الترسيم.. «حزب الله» يعطي إسرائيل بالسلم ما تعجز عنه في الحرب!

هل ينجح ترسيم الحدود البحرية ؟
يبدع حزب الله بماكينته الإعلامية وجيشه الإلكتروني وكوادره الثقافية وعمائمه، التي هي بالزي الكامل مع القليل من العلم ، يبدع بكل ذلك بقدرته على قلب الحقائق، وتحويل الإخفاقات إلى نجاحات ليستمر في تخدير العقول والنفوس، وغسل الأدمغة خلاف الوقائع الميدانية ..

يأتي تفاهم ترسيم الحدود البحرية مع العدو الصهيوني، برضا وإشراف حزب الله من عجائب الأمور وغرائب الدهور، حيث يسعى حزب الله لتصوير هذه الفاجعة بالنصر الإلهي الجديد، الذي ما كان ليتحقق لولا جهوده وجهاده وسلاحه النوعي وصواريخه الدقيقة ومسيراته الفاخرة، ولولا دماء الشهداء وآلآم الجرحى وعذابات أرامل الشهداء ويتامى الشهداء!

تفاهم ترسيم الحدود البحرية مع العدو الصهيوني، أعطى إسرائيل بالسلم ما لم تستطع أن تحصل عليه بالحرب، حيث ستتحول إلى قوة اقتصادية في وقت قريب، بسبب تصديرها للنفط والغاز الطبيعي من خيرات الثروة النفطية والغازية البحرية اللبنانية،

اسرائيل ربحت النفط والغاز

فقد باع المسؤولون اللبنانيون ومن خلفهم حزب الله الخط 29، الذي كان معترفاً به من قبل بريطانيا كحق مكتسب للبنان، عندما تم تقسيم المنطقة، يضاف إلى ذلك عدم وضوح الرؤية حول كيفية تحصيل لبنان حقوقه من المنطقة المتنازع عليها عند الخط 23، الذي ما زال يعطي إسرائيل الحق في تقاسم الثروة النفطية والغازية مع لبنان، بطريق غير مباشر بواسطة شركة توتال الفرنسية التي لم تتحدد إلى الآن النسبة المئوية التي سيحصل عليها لبنان من عائدات مبيعاته للنفط والغاز لهذه الشركة التي بدورها، ستعطي العدو الصهيوني نسبة من تلك العائدات كما هي طبيعة منطلقات تفاهم الترسيم!

اتفاق الترسيم هو أسوأ من القرار بفتح الحرب مع العدو بخطف الجنديين في تموز

تفاهم غير قانوني

والحق يقال إن قرار حزب الله بالموافقة على ما أسماه “تفاهم ترسيم الحدود البحرية مع العدو الصهيوني” هو أسوأ من القرار بفتح الحرب مع العدو بخطف الجنديين في تموز 2006 ، ذلك أن هذا التفاهم سيعطي إسرائيل القدرة الاقتصادية التي ستستغلها وتستثمرها إسرائيل، في تنمية قوتها العسكرية والأمنية، لتستفيد من جديد منها وتُسخِّرها لتنفيذ مشاريعها التوسعية في الوطن العربي في المستقبل، اضافة الى انه وبحسب القوانين الدولية لا يمكن اعتبار الاتفاقات التي تتعلق بحقوق وثروات وترسيم حدود بين بلدان انها “تفاهمات” سياسية، وبالتالي فان اتفاق الترسيم اياه، يجب عرضه على المجلس النيابي وعلى الحكومة اللبنانية للموافقة عليه واقراره، وهو ما لم يحصل، مع انه حصل في اسرائيل بعرض ترسيم الحدود البحرية مع لبنان على الكنيست بموجب القوانين السارية.

ويقول مراقبون، ان سبب رفض حزب الله عرض اتفاق الترسيم على مؤسساتنا الدستورية، هي رغبته ان يكون الحزب هو الضامن لهذا “التفاهم التنازل” وليس الدولة، كي يحصل مقابله على مكاسب سياسية في لبنان والمنطقة بمباركة اميركية!

حزب الله هو الضامن لاتفاق الترسيم كي يحصل مقابله على مكاسب سياسية في لبنان والمنطقة بمباركة اميركية

و حزب الله يريد أيضا من قبوله بترسيم الحدود البحرية، تفادي الحرب مع العدو بأي ثمن في المرحلة الراهنة لأسباب إقليمية وأخرى داخلية، ولخوفه من الانفجار الداخلي الكبير الذي ينتظر بيئته الحاضنة التي تعبت من حروبه العبثية التي قد يحسن السكوت عليها، إلى حين اندحار العدو الصهيوني من لبنان سنة 2000، وهو يضمن له ايضا بقاء أنشطة حزب الله العسكرية والأمنية، والحفاظ شكلا على الصراع المفتوح مع العدو الصهيوني إلى ما لا نهاية، ليبقى ورقة ضغط رابحة للتفاوض في الملفات الإقليمية الساخنة، والتفاهمات الدولية الملحة.. والتي يأتي في طليعتها الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب.

السابق
«مجلس القضاء» بلا قرار وبدري ضاهر يقاضي رئيسه.. و«الثنائي» يحضّر «سلّة» دعاوى
التالي
«إتفاقية قرض للبنك الدولي بقيمة 150 مليون دولار».. اليكم أبرز مقرّرات الجلسة التشريعية