لم يكن «أسعدهم».. مات أسعد وتفرّق الأحباب!

لم يكن أسعد موسى فقيه أسعدهم، لكنه أسعد، أسمه أسعد ، عاش سعيداً ومات مريضاً. وكم أسعدني وأسعدنا في أيّام طفولتنا، نحن ، أبناء جيلي ورفاقي، في ملاعب طفولتنا ومدرستنا في قريتنا الجميلة.
تعرفتُ باكراً على أسعد، بحكم صلة القربى التي تربطني به،فهو ابن عمتي، ووالده موسى ،ابن عم المرحوم والدي محمود فقيه (أبو اسماعيل).
عرفته كما عرفه رفاق طفولتي، جليس وصاحب ومدير “دكّان أبو أسعد”، في ساحة قريتنا، حيث كنا نعرّج الى دكانه القريب من المدرسة،في كل صباح،قبيل الذهاب الى الدرس، لشراء حاجات براءتنا من حلوى وسكاكر وسُكّريات وما شابه من مذاقات الطفولة اللذيذة.
فجر كل يوم كان أسعد يفتح دكانه لمزاولة عمله و”تجارته التموينية الغذائية”، وأذكرُ بثقة كبيرة صوت “جرّار” باب الدّكان كيف كان يلمع في مسمعي،بحكم قرب الدكان من بيتنا، فأنهض من نومي مسرعاً،إذ كان صوت الجرار بمثابة جرس الاستيقاظ للذهاب الى المدرسة.
وأذكرُ تمام الذكر والذكرى دكّان أسعد الذي كان أول دكّان في الجنوب وربما في لبنان كله،يحوي “الصندوق الأسود العجيب” (التلفزيون)،حيث كنا نذهب الى الدكان،مساء كل سبت، لمشاهدة (العجائب) التي يبثّها هذا الجهاز الساحر،وكنا ندفع ثمن السهرة خمسة قروش(فرنك)،وأذكرُ كيف كان أسعد ينظم حضورنا ،أمام الشاشة العجيبة،على الكراسي التراثية المصنوعة،يدوياً،من الخشب والقشّ.
في تسعينات القرن الفائت توفى أبو أسعد،مؤسس الدكان،وبعدها بزمن قليل،ترك أسعد دكّانه وهاجر الى سويسرا،وترك الدكان بعهدة والدته. وتفرّق الأهل والأحباب،وأصيب الدّكان بشللٍ ما بعده شلل.
بعد هجرة طويلة عاد أسعد الى قريته، ومن حسن حظّه أنه وجد دكانه ما زال مفتوحاً ولكن ليس بحال مُيسّر، وسرعان ما استعجل الموت بتفقّد والدة أسعد (أم أسعد)،وبغيابه غاب دكان أسعد واختفى ، ليظهر بحلة جديدة وتجارة رائجة اليوم(فرن للمناقيش).
واليوم اختتم أسعد حياته ومات في قريته،بين أهله وعائلته وأحبابه،و”الموت بين الأهل نُعاس”!

  • السيدة غادة مغنية ، زميلة الطفولة في المرحلة الابتدائية، كتبت مُعزية،مُثنية، مُترحمة على أسعد الفرح:
    “صباح الخير اسماعيل..
    وأعظم الله لكم الأجر بوفاة ابن عمتك أسعد
    رحمة الله عليه أسعد رمز من ذكريات الطفولة والأولاد كان يدخل السرور على قلوبنا كلما قصدنا زيارة محله ،لا أنسى أنه كان طيب الطيب، ويتعاطى معنا بإنسانية تغمده الله بواسع رحمته وألهم ذويه الصبر والسلوان”.
السابق
بالفيديو.. عناصر من شرطة بلدية صور يقتحمون مصرفا
التالي
مع جنون الدولار.. ارتفاع إضافي بأسعار المحروقات!