«مقتلة المرفأ».. 46 متهماً بينهم من «الصف الأول» و42 دعوى ضد البيطار و «لن يستسلم أو يتنحى»!

القاضي طارق البيطار و قضية المرفأ

هو اليوم الرابع والعشرون بعد المئتين، للمحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ طارق البيطار ، بعيدا عن مكتبه ، بالتزامن مع الذكرى الثانية لجريمة العصر التي وقعت في الرابع من آب من العام 2020 ، إثر تدخلات سياسية وحملات خاضها الثنائي الشيعي حزب الله وحركة امل ضده، أبعدته مؤقتا عن ملف التحقيق، حملات واجهها بكل عزم ومثابرة على المضي بالتحقيق مهما إشتدت عليه الضغوطات التي زادت من ثباته وجرأته في الوقوف وحيدا في محاربة منظومة سياسية كاملة، لم تكتف بتوجيه اتهامات ضده بالتسيّس والتحيّز ، على ما ورد في تصريحات امين عام حزب الله حسن نصرالله، انما قامت بتهديده في “عقر داره”، عبر مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق وصفا، والذي لم يجد القضاء “جدّية” للتحقيق فيه ليتم حفظه في الادراج.

حملات واجهها بكل عزم ومثابرة على المضي بالتحقيق مهما إشتدت عليه الضغوطات التي زادت من ثباته وجرأته


على ان الايام المئتين والاربع والعشرين تلك، إغتنمها البيطار فرصة لتنظيم ملفه الذي يتألف من آلاف الصفحات، ودرسه بتمعّن، وذلك تمهيدا لبدء وضع اول كلمة في قراره الاتهامي، بعد تذليل العقبات من امامه، بحيث يعود الى عمله وقد وضع الخطوط العريضة فيه، والذي يحدد بموجبه المسؤوليات حول الجريمة، وذلك وفق ما كشفت مصادر قضائية ل”جنوبية” التي اكدت ان البيطار “لن يستسلم ولن يتنحى إلا اذا فرض عليه القانون ذلك”، كاشفة ان المحقق العدلي يتعرض ل”حرب كبيرة” وسط صمت مريب لمجلس القضاء الاعلى.

البيطار لن يستسلم ولن يتنحى إلا اذا فرض عليه القانون ذلك كاشفة ان المحقق العدلي يتعرض ل”حرب كبيرة” وسط صمت مريب لمجلس القضاء الاعلى.


وعشية الذكرى، وقف المسؤولون يتفرجون على إنهيار اجزاء من الاهراءات في المرفأ، الشاهد الصامت على الجريمة، وسط إعتراض اهالي الضحايا، في وقت اكدت مصادر قضائية ل”جنوبية” ان البيطار كان قد ابلغ المعنيين ان هدم الاهراءات من عدمها لا يؤثر على مجريات التحقيق”.

مصادر قضائية ل”جنوبية”: البيطار كان قد ابلغ المعنيين ان هدم الاهراءات من عدمها لا يؤثر على مجريات التحقيق

ومنذ تسلمه الملف في 19 شباط العام الماضي، بعد “إبعاد” سلفه القاضي فادي صوان، أمضى البيطار الاشهر الخمسة الاولى في إعادة استجواب الموقوفين الذين رسا عددهم على 17 ، بعد إخلائه على دفعات تسعة منهم، والاستماع الى شهود، ما أفضى الى توسيع دائرة التوقيفات والادعاءات لتشمل مسؤولين وقادة امنيين، ورَفَع عدد المدعى عليهم الى 46 لتستعر “المواجهة” بين هؤلاء وبين البيطار ادت الى سلوك التحقيق مسارا قضائيا معقدا، قد يدفع “اولياء الدم” اهالي الضحايا والجرحى الى اللجوء الى المحكمة الدولية “آخر الدواء”، بعدما حصدوا الخيبة والريبة من سلوك السلطة السياسية تجاه الجريمة، وذلك عبر المطالبة بتعيين لجنة تقصي حقائق دولية، لمساعدة التحقيق المحلي، الامر الذي دونه عقبات، بفعل رفض الكتل السياسية التي ينتمي اليها المسؤولون المدعى عليهم هذا الامر، كونهم يتحصّنون بحصانتهم النيابية، فيما امام المحكمة الدولية لا حصانة لاحد ولا من”يتحصّنون”.

لم يألُ المتضررون من إجراءات البيطار جهدا في عرقلة مسار تحقيقاته


ولم يألُ المتضررون من إجراءات البيطار جهدا في عرقلة مسار تحقيقاته، حتى انهم “نبشوا” مراسيم قضائية اعتبروها مخالفة للميثاقية وهي معتمدة منذ عشرات السنين، هذا فضلا عن الدعاوى التي “امطروا” بها البيطار وقضاة نظروا بدعاوى ضده ووصل عددها حتى الان الى 42 دعوى.


فبشأن مرسوم تعيين رؤساء محاكم التمييز الذين تتألف منهم الهيئة العامة لمحكمة التمييز، وما لهذه الهيئة من دور مهم في البت بدعاوى ضد البيطار لانطلاق تحقيقاته مجددا، وضع المتضررون عراقيل في وجه هذا المرسوم لمنع توقيعه من وزير المال ليأخذ طريقه، فالوزير يوسف خليل المحسوب على الثنائي الشيعي،”إستخدمه” المتضررون لفرملة المرسوم، بحجة عدم وجود توازن طائفي في التعيين، علما ان تعيين خمسة من القضاة المسلمين وخمسة من المسيحيين رؤساء لمحكمة التمييز إضافة الى رئيس الهيئة المسيحي، هو إجراء سار عليه مجلس القضاء منذ زمن ولم يسبق لاحد ان اعترض عليه من المعنيين في التوقيع على المرسوم، غير ان المتضررين من تحقيقات المرفأ رأوا فيه مخالفة لمزيد من العرقلة.

تتساءل مصادر مطلعة عما اذا كان ثمة “تواطؤ” في “مكان ما” يزيد من معوقات البيطار للمضي في الملف خصوصا إثر فشلهم في إبعاده عن الملف ودفعه الى التنحي


وبعد ان “خسر” السياسيون من المدعى عليهم النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر والنائب السابق نهاد المشنوق والوزير السابق يوسف فنيانوس ورئيس الحكومة السابق حسان دياب دعاوى رفعوها ضد البيطار،امام عدد من المحاكم، لجأوا الى الهيئة العامة التي يرفض رئيسها القاضي سهيل عبود “حتى الآن” تعديل المرسوم، ما يزيد من إعاقة التحقيق بملف المرفأ. ومن هنا تتساءل مصادر مطلعة عما اذا كان ثمة “تواطؤ” في “مكان ما” يزيد من معوقات البيطار للمضي في الملف خصوصا إثر فشلهم في إبعاده عن الملف ودفعه الى التنحي، وذلك بعد تحميله مسؤولية “أحداث الطيونة” التي قادها”الثنائي الشيعي”، وحصدت ستة شهداء.

القادة الامنيين المدعى عليهم “يطمئنون” الى “مسار” التحقيق فعلى الرغم من توجيه البيطار طلبات عديدة الى المعنيين بإعطاء الاذن لملاحقتهم فان هذه الطلبات لم تلق الآذان الصاغية


هذا من جهة، ومن جهة اخرى، فان القادة الامنيين المدعى عليهم، “يطمئنون” الى “مسار” التحقيق، فعلى الرغم من توجيه البيطار طلبات عديدة الى المعنيين بإعطاء الاذن لملاحقتهم، فان هذه الطلبات لم تلق الآذان الصاغية من المجلس الاعلى للدفاع الذي يرأسه رئيس الجمهورية ميشال عون بشأن ملاحقة مدير عام امن الدولة اللواء طوني صليبا ، الذي تمت مكافأته بإعادة تعيينه على رأس الجهاز، ولا من وزير الداخلية السابق محمد فهمي والحالي بسام مولوي بشأن ملاحقة مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي كلّف بمهمات خارج حدود الوطن وبات”المنقذ” لعدد من الملفات الشائكة.

يبقى القضاة بمنأى عن الملاحقة والذين طلب البيطار التحقيق مع ثلاثة منهم بعد احالتهم الى النيابة العامة التمييزية حيث تم”إحتضانهم” وإبعاد شبح الملاحقة عنهم


وبين المسؤولين السياسيين والقادة الامنيين، يبقى القضاة بمنأى عن الملاحقة ، والذين طلب البيطار التحقيق مع ثلاثة منهم بعد احالتهم الى النيابة العامة التمييزية، حيث تم”إحتضانهم” وإبعاد شبح الملاحقة عنهم، بعد ان قرر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات حفظ الدعوى بوجه مساعده القاضي غسان الخوري، بعدما احاله البيطار امامه للتحقيق معه بملف المرفأ، كون الخوري كان قد اتخذ قرارا في شهر ايار، اي قبل الانفجار بأقل من ثلاثة اشهر، بحفظ التحقيق الذي اجراه امن الدولة بشأن العنبر رقم 12 حيث كانت شحنة نيترات الامونيوم مكدّسة فيه، فيما لم يتخذ اي اجراء بحق اثنين آخرين ، واللذين لو اتخذا حينها قرارات”عاجلة” حيث كانا يشغلان منصب قاضي امور مستعجلة ، لكانا جنّبا البلد كارثة الانفجار.
واذا كان المحقق العدلي قد رفض اخلاء سبيل 17 موقوفا قبل رفع يده عن الملف في كانون الاول الماضي، فان هؤلاء ساروا على الطريق نفسه الذي سلكه المدعى عليهم من السياسيين، برفع دعاوى ضده ، فيما لم يسجّل لمدعى عليهم منهم اي دعوى بوجه البيطار الذي كان تريث بإتخاذ قرار بشأنهم بعد ان استجوبهم، ومن ابرزهم قائد الجيش السابق جان قهوجي.

بات واضحا سبب الانفجار الذي تأتّى من محاكاة اجريت في المرفأ قبل اشهر وأظهرت بنسبة كبيرة انه ناتج عن عملية تلحيم لباب العنبر قبل ساعتين من حصول الكارثة التي لا تزال ماثلة في أذهان اللبنانيين


وفيما ينتظر البيطار دق اسفين في جدار التعطيل، فان نقابة المحامين في بيروت التي تمثل جهة الادعاء عن معظم اهالي الضحايا والمتضررين من الانفجار، لم تقف موقف المتفرج، فتقدمت بدعوى تعسف ضد الثنائي زعيتر وحسن خليل لاستخدامهما تعسفا حق الدفاع عبر سيل الدعاوى التي قدماها ضد البيطار، وطالبت النقابة بتعويضات مالية باهظة بهذه الدعوى التي لا تزال محكمة الاستئناف الناظرة في القضايا المالية تنظر بها والتي تواجَه بدورها بمحاولات هذا الثنائي التهرب من التبليغ، كما حصل مع البيطار الذي كان قرر ابلاغهما لصقا واصدر حينها مذكرة توقيف غيابية بحق حسن خليل فيما “نجا” زعيتر الى الآن من هذا الاجراء بعدما سارع الى تقديم دعوى رد ومخاصمة ضد البيطار، الذي كان اصدر مذكرة توقيف مماثلة بحق فنيانوس.


ولم تتوقف النقابة عند هذا الاجراء بوجه الثنائي، انما تخطى عملها الحدود، بتكليف محامين الحصول على مستندات ووثائق تحدد مسار باخرة روسوس التي كانت تنقل شحنة النيترات، وتلك التي تظهر الاصحاب الحقيقيين لمالكي الشحنة، فيما بات واضحا سبب الانفجار الذي تأتّى من محاكاة اجريت في المرفأ قبل اشهر وأظهرت بنسبة كبيرة انه ناتج عن عملية تلحيم لباب العنبر قبل ساعتين من حصول الكارثة التي لا تزال ماثلة في أذهان اللبنانيين.

https://fb.watch/eHKKvZhEx5/?fs=e&s=cl
السابق
سنتان على انفجار المرفأ: متى يخرج «الدخان الأبيض».. لا مساومة على الدم والعدالة!
التالي
الحريري في ذكرى ٤ آب: جرح بيروت لن يلتئم إلا بسقوط اهراءات التعطيل