أمّهاتٌ لبنانيّات يُطالِبن بمعرفة مصير أبنائهنّ المَخفِييِّن قَسراً

صور مفقودو الحرب الأهلية

” نُريدُ معرفة مصيرهم أينما كانوا في سوريا أو إسرائيل أو في مقابر جَماعيّة .  ” . هذه الصّرخة ، يوثِّقها ( فرديّةً في آوناتٍ عديدة ؛ وجَماعيّة في هذه الآونة الواحدة ) ، ألمناضل والباحث والكاتب إبن الجنوب اللبناني محمد صفا ، في كتابه الموسوعيّ الجديد ، الصادر حديثاً ، عن ” دار الفارابي ” في بيروت ، وفي طبعةٍ أولى في ال2022 ، تحت عنوان : ” ألمَخفِيّون – أمّهاتٌ يكسرن الصَّمت ” . 

صرخةٌ جَماعيّة 

وهذه الصّرخة التي أثبتناها أعلاه  – وهي التي تشكّل جوهريّة ألهدف الذي وُضع من أجله هذا العمل الموسوعيّ –  هي الصرخة التي أطلقتها أمّهاتُ عددٍ كبيرٍ من المفقودِين والمخفيين قسراً في لبنان ، الذين فقدتهم عائلاتهم في أزمنةٍ وظروفٍ مختلفة بدأت إبّان الحرب الأهلية اللبنانية ، وهُمُ الذين ما زال مصيرهم مجهولاً ، إلى الآن ، بالرغم من مُضيّ عقودٍ طويلة على مأساة إخفائهم ، على حدّ وَصفِ صفا لقضيّتهم هذه ، في معرض إثارته لها ، في كتابه هذا ، وهي القضيّة التي تُعتَبَرُ واحدةً من أعقد القضايا الإنسانيّة ، على الصعيد اللبناني العام . 

موسوعة ألمَخفِيُّون أمَّهاتٌ يكسِرن الصَّمت تتناول مأساة الإختفاء القَسري في لبنان منذ الحرب الأهليّة إلى اليوم

وثيقة تاريخيّة 

وموسوعة : المخفيون – أمهات يكسرن الصّمت ” ، ( والتي تقع بين دفّتيّ مجلّدٍ ضخم وصل عدد صفحاته إلى أكثر من ( 840 صفحة ) من القطع الكبير . ) ، تتميّز بمقاربةِ موضوعها الأثير هذا ، بأنّها تُطالب بحلٍّ عادِلٍ، جذريّ ، ونهائيّ ، لقضيَّتها المُحِقّة، من خلال إلمامِها بمعظم اختلافات شجونها المؤلمة ، فالكاتب هنا يتناول هذه القضيّة من جوانبها الإنسانية والقانونيّة والوثائقيّة ، على سويَّةٍ واحدة . 

تحمل هذه الموسوعة هَمَّ قضيَّةٍ تُعتبر من أعقد القضايا الإنسانيّة على الصعيد اللبنانيّ العام

وموسوعة ” المخفيون – أمهات يكسرن الصمت “، هي وثيقةٌ تاريخيّة بشهادة محتوياتها كافة . 

محتويات الكتاب 

ومحتوياتها مؤلَّفة من مقدمة ؛ ومَتنٍ قوامه سبعة فصول ، إستوت محوريّاتها على الشكل التالي : أمّهات يكسرن الصمت ؛ قانون المفقودين والمشاريع السابقة ؛ ملفَّات ووثائق عن المفقودين والمخفيين قسراً ؛ 13 نيسان جراح لا تزال مفتوحة ؛ شهادات أمهاتٍ واعتصامات الخيمة ( الخيمة التي أقيمت لأهالي المفقودين في العام 2005 من أجل التذكير بقضيّتهم ) ؛ 26 حزيران اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب ؛ 30 آب اليوم العالمي ضدّ الاختفاء القسري ؛ مؤتمرات دولية ؛ قضية المفقودين أمام مجلس حقوق الإنسان ؛ البدايات الأولى لتجربتنا ؛ استمارات الرعب وقصاصات ورقية ؛ وتجارب واتفاقيات دولية حول ضحايا الاختفاء القسري . 

موسوعة المفقودِين والمَخفِييِّن قسراً أمّهاتٌ يكسِرن الصّمت تندرج في إطار مشروعٍ تاريخيّ هادفٍ إلى تَجرِيم مرتكِبِي هذه الجريمة القذِرة وإنصافِ ضحاياها

مأساة بدأت منذ العام 1975 

ومن مضمون المقدمة نقتطف الآتي : 
” إنّ مأساة الاختفاء القسري التي شملت آلاف اللبنانيين والفلسطينيين والعرب منذ بداية الحرب الأهلية العبثية في لبنان العام 1975 ما زالت سارية الوجع والغموض الذي يلف مصيرهم أو أماكن وجودهم المحتملة . إذ تبين لاحقاً أنّ الكثير من المفقودين والمخفيين قسراً الذين كنّا نظنّ أنهم في إسرائيل أو لبنان أو سوريا وجدوا أمواتاً أو محتجزين في أمكنةٍ أخرى . 

” جاء الإعلان العالمي لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري الذي تبنّته الجمعية العمومية للأمم المتحدة في الثامن عشر من كانون الثاني 1992 حول وجوب اعتبار كل عمل من أعمال الاختفاء القسري جريمة ضدّ الإنسانية ، مما يوجب ضرورة التحقيق الكامل في جميع الحالات المسجلة والمحتملة ومعاقبة الفاعلين . لكنّ الواقع الساري في لبنان هو أنّ هذا الملف مستبعد من البحث ، والجُناة رغم أنهم معروفون وموجودون لكنهم لا يُسألون . 

و” الموسوعة الوثيقة ليست توثيقاً كاملاً للأنشطة المختلفة حول قضية المفقودين ؛ بل توثيقاً وتلخيصاً لتجربة تاريخية عن ضحايا الاختفاء القسري منذ العام 1982 . 

موسوعة المخفيّون – ألوثيقة صرخةٌ نطلقها ضدّ الاختفاء القسريّ ونقدمها تحيّةً للمفقودِين والمخفيين قسراً وعائلاتهم حول العالم

وأنّ هذه ” الموسوعة الوثيقة لا تغطّي كل الأنشطة حول قضية المفقودين ولا ندّعي ذلك ، واقتصرت على الجزء الأكبر من أنشطة مركز الخيام ولجة المتابعة لدعم قضية المعتقلين وتجارب أخرى وما تبقّى من أرشيفنا التاريخي . 

لِطَيّ صفحةٍ مروِّعة 

وأنّ ” موسوعة المفقودين والمخفيين قسراً أمّهات يكسرن الصمت ، تندرج في إطار مشروعٍ تاريخي ” كي تبقى الذاكرة حيّة ” ، ليس لنتذكر الماضي ومآسيه وأهوال الخطف والقتل والتنكيل ، بل لننطلق من هذه الصفحة السوداء في تاريخ لبنان والمنطقة والعالم لعدم تكرارهذه الانتهاكات المروِّعة لحقوق الإنسان ، لِنَبذِها واستئصالها ، وصياغة تشريعات قانونية وإجتماعية تُجَرِّم الاختفاءالقسري وتحاسب مرتكبيه وتُنصِف ضحاياه وجَبر الضَّرر وردّ الاعتبار الفردي والجماعي لهم . 

على أنّ ” فتح ملف انتهاكات الحرب الأهلية والحروب ليس نكأً للجراح ، بل إنّ إخفاءها والقفز عن معاناة المفقودين وضحايا الاختفاء والحروب وعدم معرفة الحقيقة والتحقيق مع مرتكبي عمليات الإخفاء والإجرام هو نكءٌ لقلوب الأمهات والآباء وتشجيع للمجرمين على معاودة إجرامهم وتوحُّشهم كلما سنحت لهم الظروف . 

لا نريد نكء الجراح ولا تضميدها على زغل ولا نسيان ما تمّ تدميره ، وكل ما نريده هو طيّ صفحة الحرب وتحويل العائلات إلى ضحايا مباشرين وتطبيقاً للعدالة ومحاسبة الجُناة وسيادة القانون جعل مراكز الاعتقال والاختفاء والتعذيب مراكز للذاكرة والثقافة والفنون وحقوق الإنسان . 

صرخةٌ مدوّية ضدّ جريمةٍ قذرة 

ذلك لأنّ ” الاختفاء القسري جريمةٌ بشِعة ، قذرة تُجرّد المفقود من إنسانيته ، لا اسم ولا هوية ، لاحياة ولا موت ولا أثر . يصبح لغزاً ، وهماً ، جريمة متمادية لا تسقط بالتقادم ولا بالتجاهل . 

إنّ موسوعة المخفيّون أمهات يكسرن الصّمت هي مكمِّلة لموسوعة معتقل الخيام ألقصّة الكاملة

” موسوعة المخفيون – الوثيقة – صرخةٌ نُطلقها ، ضد الاختفاء القسري ، ضد القتل ، ضد العنف ، ضد التعذيب ، ضد أفظع الجرائم في التاريخ ، نقدمها تحية لآلاف المفقودين وعائلاتهم في لبنان وعلى امتداد العالم وأينما كانوا ، نقدمها للهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً ، ولكل المدافعين عن حقوق الإنسان ولجان البحث عن الحقيقة ، لِجدَّاتهم وأبنائهم وأحفادهم تعزيزاً للسلم الأهلي وحقوق الإنسان ومن أجل التحقيق بكل عمليات الاختفاء .  وهي ( موسوعة ) مكمّلة لموسوعة معتقل الخيام القصة الكاملة ( وموسوعة معتقل الخيام القصة الكاملة صادرة أيضاً عن ” دار الفارابي ” في بيروت / الطبعة الأولى تشرين الثاني العام 2021 ) .” .

السابق
حادثة مفجعة على طرقات لبنان.. مقتل شخص واصابة طلاب مدرسة!
التالي
الدولار يُحلّق على علوّ شاهق.. هل تخطّى الـ٤٠ الفاً؟