لبنان على مفترق طرق.. مساران لا ثالث لهما!

يقف لبنان الآن على مفترق طرق ويبرز مساران لا ثالث لهما: الإعتراف بالواقع وبالأزمات العميقة التي نعاني منها والتعامل معها وجهًا لوجه مما يعني إتخاذ الإجراءات المطلوبة والقيام بالإصلاحات الضرورية والملحة والتي تضع البلد على السكة الصحيحة، أو ترك الأمور على ما هي عليه واستمرار حالة الإنكار عند البعض لن يبقينا حيث نحن الآن، بل سيدفع بالبلاد إلى المزيد من الإنزلاق إلى الهاوية.


بهذا الكلام وصف نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي الواقع، معتبراً   أن التقاعس عن القيام بما يجب القيام به ليس خيارًا بالنسبة لنا، ولم تعد مسألة شراء الوقت التي اتسمت بها معظم السياسات المالية والنقدية على مدار السنوات الماضية ممكنة لأن الوقت أصبح نادرًا جدًا وبالتالي ذا قيمة جد مرتفعة. وقال: “لن ينقذنا أحد إذا لم نحاول إنقاذ أنفسنا. إن مشاكلنا كبيرة لدرجة أن القليل من المساعدة من الأصدقاء المتبقين لنا في العالم لن يؤتي بالنتائج المرجوة. مشاكلنا أكبر من أن ينقذنا الآخرون، ولكن مع إتخاذ الإجراءات الصحيحة وبمساعدة المجتمع الدولي، يمكننا أن نخطو أولى الخطوات على طريق التعافي. أي تأخير في المضي بالإصلاحات لن يؤدي إلى زيادة حدة الأزمة فحسب بل سيزيد من الوقت اللازم للخروج منها.”

وأوضح أن البرنامج المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي هو إتفاق شامل وجريء ومتكامل مع أجندة إصلاحات تتناول جميع أوجه الإصلاح وهذه الإصلاحات تأتي متناسقة مع حجم الصعوبات التي نواجها، لافتًا إلى أن تنفيذ كل البنود الواردة في الإتفاق يتطلب جهودًا متناسقة ومتسلسلة كما ووجود إدارة فعالة مما يستجوب معالجة التردي الإداري وتحسين ظروف العاملين في القطاع العام بشكل جذري من خلال خطة متكاملة والأفضل من خلال موازنة 2023 والتي يجب البدء بالتحضير لها بأسرع وقت ممكن.

إقرأ أيضاً: أخطر مروّجي «الدولار المجمّد» عبر السوشال ميديا.. كيف وقع؟!

وأكد الشامي أن إقرار قانون التعديلات على السرية المصرفية من قبل مجلس النواب هي خطوة في الإتجاه الصحيح وإن كنا ما زلنا ننتظر رأي الصندوق بالتعديلات التي طرأت عليه. وقال: “كما أقر هذا القانون بسرعة قصوى، نتمنى أن تسري هذه الفعالية على الإجراءات المسبقة المتبقية. والمطلوب اليوم قبل الغد هو إقرار موازنة 2022 وإن كان ذلك متأخرًا، وذلك للإنصراف إلى تحضير موازنة 2023. إن النقاش الدائر اليوم حول سعر الصرف المعتمد في الموازنة والدولار الجمركي هو نقاش مفيد ولكنه استحوذ على الكثير من الوقت و في بعض الأحيان خرج عن إطاره الصحيح.”

موازنة 2022 أعدت على أساس سعر صرف 20000 للدولار الواحد وهو سعر الصيرفة الذي كان سائدًا في ذلك الوقت

وأوضح أن موازنة 2022 أعدت على أساس سعر صرف 20000 للدولار الواحد وهو سعر الصيرفة الذي كان سائدًا في ذلك الوقت، ولذلك فإن أي تعديل في سعر الصرف يجب أن يكون منسجمًا مع سعر الصرف الحالي، مشيرًا إلى أن الطروحات الحالية التي تنادي برفع سعر الدولار المطبق على الجمارك بالتدرج سيحرم الموازنة من الحصول على الإيرادات التي هي بأمس الحاجة إليها لتحسين ظروف العاملين في القطاع العام ولزيادة الإنفاق على القطاعات الإجتماعية والبنى التحتية والتي ستعود بالنفع على كل اللبنانيين. واعتبر أن رفع الدولار الجمركي بالتدرج سيزيد من الإستيراد والتخزين (وذلك بانتظار رفع السعر من جديد) وسيكون ذلك لمصلحة المستورد وعلى حساب الخزينة ومعظم اللبنانيين.

أما بالنسبة لقانون الكابيتول كونترول وبعدما أشبع درسًا على مدى فترة طويلة، فرأى الشامي أن الوقت قد حان لإقراره وبسرعة مع الأخذ ببعض الملاحظات من مختلف شرائح المجتمع ولكن دون المس بجوهر القانون المقدم من الحكومة والذي يهدف إلى وضع قيود وضوابط على التحاويل والسحوبات وذلك بهدف الحفاظ على ما تبقى من الإحتياطات الأجنبية وتحسين وضع ميزان المدفوعات بشكل عام.

يجري الآن العمل على التعاقد مع شركات تدقيق عالمية لتقييم الـ14 مصرفًا، كما يعمل على إنهاء التدقيق بالأصول الأجنبية لمصرف لبنان

وعن قانون إعادة هيكلة المصارف، فأكد أن لجنة الرقابة على المصارف ومصرف لبنان يعملان وبالتشاور مع صندوق النقد الدولي على إعداده، وذلك لإحالته إلى مجلس النواب بالسرعة المطلوبة. وتزامنًا مع ذلك، يجري الآن العمل على التعاقد مع شركات تدقيق عالمية لتقييم الـ14 مصرفًا، كما يعمل على إنهاء التدقيق بالأصول الأجنبية لمصرف لبنان والمفترض أن يصل إلى خواتيمه قريبًا.

أما الإجراء المسبق الأخير، فلفت إلى أنه توحيد سعر الصرف وتحريره ليعكس حالة الأسواق والعرض والطلب والذي من المفضل أن يأتي من ضمن حزمة متكاملة من الإصلاحات مما قد يؤدي إلى تحسين سعر الصرف واستقراره، وعندها يجب أن يقتصر التدخل في سوق الصرف فقط على الحد من التقلبات الشديدة في أسعار الصرف التي لا تعكس الأساسيات الإقتصادية.

ورأى الشامي أن المضي بالسياسات الإقتصادية المطلوبة هو ضروري لوضع لبنان على مسار التعافي، وعلى الرغم من كل الصعوبات والمشاكل التي نرزح تحتها، ما زال بإمكاننا إنتشال البلد من أزمته العميقة. فلبنان بلد صغير يزخر برأس مال بشري جيد (على الرغم من النزيف الذي حدث مؤخرًا)، وشعبه طموح وخلاق ومحب للحياة الكريمة.

وقال: “نعم نستطيع أن نتجاوز خلافاتنا السياسية والطائفية والمذهبية القاتلة لنعمل معًا من أجل ما يهمنا جميعًا وهو إنقاذ لبنان من هذه الأزمة غير المسبوقة في التاريخ الحديث. لن يرحمنا التاريخ إن لم نعمل لذلك.”

السابق
العراق… النظام بين الشرعية والمشروعية
التالي
التعديل بقيمة بدل النقل.. هل أصبح نافذاً؟