أوروبا تخسر معركة التغيير المناخي.. إبحث عن روسيا!

يضرب العودة لاستهلاك الفحم الحجري أوروبياً، كل مجهود العالم للحد من ظاهرة تغيير المناخ. ويضرب كل مجهودات المؤتمرات الدولية، وبخاصة اتفاق باريس "الكبير" في العام 2015، والذي بُنيت عليه آمال كبيرة! فالصندوق الأخضر، وهو الذراع التنفيذي لهذا الاتفاق، والذي كان من المفترض تمويله بمستوى 100 مليار دولار سنوياً لمساعدة الدول النامية في تخفيض انبعاثاتها الغازية لم يتمّ إنشاؤه حتى اليوم. كما لم تقمّ الدول "المتطورة" بالوفاء بالتزاماتها. وبخاصة باتفاق اللحظة الأخيرة في باريس بين الولايات المتحدة والصين. كل ذلك، قبل التذرع بمفاعيل الحرب الروسية - الأوكرانية. لكن الاستعمال الاضافي للفحم الحجري يؤكد خسارة المرحلة الأولى من المعركة المناخية، بالذهاب بالاتجاه المعاكس لكل ما عملت أوروبا والعالم من أجله لجهة الحياد الكربوني وتخفيف الانبعاثات الغازية والحد من التلوث ومنع حرارة الارض من الارتفاع درجتين.

فالفحم الحجري هو قمة التلوث في استعمال الطاقات الأحفورية. ولا شك أن مسألة التعويض عن الغاز الروسي يفقد العالم عقله ووعيه معاً، مع كل ما يستتبع ذلك من كوارث بيئية ستفوق بتكلفة نتائجها أضعافاً كبيرة ما يمكن لأوروبا أن توفره من الفحم الحجري.
كل ذلك، من دون الحديث عن الخسائر الاقتصادية العادية. ما يعني أن أوروبا عالقة بين فكي الكماشة، بين حاجتها الملحة للغاز الروسي، وبين الاستسلام والخسارة في معركة تغيير المناخ.. وهي اختارت الخسارة!

وفي موجز الوضع الطاقوي الأوروبي، لا تعتمد أوروبا في استهلاكها للطاقة المتجددة سوى على 17% من مجمل أنواع الطاقة. وهي تعتمد على الغاز بنسبة 24 – 25%. بينها حوالى 40% بالاعتماد على الغاز الروسي. حيث تحتاج ألمانيا الى حوالى 43 مليار متر مكعب من الغاز الروسي سنوياً، مقابل حوالى 30 مليار متر مكعب لإيطاليا، من دون ذكر حاجات الدول الأوروبية الأخرى مثل هولندا وبولندا وغيرها.

أوروبا عالقة بين فكي الكماشة بين حاجتها الملحة للغاز الروسي، وبين الاستسلام والخسارة في معركة تغيير المناخ

أوروبا، لا تملك تجهيزات “إضافية” للاعتماد على الطاقات المتجددة، التي تعمل بكامل قدراتها تقريباً. وليس لديها بنية تحتية لتخزين غاز من مصادر أخرى. فالتخزين الأساسي للغاز الروسي يأتي الى محطات نهاية البايبلاين في “نورد ستريم 1”. ولا يوجد لديها بنية تحتية لتخزين إضافي لأي نوع من أنواع الطاقات الأخرى مثل النفط أو الفحم الحجري.

أوروبا لا تملك تجهيزات “إضافية” للاعتماد على الطاقات المتجددة التي تعمل بكامل قدراتها تقريباً. وليس لديها بنية تحتية لتخزين غاز من مصادر أخرى

إن مناجم الفحم الحجري الأكثر إنتاجاً في أوروبا اليوم هي في ألمانيا وبولندا على التوالي (بعد روسيا). وقد رفعت كل من ألمانيا وبولندا مؤخراً من كمية استخراجها للفحم الحجري من مناجمها. ولكن الانتاج الاوروبي لا يكفي لتغطية حاجات دول الاتحاد الأوروبي كلها. وحدها بولندا تسعى حالياً لبناء ثلاث محطات جديدة، لانتاج الكهرباء على الفحم الحجري بقدرة إجمالية تصل الى 960 ميغاواط، مقابل معمل واحد لليونان بقدرة 600 ميغاواط.

كل مؤشرات البنى التحتية أنه لا إمكانية عملية لأوروبا للاستغناء عن الغاز الروسي في السنوات الخمس المقبلة وإن فعلت فبتكلفة عالية جداً

256 محطة لتوليد الكهرباء تعمل على الفحم الحجري في دول الاتحاد الأوروبي. ولكنها لا يمكنها زيادة قدرتها الانتاجية، ولا يمكن تزويدها بكميات أكبر بكثير من قدراتها الاستهلاكية الحالية من الفحم الحجري. أما العمل على استيراد الفحم الحجري فهو يحتاج الى وسائل نقل عملاقة بتكاليف هائلة، من أوستراليا ومن إندونيسيا على وجه الخصوص.

تشير كل مؤشرات البنى التحتية أنه لا إمكانية عملية لأوروبا للاستغناء عن الغاز الروسي في السنوات الخمس المقبلة، وإن فعلت فبتكلفة عالية جداً تتخطى 200 مليار دولار، وقد تصل وتتخطى 300 مليار دولار.

إقرأ أيضاً : «مصرف لبنان» بدأ بتطبيق سياسة رفع الدعم التدريجي عن البنزين!

السابق
لخفض ضغط الدم المرتفع.. عليكم بهذه الأطعمة الـ12!
التالي
بسام الشيخ حسين «حرّ طليق»!