الدكتور صلاح الدين سليم ارقه دان يستذكر المطران الغزال بعد 11 عاماً على غيابه.. كان رمزاً للتعايش الحقيقي

المطران سليم الغزال

استذكر الدكتور صلاح الدين سليم ارقه دان، المطران سليم الغزال المخلصي بعد 11 عاماً على غيابه.

وكتب ارقه دان على صفحته عبر الفايسبوك :” جاء من مشغرة واقام في صيدا في ستينيات القرن الماضي، ليخدم رعيته في المدينة وجوارها.. ودرّس في ثانوية صيدا الرسمية إلى جانب مشايخ كرام من مصر ثم من لبنان، كل لأبناء ديانته، فكان مثال الانفتاح على الآخر مع نشاط غير مسبوق، إذ أنشأ في مطرانية الكاثوليك بصيدا ناديا لأنشطة الشباب، ثم دار العناية لتعلم الشباب المهن الشريفة، دون تمييز بين اتباع دين وآخر، ثم أقام منتدى هو فريد من نوعه للحوار بين أبناء المنطقة جميعا من مختلف الطوائف الدينية والمذهبية، وما زال ينشط بعد رحيله بعهدة الأستاذ إميل إسكندر الأمين على رسالة المطران سليم الغزال..

لم يكن سليم الغزال مجرد عابر في تاريخ المدينة بل قبلته المدينة واحدا من أبنائها فاستقبلته وودعته كما يليق بدينها وثقافتها وأخلاقها

لم يغادر صيدا عندما احتلها الإسرائيلي.. ولم يتعاون مع المحتل.. وتألم رافضا فتنة شرق صيدا.. وعمل على إعادة اللحمة بين صيدا والجوار بعد الأزمة مع رجالات صيدا وجزين.. حتى عقد اللقاء في منزلي بضهر المير، واشرت يومها الى رمزية ان تكون دار جدي وابي ثم داري بين المسجد العمري الكبير وكنيسة مار يوحنا، واننا منذ نشاتنا نسمع الاذان والناقوس، ولا نميز ببن ابناء الحي الواحد..

ثم جاء القضاء المحتوم فشيعته صيدا كما تشيع اي رجل من رجالها.. فكان عدد المسلمين في التشيبع هو اللون العام الأغلب بين المشيعين..

في لقاءاتنا الخاصة كان يجيب على سؤال قلق كان فيما بعد منطلقه ليقيم ندوة الحوار والمخيمات الصيفية الجامعة لعناصر شتى من شباب صيدا والجوار بما فيها المخيمات الفلسطينية..

كان السؤال ما الذي حدث حتى انقلب الناس ضد بعضهم بعدما عاشوا معا قرونا؟

إقرأ ايضاً: طقس «مُحيِّر» في بداية ايلول..حار اليوم وغداً!

وكانت مداخلته دائما هو فساد من ادخل على المسيحية ما ليس منها.. وبطبيعة الحال على من ادخل على حياة المسلمين ما ليس من هدي الإسلام..

والنقطة الثانية التي كان يتناولها: الانغلاق، فقد كان سكان صيدا والحوار يرسلون أبناءهم إلى مدارس صيدا لاسيما الثانوية الرسمية فيتعايشون وينشطون ويتحاورون ويتزاورون، ثم ماذا؟ صار في كل منطقة مدرستها وسوقها وحياتها الاجتماعية وناديها الرياضي أو الثقافي الخاص بها ولم يعد التداخل والتعايش كما كان..

ثم جاءت حرب السنتين السوداء النكداء العمياء فزادت البعد وزرعت ثقافة الكراهية..

وكان الاستنتاج انه لا يمكن معالجة واقعنا بالكلام المعسول وإنما بالبرامج العملية الميدانية لاقتراب الناس وتعايشهم كما عهدنا مجتمعنا الصيداوي والجوار..

لا يمكن معالجة واقعنا بالكلام المعسول وإنما بالبرامج العملية الميدانية لاقتراب الناس وتعايشهم كما عهدنا مجتمعنا الصيداوي والجوار

لم يكن الكاهن القادم من مشغرة ثم المطران الراحل من صيدا إلى عالم الآخرة.. لم يكن سليم الغزال مجرد عابر في تاريخ المدينة بل قبلته المدينة واحدا من أبنائها فاستقبلته كما يليق بدينها وثقافتها وأخلاقها.. وودعته أيضا كما يليق بوداعها لعزيز عليها.. وهو من جهته رد التحية بأحسن منها مدركا أن قدر هذه المنطقة هو التعايش واللقاء والتعالي عن الصغائر التي توغر الصدور وتدمر الدور..

يصغر المرء أو يسمو بعمله.. فعمله هو نسبه وهو ثروته وهو تراثه الذي يتركه خلفه..

كان المطران سليم الغزال من الذي حملوا رسالة الإنسان دون أن يتخلى عما يعتقد.. يمد يده حتى للذين قطعوا ايديهم..

وما زلت ارى فيما ترك بصيص امل في وحدة صيدا والجوار بهمة صاحب الأمانة الأستاذ إميل وزملائه في رسالة الحوار.


السابق
طقس «مُحيِّر» في بداية ايلول..حار اليوم وغداً!
التالي
بعد فقدان المصارف مصداقيتها..اللبنانيون يمنحون «ثقتهم» لمكاتب التحويلات المالية!