانية تخلت عن سيادتها على هذه المنطقة وهذا ما حصل بحيث أصبح يوجد جيشان بسلاحين وبقرارين


ويكون معنى هذا الكلام أنّ الدولة اللبنانية تخلت عن سيادتها على هذه المنطقة، وهذا ما حصل بحيث أصبح يوجد جيشان بسلاحين وبقرارين، (كما هو حاصل الآن )مما تسبب بتقهقر الجيش اللبناني أمام الوجود الفلسطيني المتنامي، وبحيث تمدد الوجود الفلسطيني المسلح على معظم الأراضي اللبنانية، وأصبح هو السلطة وهو من يعطي التعليمات في البلد المضيف.
نتيجة لهذا الوضع المتفلت والخارج عن سلطة الدولة اللبنانية تمّ غزو لبنان من قبل العدو الإسرائيلي لمرات متتالية، وآخرها الاجتياح الكبير عام 1982، وصل الى العاصمة بيروت والقصر الجمهوري أيضًا، مع ما جلبه للبلاد من حروب وويلات، ما زلنا ندفع ثمنها حتى اليوم أي بما يزيد عن نصف قرن.

نتيجة لهذا الوضع المتفلت والخارج عن سلطة الدولة اللبنانية تمّ غزو لبنان من قبل العدو الإسرائيلي لمرات متتالية

وثمة أسئلة تراودني وتراود الكثر مثلي: ألا يوجد نازحون أو لاجئون فلسطينيون إلا في لبنان، لماذا لم تعمم اتفاقية القاهرة على كل دول الطوق أي مصر والأردن وسوريا ولبنان، لماذا حُصر هذا الشرف العظيم بلبنان فقط، أليس الكل معني بنفس الاهتمام، أليست قضية فلسطين قضية كل العرب المركزية ؟!

كأن الحنين بالعودة الى “فتح لاند” يلوح في الأفق ولكن بحلة جديدة


ما حصل في الأسبوع الماضي، حيث سقطت عشرات الصواريخ من الأراضي اللبنانية باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، (بغضّ النظر عن جدواها)، ومما تطلب ردًّا من قبل قوات الاحتلال، الأمر الذي تسبب بخسائر وخوف لدى المواطنين، وكأن الحنين بالعودة الى “فتح لاند” يلوح في الأفق ولكن بحلة جديدة، والعودة بلبنان الى ساحة مستباحة لتحسين الشروط وصندوق بريد، لتبادل الرسائل بين الدول، وكأن التاريخ يعيد نفسه .
في النهاية، الأديب اللبناني الكبير جبران خليل جبران قسم المجتمع الى ثلاث، حكماء، عقلاء، جهلاء، وعرّفهم على الشكل التالي :
الحكماء لا يخطئون يتعلّمون من أخطاء الآخرين، العقلاء يتعلمون من أخطائهم، الجهلاء لايتعلمون لا من أخطائهم ولا من أخطاء الآخرين ط.
لم نكن من الحكماء فقد أخطأنا، ولكن عسى أن نكون من العقلاء.

السابق
المطربة رنين طربة الصوت الحائم
التالي
«بروفا» التمديد البلدي تنطلق نيابياً اليوم..والرئاسة على رف «التقاربات» الاقليمية!