200 مليون دولار كلفة «حزب الله» على «شعبنا»

محمد رعد

أثار موقف رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة ” محمد رعد في عطلة نهاية الأسبوع  من التطورات، وإستخدامه كلمة “شعبنا” في معرض الرد على خصوم “حزب الله”  الذين كما قال،  يحاولون توظيف الازمات التي يمر بها لبنان للضغط على الحزب كي “يرضخ” لخيارات الحلول المطروحة لحل أزمة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية.

بالانتقال من العموميات الى التفاصيل، وبحسب أوساط إعلامية مواكبة لإنشطة “حزب الله” ، يتبيّن ان الأخير يبذل جهودا ولا يزال،  لكي يخفف من وطأة الازمات عموما والمعيشية خصوصا في البيئة الحاضنة له، كي لا تتفاقم الأمور بداخلها والتي قد تتطور الى توترات على خلفية مصالح، كتلك التي لها صلة بالاتجار غير المشروع بالمخدرات خارج الشبكات التي يديرها الحزب بكفاءة في سهل البقاع وفي  داخل الأراضي السورية المتاخمة لحدود لبنان الشرقية. ولا زالت مشاهد تدخّل الجيش في الضاحية الجنوبية لبيروت قبل أسابيع ماثلة في الاذهان.

اقرأ أيضاً: بالفيديو: كيف كشف حسن مقلد علاقة مستورة بين سلامة وحزب الله؟

وتضيف هذه الأوساط ، ان الضغوط في الفترة الأخيرة تصاعدت على “حزب الله” على كل المستويات كي يلبي حاجات الناس، الذين يلجأون اليه طلبا للمساعدات في مجالات الاستشفاء والتربية والمعونات الإنسانية . وهؤلاء الذين يلجأون الى الحزب بطلباتهم، ليسوا ضمن الفئة المستفيدة مباشرة من تقديمات الحزب  ب”الفريش” دولار والذين يقدر عددهم ، حسب إحصائيات لإحد الأحزاب الذي تربطه علاقات طيبة حاليا بحارة حريك، نحو ربع مليون نسمة،  إنطلاقا من حساب عدد الذين يتلقون مبالغ شهرية بالدولار والذين يقدّر عددهم بعشرات الألوف،  ما يكفل إعالة أضعاف هؤلاء فيصل عدد المستفيدين الى ربع مليون شخصا كما ورد آنفا.

إذا، هناك عدد كبير من ذوي الحاجات الملحة الذين تدفقوا على “حزب الله” كي يتلقوا مساعدات. وأحدى  أقنية تلقي مساعدات الحزب،  هي مؤسسة “القرض الحسن” ذائعة الصيت والتي تنتشر فروعها في مناطق نفوذ الحزب في بيروت والجنوب والبقاع وحديثا في بعض مناطق جبل لبنان. ويتم طلب المساعدة عبر معاملة يجري خلالها رهن ما يقدمه الطالب،  سواء الذهب او مستندات ملكية وغيرها فيتم فورا صرف المساعدات التي بلغت أخيرا بحسب ما أفاد به مواطن بقاعي نحو 5 الاف دولار نقدا للشخص الواحد.

وبحسب تقديرات الأوساط الإعلامية ، هناك نحو 200 مليون دولار أنفقها “حزب الله” في الفترة القليلة الماضية كي يلبي هذه الطلبات الطارئة وفق آليات لا تباطؤ فيها ولا تشبه على الاطلاق ما يجري في عالم المصارف التي باتت كليا منفصلة عن تلبية طلبات القروض على إختلافها في وقت باتت منفصلة عن إعادة مدخرات المودعين لديها  إلا وفق شروط قاسية فلا يصل صاحب الوديعة إلا الى النزر اليسير من وديعته.

قد يبدو ما سبق من معطيات بمثابة دعاية لما يستطيع “حزب الله” القيام به، وهي بالفعل تمثل دعاية ، لكنها غير مقصودة على هذا النحو، وإنما القصد من ورائها هو تبيان حجم الازمات التي تماثل “التسونامي” وهي الكلمة اليابانية التي تعني بالعربية “الموجة العاتية.” ومن دون الخوض في اهداف “حزب الله” من وراء هذا السلوك المالي ، فهو ومن دون أدنى شك يستهدف ملاقاة التحديات في بيئته المباشرة والتي قد تذهب الى ردات فعل ما لم يتم تلبية حاجاتها الطارئة، ما سيؤدي حكما الى تحوّل هذه البيئة من الاحتضان الى التوتر واكثر من ذلك في العلاقة مع الحزب.

في سياق متصل، يعود المراقبون الى موقف أعلنه الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله بعد أيام فقط من اندلاع تحركات 17 تشرين الأول عام 2019. في ذلك الموقف “طمأن” نصرالله بيئته الحاضنة الى انها ستكون بمنأى عن الازمات التي بدأت تلوح في ذلك الوقت، فكانت بمثابة كرة الثلج التي تدحرجت فتعاظمت كما هي اليوم. لكن سرعان ما تبيّن ان إطمئنان الأمين العام للحزب الى مناعة بيئته في خضم الازمات التي غرق فيها لبنان كان مجرد تمني . وكما يقال في أمثالنا العامية “إذا  كان جاري بخير فأنا بخيّر ،” تبيّن ان الازمات، ولو انها لم تطل من هم مسجلين على جداول رواتب “حزب الله” فهي ستمتد عاجلا أم آجلا ممن حولهم من الاقربين والابعدين على السواء، كما بات الحال اليوم.

ونصل الى “شعبنا” وفق تعبير النائب رعد، ليتبيّن ان الأخير محق في الحديث عن  الجماعة التي نالت دعما ماديا ولو من خلال رهونات في مؤسسة “القرض الحسن” ، فهي لا شك انها ممتنة للمساعدات التي لم تصل اليها عند أي جهة أخرى سواء أكانت رسمية أم غير رسمية ، وهي ستبقى مدينة له لمعروفه هذا. لكن في نهاية المطاف لن يختزل “شعبنا” شعب لبنان بأسره الذي يتطلع الى حلول لإزماته بلا رهونات ولا إرتهانات.

السابق
دعاوى من اهالي ضحايا المرفأ بحقّ عويدات
التالي
رقم مرعب.. إليكم آخر إحصاءات ضحايا الزلزال المدمر في تركيا وسوريا!