موت صحيفة؟ أم موت صحافة؟

عناوين واسرار الصحف

المعجزة هي: كيف تصمد صحافة في بلدٍ ينهار؟

الخبر ليس عاديًا على الإطلاق، مع احتجاب كل صحيفة، ورقيًا، تتعرَّى بيروت من إحدى أوراقها التي لم تحرقها نيران الحروب المتتالية، لتحرقها نيران الإنهيار المالي. “اللواء” بقيت من بين الصامدات: النهار، نداء الوطن، الديار، الجمهورية، الشرق، البناء، الاخبار، أوريون لوجور، لكنها اعتبارًا من الأول من شباط تلتحق بالصحف التي سبقتها أي: السفير، الأنوار، البيرق، العمل، الأحرار، البلد، دايلي ستار، ريفاي، الحياة، النداء، الحقيقة، الإتحاد، عدا المجلات الاسبوعية السياسية التي توقفت تباعًا عن الصدور.

حتى في عزِّ الحرب، كانت الصحف اللبنانية في “عزِّ” عطائها، وليس سرًا أن إحدى الصحف، وهي “النهار” وصل عدد توزيعها في أحد الأيام إلى مئة وأثنين وعشرين ألف عدد، وطبِع هذا العدد أربع مرات في النهار، وكان ذلك في تموز من العام 1974، بعد عودة الاستاذ ميشال أبو جودة من الخطف، وكتب مقالًا عنوانه: “ماذا فعلت؟ لقد بقيت حياً”.

في الصفحة الأخيرة لبعض الصحف، كانت ترد الكمية المطبوعة ممهورة بجملة “طُبِع من هذا العدد، وبيع من هذا العدد”. في صحف أخرى كان يرِد، عن الطبع والبيع من “مؤسسة التحقق من الإنتشارOJD .

اليوم لا يتجاوز الطبع آلاف معدودة جدًا، والبيع لبعض الصحف يُحسَب بالمئات، ولولا الإشتراكات لبعض الصحف لكان الوضع” بالويل”.

كان للصحافة رونقها، وكان انتظارها يوميًا، في غاية الشوق، وحين تتأخر صباحًا، كان الإنزعاج كبيرًا على وجوه متابعيها. كان انتظار “المانشيت” والإفتتاحية وأعمدة التحليل، انتظارًا رائعًا، كان لكل قارئ صحيفته المفضَّلة وكاتبه المفضَّل، وكان القرَّاء يتبجحون بالقول: ” كتب فلان، وتوقَّع فلان”.

في أيام الحرب، كانت الصحف تتأخر في الوصول إلى المكتبات بسبب التأخر على المعابر، لا بأس، كان قراؤها أوفياء لها وكانوا ينتظرونها على أحر من … الحرف. حتى أن صحفًا كانت تُطبَع في لندن وكانت تصل إلى لبنان بعد ثمانٍ وأربعين ساعة، ومع ذلك لم تكن تفقد “فترة صلاحية القراءة” .

الصحافة المكتوبة “تنازِع” لكن الإعلام بشكلٍ عام ليس على ما يُرام ، المعجزة هي: كيف تصمد صحافة في بلدٍ ينهار؟

السابق
نزعة الانبهار «تقتصّ» من اللبنانيين.. وتفكيرهم!
التالي
كيف اقفل دولار السوق السوداء؟