نور الإبداع.. يقين الإيمان

عمامةٌ تتوقُ إلى المطلق
وفكرٌ يشعشعُ بالحبّ للإلهِ والإنسانِ
صوفيةٌ تدور حولَ محور اَلَفْهم
ولا تجدُ سوى الذاتِ
وهل هناك أغلى من الذات؟
أحبَّه الحرفُ فسكنَ في تفاصيِله
عشقتْهُ اللغةُ فكانت مِطواعاً بين يديه
للعقيدةِ فهمٌ سليمٌ
وللإنسانِ حبٌ عظيمٌ
وللمكانِ مكانةٌ ساميةٌ
يلوبُ بحثاً عن الُمُثِل الجامعةِ
يبحثُ في النصَّ ويمتثل
يتعشقُ تفاصيلَ المقدسِ ويتركُه لفهمِ المدى
لم يقيّده مذهبٌ
لم تحصره طائفة
لم يستوعبْه علمٌ واحدٌ فردٌ
مدَّ جناحيه على المدى
أحبَّ محمداً وآل محمدٍ
آمن بالمسيح وموسى
وكانتْ أبوةُ إبَراهيمَ وإسماعيلَ بداية
تأوّه للمجدليةِ والمجدلياتِ
في معارجِه تسلَّق قممَ الفهمِ والتفسيرِ
وفي منهجه كانَ عقلاً يتدبرُ
جابَ الأرضَ هدايةً
وزَرَع الحبَّ غاية
لم يسعَ للضيق
فكانَ الكونُ كلّه مدارَ فكرهِ
تفّقه فكانَ سيداً معمّماً
فقُهه فوقَ درجاتِ العلمِ
وعمامُته كانت نقاءً
أحبَّ ذاتَه ولم يُنكرِ الآخرَ
في دمشقَ كانت الأمنيةُ
في دمشقَ اكتملتْ حكايُة العشقِ
معتّقان اجتمعا فيها
وهل يصل إلى جوهرِ نقاءِ دمشق سوى الأنقياء؟
في دمشقَ كان مدى الحسين، وتعملقَ حسينُ الشيخُ الجليلُ
عباءةٌ وعمامةٌ
ابتسامةٌ وحبٌ
هدايةٌ وحريةٌ
في حاراتِ الشامِ الضيقةِ كانَ العالمُ الفسيحِ
فكانت زينبُ ورقية
وكان المسيحُ والمجدليةُ
وكانت البطولةُ والموقفُ
أطلَّ شيخنا من بلودان يختلطُ ثلجُها بعمامتِهِ
كلاهما نقاءٌ لا مثيلَ له
لعيني الوفيةِ دمشق
كان فكُره وغناؤُه
كان اجتهادُه وأدبُه وشعرُه
في دمشقَ تصهلُ خيولُ الحريةِ والحبِ
وفيها تتلونُ القصائدُ والقوافي
فيها يصبحُ الكلام شعراً
والشعرُ يصبح قداسةً
وتنوس كلمة العشقِ الأبديّ
ويبقى الشيخُ المعّمم إشارة للسماء وفضائها
ويترك في الأدبِ ما يعجزُ عنه الأدباءُ
وما لا يرضى عنه العاجزون..!
نيزكٌ من الفقهِ والأدبِ والإبداعِ
معارجُ في الروحِ
وتراتيلُ للحبِ والحياةِ
على رصيفِ بيروت
على بردى الشام
على دجلة الحبِّ
وفي كلِّ زاويةٍ للولهِ غيرِ المعروفِ
نجد من علماء الدين المحلقين في آفاق لا تدرك علماً وفقهاً..
ويقابُلنا من الأدباء المتفوقين ما يصعبُ عدّه..

وفي كلِّ جانبٍ نفتقدُ ذلك النوع الموسوعي المجلّي الذي يأخذُ من كلِّ علمٍ بطرفٍ، ويصلُ طموحُنا إلى من يأخذُ بطرفٍ، دونَ أن نجدَ، ودون أن نبحثَ عن الذين يتعمقونَ في كلِّ طرفٍ وعلمٍ سلكوه أو قابلوه أو سمعوا به..

الشيخُ الجليلُ الصديقُ حسين أحمد شحادة ينتمي إلى فئة من العلماءِ متفردةِ، فهو عالمٌ عاملٌ، وهو عالمٌ وفقيهٌ متعمقٌ في جوانِبِه، وهو إلى ذلكَ رجلُ أدبٍ ولغةٍ قلَّ نظيُره، وهو باحثٌ ومتعمقٌ في الشرائعِ والميثولوجيا، فتحَ آفاقَه على كلِّ جانبٍ وتعمقَ بشكلٍ نادرٍ، ولا أُفصْحُ عن مجهولٍ، ولا أكشفُ سِراً أو سِتْراً إن تحدثتُ عن جانبٍ مهم في شخصية شيخِنا وأستاذِنا.

وهو جانبُ الانفتاحِ على الحياةِ، والمشاركةِ في كلِّ مناحيها، وهو من النُّدرة التي تعشقتِ الإعلامَ، وآمنتْ بدورِه، وشاركَتْ بفعاليةٍ وايجابيةٍ، ووصلَ الأمر به إلى بذلِ الجهدِ والوقتِ والمالِ للتأسيسِ لمنبرٍ إعلاميٍ، بدأ مميزاً، واستمرَّ مميزاً (المعارج).. وهو في ذلك يسيرُ سيرَ العلماءِ الأجلاء والذين آمنوا بالإعلام ودوره مع بدايةِ عصر النهضة مثل: محمد عبده، جمال الدين الأفغاني، عبد الرحمن الكواكبي، خير الدين الزركلي، وبطرس البستاني، ومحمد رشيد رضا وسواهم..

وبالاطلاع على جهود الشيخ حسين نلمس تميزاً عن تلك التجارب، فلم يقتصر دوره على شريعةٍ أو مذهبٍ أو غير ذلك، ولم يخترْ منبراً إعلامياً لغايةِ الإعلامِ وإنّما جعلَ علاقَتَه بالإعلامِ متطابقةً مع علاقَتِهِ بالعلمِ تتفرعُ، وبشكلٍ ممنهجٍ مدروسٍ لتشمل العلمَ والأدبَ والفقهَ والحياةَ، ومسائلَ غاية في الدقة والغنى.

سليلُ العمامِة والنورِ

اختار الشيخ حسين، أو اختارت له الحياةُ أن يكون معمماً متنوراً، ويَشيعُ بين الناسِ أن رداءَ الدينِ وجُبّته وعمامته يحصرُ العالَمَ في جانبٍ، لكن إسهاماتِ الشيخ حسين تكشفُ زيفَ النظرةِ الخاطئةِ التي ينظرُها العامّةُ إلى عالمِ الدّين، وأنا أميلُ إلى استخدامِ عالمِ الدّين وليسَ رجل الدّين، فالنظرةُ العامةُ إلى علماءِ الدّين محصورةٌ في قضايا محددةٍ، ولم تستطعْ الشخصياتُ الكثيرةُ التي مرّت في تاريخِنا، أن تغيّرَ هذه النظرةَ، وأن تخضعَها لمفهوم الأَنسْنة، فالسيّدُ الجليلُ المبجّلُ، والعالمُ الفقيهُ، والشاعرُ المجنّحُ الشريفُ الرضيّ جمعَ كلَّ ذلك في حياتِه ونتاجِه، وجهودهِ الفقهيةِ، وعملهِ في (نهجِ البَلاغةِ) لم يمنعْهُ كلُّ ذلكَ من أن يكونَ شاعراً إنساناً.

الماءُ عنَدكِ مبذولٌ لشاربِهِ
وليسَ يرويكِ إلا مدمعي الباكي
عندي رسائلُ حبٍ لستُ أكتمها
لولا الرقيبُ لقد بلغْتُها فاكي

وهناكَ صورٌ مهمةٌ في حياتِنا الأدبيةِ، لم ينصفوها، بل تجنّوا عليها كأبي نواس الحسن بن هانئ الذي يَذكرُ ابن كثير في (البدايةِ والنهايةِ) جهوده العلمية والحديثية، لكنَّ المترجمينَ تغافلوا عن كلِّ شيءٍ ونسبوا إلى أبي نواس ما عرفوا من شعرهِ وحسب، ولم ينظروا إلى أنسنِة الإنسانِ.

ويستمرُ الأمرُ إلى العصرِ الحديثِ، فهم ينكرونَ على عالمِ الدينِ أن يكونَ له من إسهامٍ في الحياةِ والمجتمعِ والأدبِ والسياسةِ! ولا أقصدُ العملَ والانخراطَ بقدرِ ما أقصدُ الإسهامَ. وفي هذا الجانب أذكرُ صديقي الراحلَ الجليلَ الدكتور مصطفى جمال الدين الشاعرَ المعمّم، والفقيه المتعمقَ صاحب (النحو عند الأصوليين)، حين بدأ الظهورَ على وسائلِ الإعلامِ تعاملَ معه محاوروه تعاملَ الفقيهِ، وأعربوا عن دهشتِهم وهم يسمعونَ شِعْرَه الغزليَّ
تسائلني حلوتي من أكون
إذا أنت أبَعْدتَ عن حينا

ما اضطرّه أن يتحدثّ ويكتبَ عن إنسانيةِ الفقيهِ، وأفردَ في سيرتهِ حديثاً عن الغزلِ والحبِّ، رافضاً أن ينكر الناسُ على الفقيهِ والمعمّم قولَ الغزلِ وشعره.

وشيخُنا وأستاذُنا حسين أحمد شحادة، من هذا النسق من العلماءِ الأجلّاءِ الذين تعمقوا في الفقه حتى أتقنوه، وفهموا دَوْرَه الحقيقيَّ في خدمةِ الإنسانِ، وجَعْل حياته أكثرَ سعادة وحباً، وعاشَ الحياةَ مع الآخرين فأحبَّهم وأحبّوه، وألِمَ لألمِهِم، وفَرِحَ لفرحِهِم، أحبَّ أوطانهَ، لا وَطَنَه، سَعَد لنمائِهِ، وحَزِنَ لحزنِه وما يتعرضُ له، وصادَقَ روحَ الإنسان فأعطاه وأخذَ منه على اختلافِ الانتماءِ الضيّق المفروضِ اجتماعياً وعُرفاً، فمحضَهُ المعرفةَ والودَّ، وبكاه بحرقةٍ ولوعةٍ عندَ الوداعِ.

سمفونية الروح

الشيخ حسين أحمد شحادة مثالٌ في تمثّل الواقعِ والانطلاق في آفاق الروح فهو مرتبطٌ بانتمائِه مفاخرٌ بما هو فيه من واقعٍ، لا يتخلَّى عنه لطارىءٍ ما، ولا يبتعدُ عنه لسببٍ ما، ولكنّه في الوقت نفسه يتجلّى مع آفاقِ الروحِ، ويطلقُ سمفونيةَ الوجدانِ الروحيّ من فاطمةَ إلى العذراء، ومن الحسين إلى المسيح لتكونَ الروحُ عندَه مسيجةً بحبٍ إنسانّي قلّ مثيلُه في حياةٍ صِرْنا نجدُ الارتماء في أحضانِ الذاتِ الضيقةِ حمايةً! كما يدّعي ضيقوا الأفقِ، والحريصونَ على مصالِحِهم ومكتسباتِهم التي يحقّقها هذا الانتماءُ!.

يحاولُ قمري
أن يخرجَ عن النصِّ ليلةَ الميلادِ
فيلبسه الظلامُ
كيف أنام..؟
يراقصُني حلمٌ تجمّع في مقلتي واشتعل
يا لها إذا هوت بالسرّ فاتنةٌ
خطفتني بنظرةٍ
مثلما تخطفُ الريحُ أوراقَ الشجر
وما راعني من ميمها إلا اللمى
هل نسقطُ في الحب
أو نهوي إلى عالمٍ لا شرق فيه ولا غرب؟
وهل تجيءُ الأعصر بنهرٍ أبيض
ليس فيه فرقٌ بين أسامينا المستوحشةِ
إلا ما تركَتْه الأزهارُ في أخيلتي
من دموع محفورةٍ
في غيمةٍ أودعتها لأحزانِ المطر؟
يا مريم الله
يا سيدي المطر
أوغلتُ بالحلمِ
أوغلتُ بالحلمِ فانهمر

الوفاء للمدائن

الشيخ حسين تجوّلَ في بقاعٍ شتى من العالم، واستقرّ لوقت في مدائنَ عديدةٍ، ومن الغريبِ أن هذه المدائن نُكِبَت، فكانَ وفياً لها، تحدّثَ عن بغداد، نَزَفَ لبيروت، وتعشّق دمشق التي أحبّته وأحبَّها، وليسَ غريباً عن خُلُقِه وعِلْمِه أن يكونَ بهذا الوفاء، في الوقت الذي تنكر فيه الآخرون لدمشق وطالبوا بصلبِها وجمدوا بيروت وامتصّوا حريتَها حتى أنهوها، وحوّلوا بغدادَ إلى عصرِ هولاكو وأرادوا تحويلَ فراتِها ودجلةَ إلى السواد!
من الطبيعيّ أن يتحدثَ الإنسانُ الشاعرُ والكاتبُ عن مدينتِه، ولكنّ ذروةَ الوفاءِ أن تصبحَ المدائنُ كلُّها مدينةً للكاتب يؤلِمُه ما يؤلِمُها، ويُسعدُه ما يسعدُها، ولعلّ الشيخ حسين في نصوصه الدمشقيةِ يمثّل قمةً منْ قممِ هذا الوفاء، وقيمةً من قِيَمِه، وهو المؤمن بقيامة دمشق
وهالَني مِن أَرَقِ الظنونِ
وطنٌ يأخذُ شكلَ الظنونِ
كيفَ لا أعشق الترابَ
وخيمتي من ترابٍ
وها
أصغيتُ لأغصان الزيتونِ
فتوهجتْ مفاتيحُ العودةِ
بنشوة الشجر
ولابدَّ بيني وبينك من دمشق
لنكملَ آيةَ السماءِ الأخيرة

الغنى الثقافي وتوظيفه

من النادر أن نعثرَ على مثقفٍ أو باحث أو عالم دينٍ يتناولُ الحياةَ وفلسفةَ الوجودِ بمنظورٍ عامٍ وواسع، إذ إن كلَّ واحدٍ منهم يقفُ عند موروثِه المختزنِ في وجدانِه ليمارسَ عملية توظيفِه بما يناسبُ هذا الموروث، وربما وجدنا من يستعيرُ بعضَ الرموز فيبدو عارفاً ومنفتحاً!، وقد لا تخفى تلكَ الرؤيةُ النقديةُ للآخر فيما يتناولُه أو يعالِجُه أو ينظّرُ له.. لكنّ الشيخ حسين شحادة يتساوقُ مع فكره، ويبدو منسجماً مع من عرفه، فالنصُّ عنده ناطقٌ عن نفسه وفكره ودواخِله، وقد يكونُ مفاجِئاً لمن لم يتلمس حدودَ نص الشيخ الوجداني الإبداعي، وأنت تقرأ نصه تقف أمام أساطير الإغريق، وأهم مفاصل التاريخِ، من أقدمِ الأزمانِ وإلى يومنا، لتكونَ آراؤُه وأفكارُه ضمنَ السياقِ التاريخّي للأمم، حيث لا تنفصلُ قضايانا وهمومِنا ومشكلاتِنا عن السياقِ العامِ لجدليةِ التاريخِ، ويأتي هنا دورُ المثقفِ المبدعِ الذي يتلمسُ خطوطَ التاريخِ وخطواته، ويتساءلُ عن مشكلِته معنا، مع أمتنا وحضارتنا!

يدورُ الزمانُ عليّ
بين أدفاء البدايات
وبرودِ النهايات
وكلّما جُنّ جنون المسافةِ
بين شرقٍ وغرب
رأيتُني
أعود وحيداً
إلى اللغةِ الوالدةِ
تراشقْنا بالكتب الصفراء
وتذابحْنا بنصوص الموتِ
وحين أيقظتنا الحقيقةُ
من بينِ الأمواتِ
تبيّن لنا
أنّ جميعَ نصوص العداواتِ
كانت كاذبة

لا مكانَ للخلاف

الرؤيةُ العامةُ في فكِر الشيخ حسين شحادة في أبحاثه ودراساتِه، وفي نصوصِه، وفي ممارساتِه تتمثلُ في أمرين اثنين: الخصوصيةُ الخاصةُ لكلِّ واحدٍ ضمن بيئاه، والدخولُ مع الآخر في أشيائه ومشاركته لا مناقشته، أي إنه يرى الخير المطلق في كل ما وصل، لذلك ينتفي لديه الخلافُ، إذ لا يجادل ولا يسعى لإقناعٍ أو حوارٍ لا طائل منه، وهذه الخصلةُ من الصعوبة بمكان في إطارِ فهمنا الإنسانيّ الساعي إلى الهيمنة، ومحاولِة تسفيِه الآخرِ للوصولِ إلى عمقِ المصلحةِ الخاصةِ لكل طرفٍ من الأطراف.
أبتاهُ
كثيرةٌ خطايانا
وليسَ من واحدٍ
يأخذُ عني خطايا الحاكم المقدّس
وسيئاتِ الأممِ اللواتي وُلِدنَ من صلبِه
فتكاثرتْ في سفاحِ الدينِ والسياسةِ
أبتاه
هي ذي بيروتُ المعصية
وليدةُ السفاحِ
بيروتُ زائفةٌ
وظلامُ عينيها تحتَ الحلمِ
وفوق الخيالِ
تنوءُ بين عاشقِ يتمرأى لأنثى الظلام

الشاعرية والانسيابية

وبما لا أخالف المنطقَ أن قلتُ: إنّ هذه النقطة هي من أكثِر النقاطِ أهميةً في (معارجِ الروحِ والوجدانِ) للشيخِ الجليلِ حسين شحادة، فمن النادرِ أن نجدَ شيخاً معمّماً أو مطراناً مطوّباً يقدمُ الآراءَ الَعَقِديّة والمشكلاتِ الفكرية بشاعريةٍ وانسيابيةٍ كما فَعَلَ، وعلى الغالبِ فإن القضايا الفكرية والعقدية والوجودية تُقَدّمُ في لبوسِ دراساتٍ ومناقشاتٍ ومماحكاتٍ واستشهاداتٍ تجعلُ القراءةَ مستعصيةً، وبنخبويةٍ مميزةٍ لتصلَ في لبوسها الراقي ومعالَجَتها الهامسة إلى كلِّ قارئ قَصَدَه الشيخُ، خاصةً إذا علمنا أنّ هذا النصوص حصيلة عقودٍ من الانخراط في الشأنِ الثقافيّ والفكريّ، وقد نشرها الشيخُ في دورياتٍ عامةٍ، خاطبَ فيها الشرائَح كلَّها في مفاصل من حياةِ الأمةِ اليوم.

كما الغريبُ
وقطارُ العمرِ يصهلُ
في أنفاقِ الضوءِ
مفتشاً عن نهايةِ الطريقِ
وعن بقيةِ المدنِ المختبئةِ
خلفَ التلالِ
وخلف الضباب الساحر
لكن الضوضاءَ مفتونة بالظلام
والأرضَ مسترخيةٌ
لا ترى نفسَها في المرايا
ولا تراني في الزحامِ

إنها معارجُ الشيخ الجليل والأديب والشاعرِ، الفقيهِ المكتنزِ فقهاً، المجتهدِ الذي غايتُه إيمان الإنسانِ وسعادته.. إنها سمفونيةُ حُبٍ للإنسانِ والأوطانِ، صاغها الشيخُ بذوب روحِهِ وإحساسهِ، لم تخضعْ لنظمٍ، وإنّما كانت نفثات مُحبٍ مصدورٍ، آلمتْهُ همومَ الأمةِ، وأرهقَهُ كمُّ الظلام المحدقِ بالعقولِ التي تحملُ مهمةَ التنويرِ.

طوّقني بالحبّ، وأعطاني مكانةً قد لا أستحقُّها حينَ وضعها بين يديَّ لأقرأَ وأتعلمَ، وأنهلَ من بحوره العرفانيةِ الصوفيةِ، وأزعمُ أنني أخلصتُ في خدمةِ النصوصِ، لعلوّها وسموّها، ومكانةِ شيخنا متّعه اللهُ بصحتِهِ وعافيتِه وإبداعِهِ وإيمانِهِ..

السابق
«الاغتراب يلعب دورا في الحفاظ على سمعة لبنان».. ربيع الأمين : على الوزراء طرح الحلول لا المشاكل
التالي
اليكم أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الخميس في 2 آذار 2023