وجيه قانصو يكتب لـ«جنوبية»: رئاسة الجمهورية.. خط أحمر شيعي

وجيه قانصو
يخص الدكتور وجيه قانصو «جنوبية» بمقال أسبوعي ينشر حصرياً على صفحات الموقع ومنصاته.

رغم التسريبات الشيعية بأن الأمريكيين لا يمانعون من انتخاب سليمان فرنجية، وبأنهم سيتعاملون معه رئيساً للجمهورية إذا ما تم انتخابه. رغم ذلك، فإن الملف الرئاسي ما يزال مقفلاً بوجه الجميع. فلا القوى السيادية قادرة على المجيء بأي مرشح لها، ولا الثنائي الشيعي قادر على فرض مرشحه بالطريقة التي فرض فيها ميشال عون في السابق.

إقرأ أيضاً: وجيه قانصو يكتب لـ«جنوبية»: التهديد بالفوضى جهد العاجز

ومع تجميد ملف الرئاسة تكون كل مؤسسات الدولة معطلة، ويكون السبيل للانهيار الشامل للبنان مفتوحاً من دون عوائق أو كوابح.

رئاسة الجمهورية أصبحت خطاً شيعياً أحمراً لموقع مسيحي-ماروني

على الرغم من تغير الكثير من معطيات القوة التي مكنت حزب الله من فرض مرشحه ميشال عون، فإن الحزب لم يتخل عن دوافعه للإتيان بمرشحه سليمان فرنجية. فحزب الله الذي تقدم خطوة نوعية منذ رئاسة ميشال عون، لم تؤمن غطاءً لسلاحه فحسب، بل مكنته من الإمساك بمفاصل الدولة كلها، وفرض سابقة استراتيجية لوضعه في لبنان والمنطقة بأسرها. هذه الخطوة لن يكون سهلاً على الحزب القبول بالتراجع عنها، وسيفعل ما بوسعه للحفاظ عليها، بخاصة بعدما باتت سابقة يحرص الحزب على ترسيخها في الحياة اللبنانية العامة. فرئاسة الجمهورية أصبحت خطاً شيعياً أحمراً لموقع مسيحي-ماروني.

الحزب يدافع عن مكسب استراتيجي، يضمن لسلاحه حرية الحركة في الداخل والخارج، من دون أية قيود أو محاذير داخلية

لذلك فإن الحزب يدافع عن مكسب استراتيجي، يضمن لسلاحه حرية الحركة في الداخل والخارج، من دون أية قيود أو محاذير داخلية، ويؤمن للنظام الإيراني قدرة إقليمية معتبرة، يراهن ويعتمد عليها في استراتيجياته وسياساته، بخاصة وأن هذا النظام قد أعلن أكثر من مرة إحكام قبضته على القرار اللبناني، من دون أن يصدر من الحزب أي نفي لذلك.

ما نحن فيه ليس لعبة سياسية لاستلام السلطة، وفق الأدوات الدستورية لإدارة البلاد. فلبنان بصفته شعباً ودولة، ليس غاية الحزب في صراعه وتنافسه السياسي، بقدر ما هو، اي لبنان، ساحة صراعاته ومادة تجاذباته، لتحقيق أغراض وغايات تتجاوز حقيقة وكيان لبنان. فالسؤال الذي يقف وراء الانسداد الحاصل الآن، ليس من يكسب معركة السلطة، ولكن من يحكم لبنان وأية دولة تمسك بقراره، وإلى أي محور ينتمي؟

حزب الله مستمر في مسعاه للإتيان بسليمان فرنجية، ويشعرك بحسب أدائه وخطابه أنه قادر على تحقيق ما يريده

رغم كل الانسدادات الحاصلة، فإن حزب الله مستمر في مسعاه للإتيان بسليمان فرنجية، ويشعرك بحسب أدائه وخطابه أنه قادر على تحقيق ما يريده لاعتبارات عدة:
أولها غياب الاهتمام الدولي بلبنان، وتركه لمصيره الداخلي. ومع غياب مبادرات خارجية جدية، فإن الحزب يجد نفسه في وضعية مريحة، تطلق له العنان في التصرف بحرية في الداخل، من دون أي ضغط جدي من الخارج، ومع غياب منافسة فاعلة في الداخل.

حزب الله يتصرف كأن الانهيار الاقتصادي والتدهور المالي الحاصلين في لبنان هما لصالحه

ثانيها: أن حزب الله يتصرف كأن الانهيار الاقتصادي والتدهور المالي الحاصلين في لبنان هما لصالحه، بحكم أن تمويل الحزب الخارجي من إيران، مكنه من عزل نفسه عن تداعيات الأزمة واراتداداتها، بخلاف باقي القوى والقيادات. فالحزب يمارس لعبة عض الأصابع ضد الآخرين، ويتوقع تململهم ورضوخهم وتسليمهم بشروطه لإيقاف التدهور الحاصل.

حزب الله لا يتورع عن خلق معطيات أمنية ضاغطة، للدفع باتجاه فرض مرشحه الرئاسي

ثالثها: أن حزب الله لا يتورع عن خلق معطيات أمنية ضاغطة، للدفع باتجاه فرض مرشحه الرئاسي. وهو سلوك له سوابق كثيرة في أداء حزب الله، كلما وصلت الأمور إلى وضع محرج له. من هذه السوابق، تسببه في العام 2006 بحرب ضد إسرائيل، للحد من تداعيات الانسحاب السوري من لبنان، وإحتلال الحزب للعاصمة بيروت في العام 2008، للدفع بتسوية سياسية لصالحه. ولعل تهديد السيد حسن نصر الله الأخير بالفوضى، هو جزء من أداء الحزب واسترتيجيته لفرض مرشحه الرئاسي، من خلال وضع دول الخارج وقوى الداخل بين خيارين: إما القبول بمرشحي وإما الفوضى الشاملة.

هي رهانات يعول عليها الحزب لكسب معركته الحالية، من دون أي اعتبار لطول المدة أو الآثار الكارثية، التي تحل باللبنانيين جراء الفراغ الحاصل. لكنها رهانات، كانت وما زالت تكتسب قوتها وفعاليتها من ضعف خصوم الحزب وتفرقهم، وغياب استراتيجية مواجهة متماسكة ومؤثرة، إضافة إلى الإهمال الدولي للبنان، وغياب الضغط الكافي للحد من العبث السياسي القاتل. هو إهمال وغياب لا يُفهم ولا يُفسر، سوى أنه تقديم لبنان هدية مجانية لحزب الله والنظام الإيراني.

السابق
رفع الدولار الجمركيّ… ضربة قاضية لقطاع السيارات!
التالي
مع انتهاء ولاية اللواء ابراهيم.. علي الأمين: ما جرى يحمل إشارات إيجابية للتغيير وبناء الدولة!