غسان صليبي في ذكرى ١٤ شباط: الحقيقة التي قتلت رفيق الحريري واسقطت سعد.. وأبكتني

غسان صليبي


في ذكرى اغتيال الشهيد رفيق الحريري، قال الكاتب غسان صليبي في منشور عبر حسابه على “فايسبوك”: “كاد يبكيني مشهد سعد الحريري أمام ضريح ابيه، في ذكرى ١٤ شباط.رؤية وجه سعد الحريري، المهزوم بالقوة والمكتئب، تحزنني، كما يحزنني مشهد كل مهزوم بالقوة او مكتئب”.

اضاف: “لكن ما كاد يبكيني في المشهد المذكور، غير ذلك تماما. انها هذه اللحظة التي حاوَلَت فيها إحدى المناصِرات تقبيل يده، عندما راح يمدّها لمصافحة الجماهير المحتشدة لإستقباله، والتعبير عن محبتها له”.

وتابع: “لم تدمع عيناي هذه المرة، كما العادة، حزنا وغضبا على خضوع الجماهير لزعيمها، لدرجة تقبيل يديه. فأنا لم ارَ هذا الخضوع في حركة المرأة باتجاه زعيم مهزوم لا حول له ولا قوة، ولا رأيت فيها سعيا وراء ارتزاق، كما هي الحال بين الزعماء الآخرين واتباعهم. رأيتُ في مبادرة المرأة، تماهيا لمواطنة لبنانية مهزومة، مع زعيم هزمته “الحقيقة”، عندما جرى الاعلان عنها. ألم تلاحظوا معي أن سعد الحريري سقط سياسيا بعد صدور قرار المحكمة الدولية بخصوص مقتل ابيه. والقرار المذكور هو ما درجنا على تسميته ب “الحقيقة””.

وقال: “بنى سعد الحريري زعامته، على حراكه السياسي سعيا وراء معرفة “الحقيقة”، وإذا به يسقط سياسيا مباشرة بعد معرفة هذه “الحقيقة”. ليس لأن القضية التي عبأت الجماهير، قد انتهت كما قد يظن البعض، وهي بالتالي لم تعد صالحة للعب نفس الدور. فزعامته لا زالت حية، كما تدل على ذلك مؤشرات كثيرة، وعلى الارجح انه لا يزال الزعيم الاول في البيئة السنية. سعد الحريري سقط سياسيا لأنه لم يعرف ماذا يفعل بهذه “الحقيقة”، بعد ان أصبحت علنية. عندما كانت ضمنية، كان يمكن التحجج بأنها لم تُكشف قضائيا بعد. لكن بعد ان قال القضاء كلمته، ماذا يمكن لسعد الحريري أن يفعل، سوى أن يطالب بإلقاء القبض على القتلة وإنزال العقوبات بهم؟ وهذا ما لم يستطع فعله، حتى أنه لم يحاول ذلك”.

اضاف: “بعد انسحاب الحريري من السياسة، منذ حوالي السنة، كتبت مقالا ل”النهار” بعنوان: “التقاعد المبكر لزعامة فشلت في خوض الصراع المذهبي”. لم يستطع الحريري خوض الصراع المذهبي مع “حزب الله”، المتهم بإغتيال ابيه، ولا الانصياع لرغبات السعودية في أن يخوض هذا الصراع بالشراسة المطلوبة. والزعامة السياسية في لبنان لا تستمر بدون تعبئة مذهبية وتبعية للخارج”.

وختم: “لا اخفي أن دمعتي، لا علاقة لها حصريا بمشهد ١٤ شباط. فهذا المشهد ذكّرني بأهالي ضحايا تفجير المرفأ، الذين يطالبون أيضا ب”الحقيقة”، الحقيقة المتعلقة بقتل احبائهم. وتساءلت اذا كان سيأتي اليوم، الذي تسقط فيه اندفاعة وليم نون ورفاقه، بعد سنوات طويلة، ومباشرة بعد معرفة هذه “الحقيقة”، عن طريق محكمة دولية بالطبع. فالحقيقة الاولى، التي لا “حقيقة” فوقها، هي أن القتل هو الذي بات يصنع السياسة في لبنان، والاعلان عن القاتل يُسقط سياسيا من كان يطالب بهذه “الحقيقة”. اما السعي من أجل الترجمة القضائية لهذه الحقيقة، من خلال المحاسبة وإنزال العقاب، فهو كفيل بالقضاء نهائيا، على السياسة والقضاء على حد سواء. وهذه هي الحقيقة التي ابكتني بالفعل، لكن من الغضب”.

السابق
بعدسة «جنوبية»: مع جنون الدولار «الأسود».. غضب في الكولا وقطع طرقات
التالي
جائزة هاني فحص للحوار والتعددية تمنح عمرو موسى «جائزة صناع السلام»