لبنان 2022.. «إنهزام» سياسي واقتصادي وأمني!

المآسي اللبنانية تتكرر

لم يكن العام الحالي، على مستوى الأُمنيات التي بنى عليها الشعب اللبناني آماله، تحديداً في ما يتعلّق بالوضع الإقتصادي المعطوف، على جوّ سياسي “مريض”، اتضح مع الأيّام بأن لا علاج له في ظل وجود “شلة” سياسيّة عزّزت مواقعها ونفوذها، وأنعشت حساباتها المصرفيّة، على حساب أوجاع الناس وأوضاعهم الإجتماعية التي ساءت بنسبة تتعدّى الخيال، مُنذ انتخاب الرئيس الأسبق ميشال عون الذي وُصف عهده بأنه من أسوأ العهود التي مرّت بتاريخ لبنان.

لم يكن العام الحالي على مستوى الأُمنيات التي بنى عليها الشعب اللبناني آماله تحديداً في ما يتعلّق بالوضع الإقتصادي


إفتتح العام الحالي، على مجموعة ملفّات لا تقل إحداها أهميّة عن الأخرى لناحية تحديد مصير لبنان وتحديد وجهته المُثلّثة (السياسية ـ الأمنية الإقتصادية)، التي ما زال يُراكم الشعب اللبناني إنعكاساتها السلبيّة. وكان لافتاً طوال العام 2022، الجملة التي تغب عن أفواه اللبنانيين وهي “الله يريّحنا من هالعهد” نظراً للإنتكاسات التي غرق بها الشعب اللبناني منذ بداية هذا العهد الراحل، والتي ما زال يدفع الشعب اللبناني ثمن سياساته المُتشعّبة والمُتعددة الأطراف، وتحديداً في الشقّ المُتعلّق بقلمة عيش هذا الشعب.
حمل العام 2022 منذ بدايته، ملفّات عديدة وًصفت ب”الكارثيّة”، نتيجة السياسيات الخاطئة التي مارسها أهل الحكم والتي أوصلت قبل نهاية العام، إلى فراغ حكومي ورئاسي نتيجة فشل مجلس النوّاب على مدى عشر جلسات متتالية بانتخاب رئيس، بعد نهاية ولاية عون في تشرين الأوّل الماضي.

إفتتح العام الحالي على مجموعة ملفّات لا تقل إحداها أهميّة عن الأخرى لناحية تحديد مصير لبنان وتحديد وجهته المُثلّثة (السياسية ـ الأمنية الإقتصادية)


وفي ما يتعلّق بتشكيل الحكومة، فإن العملية لم تتشابه في سرعتها، عملية التكليف للرئيس نجيب ميقاتي الذي عجز عن إرضاء الكتل الكبيرة التي يُمكنها ان تضمن له ثقة المجلس النيابي، وكذلك لم تشف له اللقاءات الماراتونية مع عون الذي فضّل بدوره، تغليب مصلحة صهره النائب جبران باسيل الساعي حتّى الساعة، لرفع حظوظه الرئاسية من خلال بذل جهوده “المكوكيّة” بين الخارج والداخل
وقبل الخوص في تفاصيل أزمة الفراغ، فقد شهد العام حدثان أساسيّان تاريخيّان، إتفاق ترسيم الحدود البحريّة مع إسرائيل والإنتخابات النيابية الأولى بعد ثورة 17 تشرين.
فالمعروف أن الحدث الأوّل، أي الترسيم البحري، حصل برعاية أميركية ووصف بالإنجاز التاريخي، رغم كُل الجدل الذي أُثير حوله خصوصاً بوصفه، بأنه قوّض حكومة لبنان في ظل وجود سلطة سياسية تتفوّق بحكمها وتحكّمها على أي سُلطة أخرى، واللافت أنه حتّى هذا التاريخ لم تُباشر الشركات الدولية بالتنقيب عن النفط الغاز في ظل غياب عامل الإستقرار.

المعروف أن الحدث الأوّل أي الترسيم البحري حصل برعاية أميركية ووصف بالإنجاز التاريخي رغم كُل الجدل الذي أُثير حوله


وكان لافتاً، توصيف الخبير في شؤون الترسيم الحدودي بين لبنان وإسرائيل والمؤرّخ التاريخي الدكتور عصام خليفة، بأن “هناك جريمة موصوفة ارتكبت بحق أجيال لبنان القادمة وبحق ثروة لبنان البحرية، بالإضافة إلى مخالفة فاضحة للدستور اللبناني في مادته الثانية. وقال خليفة: انها خيانة عظمى لأنّ المسؤولين خالفوا هذه المادة بعدم الحفاظ على الارض عبر التخلي عن رأس الناقورة، علماً ان المادتين 233 و 277 من قانون العقوبات اللبناني تقضيان بمحاكمة كل لبناني يتخلّى عن شيء من حقوق بلاده للغير بالحبس، وانّ من يعطي العدو يُحاكم بأكثر من ذلك لأنهم خالفوا القانون الدولي وخالفوا الدستور اللبناني والقوانين اللبنانية.”
أمّا بما يتعلّق بالإنتخابات النيابية، فالمؤكد أنها جاءت ببرلمان مُشتّت بحيث ينطبق عليه المثل القائل “من كل واد عصا” بحيث أن الخلافات تسلّلت حتّى بين صفوف ما يُعرف بـ”التغيريين”، فباتت هذه المجموعة التي عوّل عليها جزء من اللبنانيين، مُفكّكة ومُنقسمة على بعضها، بفعل الخلاف حول كيفية إدارة الأزمات تحديداً بما يتعلّق بالملف الرئاسي.

بما يتعلّق بالإنتخابات النيابية فالمؤكد أنها جاءت ببرلمان مُشتّت بحيث ينطبق عليه المثل القائل “من كل واد عصا” بحيث أن الخلافات تسلّلت حتّى بين صفوف ما يُعرف بـ”التغيريين”


أيضاً وأيضاً من ضمن الأزمات السياسية، فقد كان افتتح العام أولى مشاكله، مع الأزمة الأقتصادية المتوارثة والمتواصلة، والتي انزلقت إلى مستويات خطيرة والتي وصفها البنك الدولي، بأنها واحدة من أخطر ثلاثة أزمات في العالم. وأمام هذا الواقع المُخيف، وبحثاً عن موطئ قدم آمن وعن بلاد تحترم أدنى حقوق الفرد، قضى عشرات اللبنانيين في حادثين مُنفصلين في نيسان وأيلول الماضييّن، جرّاء قاربين غير شرعيّن من شمال لبنان، على متنهما عائلات لبنانية الأمر الذي أعاد فتح ملف الهُجرة غير الشرعية على مصراعيه.

على خطّ الأزمات فقد أقفل العام على مقتل عنصر من القوّة الإيرلندية في “اليونيفيل” في بلدة العاقبيّة ـ جنوب لبنان في “كمين مسلح” أطلق خلاله النار على الدورية

وعلى خطّ الأزمات، فقد أقفل العام على مقتل عنصر من القوّة الإيرلندية في “اليونيفيل” في بلدة العاقبيّة ـ جنوب لبنان في “كمين مسلح” أطلق خلاله النار على الدورية، سقط على أثرها العنصر الإيرلندي بالإضافة إلى عدد من الجرحى في صفوف الدوريّة. وبعد أن تخّطت الحادثة حسابات قوى أمر الواقع في المنطقة والرسائل التي أرادت توجيهها من خلال عملية الإعتداء، قام “حزب الله” مُجبراً، بتسليم أحد عناصره لمُخابرات الجيش اللبناني، للتحقيق معه في ذيول الحادثة.

بالعودة إلى الفراغ السياسي المُستمر على كافة النواحي فقد جرى إسقاط الدعوة التي عرضها الرئيس نبيه بري المدعومة خارجياً بعدما فقدت النصاب المسيحي بسبب رفضها من “التيّار الوطني الحر”


وبالعودة إلى الفراغ السياسي المُستمر على كافة النواحي، فقد جرى إسقاط الدعوة التي عرضها الرئيس نبيه بري المدعومة خارجياً بعدما فقدت النصاب المسيحي بسبب رفضها من “التيّار الوطني الحر” الذي يُصرّ رئيسه النائب جبران باسيل على إفشال أي دعوة يقوم بها برّي، وذلك من باب الكيد السياسي، و”القوّات اللبنانية” التي تُفضّل أن تلتقي مع مطالب البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الداعي إلى إقامة حوار لبناني برعاية خارجية، أيضاً من بوّابة مُطالبته بتدويل الأزمة اللبنانية، بعد فشل السياسيين بإيجاد حلول سريعة للفراغين الحكومي والرئاسي.

السابق
عشية العيد..«اجتياح» جنوبي للملاحم ومحال الحلويات والافران
التالي
الرزقة بالصنارة.. ماذا عن عشاء ليلة رأس السنة؟!