«اليونيفيل» على مذبح «حزب الله».. رسائل «لمن يهمه الأمر»!

اعتداء العاقبية

طفت حادثة الإعتداء على دوريّة لقوّات “اليونيفيل” في بلدة العاقبيّة في الجنوب، والتي أدّت إلى مقتل عنصر إيرلندي، على واجهة الأحداث في لبنان، المُنشغل أصلاً في همومه المعيشيّة وأزماته السياسيّة المُتعدّدة والمُتشعّبة.

واللافت أن هذه الحادثة المشكوك في بعض الروايات التي تدور حولها، أنها أرخت بتداعياتها على مُستقبل “اليونيفيل” في بلد اعتاد وجودها منذ عام 1979، أي قبل وجود بعض الأحزاب الحالية، لدرجة أن عدداً من ضبّاط وعناصر هذه القوّة، تزوّجوا من لبنانيات ـ جنوبيّات، بعضهم من عاد مع عائلته إلى وطنه الأم، والبعض الآخر فضّل البقاء في لبنان.

لم يشفع هذا التقارب بين “اليونيفيل” والجنوبيين، للعنصر الإيرلندي الذي دفع حياته ثمناً لرسائل بعثت يها قوى الأمر الواقع في المنطقة إلى الدول الأوروبية

لم يشفع هذا التقارب بين “اليونيفيل” والجنوبيين، للعنصر الإيرلندي الذي دفع حياته ثمناً لرسائل بعثت يها قوى الأمر الواقع في المنطقة، وتحديدا “حزب الله”، إلى الدول الأوروبية على أبواب السنة الجديدة، تماماً كما درجت العادة في السنوات الماضية، إذ ختمت القوى نفسها العام الماضي باعتداء على الكتيبة الهنغارية في بلدة شقرا، وقبلها باسبوعين اعتداء على الكتيبة الفنلندية، بسبب موقف للأمين العام للأمم المُتحدة أنطونيو غوتيريش، دعا خلاله “حزب الله” إلى تطبيق القرارات الدولية والتحوّل إلى حزب سياسي.

في السياق، كشفت مصادر سياسية بارزة مواكبة لملف العلاقة بين “اليونيفيل” و”حزب الله” عبر “جنوبيّة” أن “جميع الوقائع تؤكد بأن الحادثة لم تكن وليدة ساعتها، إنّما هي مُدبّرة بحيث أراد من خلالها الحزب توجيه مجموعة رسائل للإتحاد الأوروبي، بفعل الضغوط التي تُمارس ضده في ما يتعلّق بالملفين الرئاسي والحكومي بعد تهديد عدداً من الدول الأوروبية، بإعادة تنشيط العقوبات ضد الحزب، في حال عدم تعاونه بانتخاب رئيس جديد، وقد سبق للأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله، بأن لوّح بتهديد المصالح الأوروبيّة، من خلال اللجوء إلى منع تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، تحت شعار معركة الدفاع عن السيادة البحريّة اللبنانية”.

جميع الوقائع تؤكد بأن الحادثة لم تكن وليدة ساعتها، إنّما هي مُدبّرة بحيث أراد من خلالها الحزب توجيه مجموعة رسائل للإتحاد الأوروبي

في آب الماضي، صدر قرار عن مجلس الأمن الدولي في إطار التمديد لعمل “اليونيفيل” في لبنان، اعتبره البعض لاسيّما “حزب الله” على أنه يتضمّن مؤشّراً خطيراً لجهة إستقلالية عملها و عدم احتياجها الى ترخيص أو إذن مسبق، للإضطلاع بالمهام الموكلة اليها، والقيام بعملياتها بصورة مستقلة، بالإضافة إلى السماح بمرور الدوريات المعلن عنها وغير المعلن عنها، من دون الحاجة إلى إذن مُسبق من الجيش اللبناني أو التنسيق معه”.

كان يُمكن للبنان التعامل مع هذه القوة في لبنان على أنها “عدوّة” لولا أن القرارات الصادرة عن مرجعيتها (مجلس الأمن) جاء بشكل آحادي من دون التنسيق مع لبنان الدولة، خصوصاً وأن بياناً كان صدر عن وزارة الخارجية والمغتربين يومها، يؤكد إحترام لبنان لجميع قرارات مجلس الأمن والتزامه بها ومن دون أن يطلب حذف أي من القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن بما يتعلّق بالتجديد لقوّاتها في لبنان، هذا بالإضافة إلى تأكيد الخارجية اللبنانية في بيانها، بأن طلب التمديد جاء بناءً على طلب السلطات اللبنانية.

واللافت، أنه بعد حادثة العاقبيّة، زار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يُرافقه قائد الجيش العماد جوزاف عون، مقرّ “اليونيفل” في الناقورة حيث “أعرب تقديره الكبير لمساهمة اليونيفيل في السلام والاستقرار في جنوب لبنان، والتقدير عميقاً العمل الذي تقومون به، جنباً إلى جنب مع الجيش للحفاظ على السلام والهدوء في الجنوب، مُشدّداً على أن “لبنان ملتزم بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1701، ويحترم القرارات الدولية، ويدعو الامم المتحدة الى الزام اسرائيل بتطبيقه كاملاً ووقف اعتداءاتها المتكررة على لبنان، وانتهاكاتها لسيادته براً وبحراً وجواً”.

قبل نحو أسبوع من الإعتداء على دوريّة “اليونيفل”، كان هناك إجتماع أمني موسّع لـ”حزب الله” في الجنوب بٌحث خلاله وضع “اليونيفل” وحركتها “المُريبة”

هنا تعود المصادر للتأكيد أنه “قبل نحو أسبوع من الإعتداء على دوريّة “اليونيفل”، كان هناك إجتماع أمني موسّع لـ”حزب الله” في الجنوب بٌحث خلاله وضع “اليونيفل” وحركتها “المُريبة” بحسب ما جرى وصفها، وقد طلبت المرجعية الأمنية من عناصرها ضرورة البعث برسالة حاسمة لهذه القوّة ومن يقف خلفها، بأن لبنان ليس مٌستباحاً وأن أهل الجنوب على وجه الخصوص بمقدورهم حماية أنفسهم وبالتالي “لا ينقصهم حُرّاس إضافيين لإسرائيل”.

وهذا يعني أن ما حصل جاء بتغطيّة مُباشرة “الحزب” بالإضافة إلى معلومة تكشف أن عناصر “الحزب” في بلدة العاقبية أبلغوا قيادتهم في لحظتها بوجود دورية لـ”اليونيفل” من دون مرافقة من الجيش، فصدر القرار بالتعامل معها على أنها “عدوّة”.

عناصر “الحزب” في بلدة العاقبية أبلغوا قيادتهم في لحظتها بوجود دورية لـ”اليونيفل” من دون مرافقة من الجيش، فصدر القرار بالتعامل معها على أنها “عدوّة”

وكشفت المصادر، أن لقاءًا على مستوى قيادي، عُقد منذ أيّام قليلة بين “حزب الله” وحركة “أمل” تقرّر على أثره بأن تتولّى حركة “أمل” مهمّة مُتابعة ملف مقتل عنصر “اليونيفل”، وقد جرى ترشيح أحد القياديين الأمنيين فيها بمتابعة الملف مع القوى الأمنية اللبنانية والقضاء اللبناني بدعم من رئيس مجلس النوّاب نبيه بري، وموافقة الرئيس نجيب ميقاتي لمُعالجة تداعيات الحادثة بعد التدخّل الدولي والمُطالبة بتحقيقات دولية”.

السابق
بعدسة «جنوبية»: زحمة «الميلاد» في لبنان.. «لا أزمة ولا من يحزنون»!
التالي
بعدسة «جنوبية»: شجرة الميلاد تتلألأ.. «ويا بالون مين يشتريك»!