بوتين.. سنة أولى هزيمة

مصطفى فحص

بكل المقاييس العسكرية والميدانية والاستراتيجية والسياسية، تعرض الجيش الروسي إلى هزيمة كبيرة في السنة الأولى من حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا، والأخطر أن مسلسل الهزائم الروسية قد يستمر في السنة الثانية لأسباب السنة الأولى نفسها، بعدما انتقلت كييف من الدفاع إلى الهجوم وانتقل معها الغرب من موقع الاحتواء إلى موقع التطويق.

في نهاية السنة الثانية للهزيمة لم تعد مجريات الحرب بيد من بدأها، فهو منذ أن أطلق شرارتها الأولى خسر القدرة على انهائها مهزوما أو منتصرا، لأن في الحرب الأوكرانية لم تكن المواجهة بين محصورة بين جارين متنافسين أو بين دولة مركزية وانفصاليين، بل أعادت تقسيم العالم بين مشروعين، لجأ مجددا إلى العنف من أجل كتابة تاريخ جديد للسياسة الدولية، حيث اعتقدت موسكو قبل سنة أن بإمكانها إنهاء الأحادية القطبية، فيما الغرب بزعامة واشنطن بات يخطط إلى ما بعد اتفاقية سان فرانسيسكو سنة 1945. وهذا ما أوضحه بوتين نوعا ما بقوله “إن الغرب هو من بدأ الحرب، وإن الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة تسعى “لسلطة غير محدودة” في الشؤون الدولية، في حين حاولت روسيا وتحاول إيقافها”.  

في خطابه الأخير يوم الثلاثاء الفائت، بدا الرئيس بوتين أنه يدرك ضمنيا صعوبات السنة الثانية من الحرب المرشحة لأن تتسبب بهزيمة اضافية لبلاده، لذلك كان إعلانه عن خروجه من معاهدة (ستارت الجديدة) واحدة من آخر أوراق القوة الاستراتيجية التي لوح بها بداية السنة الثانية، وكأنه يستعجل إعلان إنذاره بأنه مهما حصل من انتكاسات على الجبهات فالأفضل ألا تقتربوا من حدودي، فالخروج من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة الاستراتيجية بالنسبة لبوتين هو رفع القيود عن فكرة استخدام أسلحة التدمير الشامل إذا اقتضى الأمر، وهذا كان واضحا في خطابه إذ قال “إن روسيا تواجه اليوم خطرا وجوديا ومن المستحيل هزيمتها في أرض المعركة، وستتعامل “بطريقة مناسبة” إزاء تحويل الصراع إلى مواجهة عالمية”.  

فعليا ما يحدث هو مواجهة عالمية، ولكن ليست بين محورين، فقد نجح الغرب حتى في الحد من انخراط الصين إلى جانب روسيا في الحرب، فيما سقطت طهران في فخ استراتيجي حولها إلى شريك لموسكو بحرب تخوضها داخل القارة الأوروبية وعلى تخوم الناتو، وهذا يعني أن روسيا ستذهب إلى مزيد من العزلة خصوصا مع تراجع الأصوات الأوروبية، التي كانت تدعو إلى تسوية تحفظ بعضا من ماء وجه بوتين حتى لا تتحول روسيا إلى دولة كبرى مارقة، إلا أن ما قاله الرئيس الأميركي في زيارته المفاجئة إلى كييف منذ أيام إن المساعدات الأميركية هي لمواجهة الحرب “الوحشية والظالمة”، التي يشنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. تختصر موقف المجتمع الدولي وخصوصا الغربي من حرب أوكرانيا.  

نتائج السنة الأولى للحرب اختصرها الكاتب اللبناني خيرالله خيرالله في مقاله الأخير بعنوان “بايدن وليس بوتين في كييف” هذه المعادلة قد تتحول مستقبلا الى أن يكون الرئيس الأوكراني مستقبلا في إقليم دونباس يستطلع الحدود مع روسيا وليس من يمثل فلاديمير بوتين ما يعني أن روسيا المعزولة التي تعرض نظامها السياسي لهزيمة استراتيجية لن يكون رأس نظامها بمنأى عن تداعياتها الداخلية.

السابق
حدث خطير يهزّ البقاع الشمالي.. قذائف بـ٧ مربوطة برسالة «الى البطريرك»!
التالي
ميقاتي يفرمل «إندفاعة» عون في اتجاه المصارف..و«قصف برتقالي» مكثف ضد «حزب الله»!