معنى.. معاناة.. معنويات

غسان صليبي

تحت عنوان “معنى، معاناة، معنويات” نشر الكاتب غسان صليبي عبر صفحته على “فيسبوك” التالي:

منذ ليل أمس
وانا إفتش عن طريقة
لرفع معنويات
شخص احبه.

غفوت على إكتشاف
أن في كلمة “معنويات”
تختبئ كلمة
“معنى”.

صحوت
عند الرابعة صباحا
على إكتشاف آخر
وهو أن كلمة “معاناة”
تخبىء هي أيضا
كلمة “معنى”.

وكأن
في “المعاناة”
فقدان للمعنى
وفي “المعنويات”
استرجاع له.

نقول “بيعنيلي”
ونقصد
نحبه
أو نهتم له،
وكلمة “عنى”
تحيل الى كلمة
“معنى”.

كيف نسترجع
المعنى
ونرفع
المعنويات؟

يقول لك البعض
“كن إيجابيا”
، Be Positive
وهذه النصيحة
متداولة عالميا
لمساعدة البشر
على النظر بطريقة مختلفة
الى ما يعيشونها من صعوبات،
لعل وطأة هذه الصعوبات تخف
وقدرتهم على تخطيها تقوى.

يمكن تلخيص نصيحة
“كن إجابيا”،
بضرورة أن تعطي بنفسك
“معنىً إيجابيا”
لما يحدث معك،
والشطارة
هي في إيجاد المعنى.

ليست النصيحة سخيفة
كما يعتقد البعض،
وإن كان من يكررها
يبالغ أحيانا
في توقع تأثيراتها.

وأصبح معروفا
تأثير الدواء الوهمي(Placebo effect)
على العلاج,
إذا لم يشكك المريض بمصداقيته
و”صدّق” انه سيشفيه،
وهذا ينطبق على معتقدات الشخص
وقدرتها على التأثير به
بقدر ما تكون متجذرة فيه
وله ثقة بتأثيراتها.

فالمعنى
الذي تعطيه للشيء،
لحدث أو لوضع أو لحالة،
يؤثر في مدى تأثيره عليك
وفي حجم تأثيرك به.

الشعر
والأدب
والفنون
يخترعون المعنى،
ويحوّرونه
إذا اقتضى الأمر.

حتى العلوم،
الطبيعية والانسانية،
تعطي نتائج أبحاثها معنىً
عبر الاستنتاجات والخلاصات،
وهذا المعنى هو ما يؤثر
بالنفسيات والسلوكيات
وليس التحليل أو التفسير،
ولا حاجة لك للإطلاع
على حيثيات الأبحاث،
لتجعل من “معنى” نتائجها
معتقدات تضيء طريقك.

رفع المعنويات
يبدأ إذا بإبتكار “المعنى”،
الذي يخفف من المعاناة
من خلال تغيير النظرة إليها.

كانت الساعة
قد قاربت السابعة والنصف صباحا
عندما وصلت إلى هذا الاستنتاج،
الذي يعرفه كل انسان ويمارسه يوميا
عندما يبرر أو يفسر ما يعيشه،
وإذا بي أرى عصفورا يطير
في بداية يومه،
وبدل أن أحسده لأنه يطير
فيما انا وشعبي ووطني
ندور في حلقة مفرغة،
قلت في نفسي
وربما في محاولة مني ل”رفع المعنويات”،
أن العصفور وهو يطير
ينظر إلى الأمام وإلى الأسفل
فيما انا انظر إلى الأعلى.

لم أشعر
اني أكذب على نفسي
وانا أبتكر هذا المعنى،
فهو نابع من داخلي
ومن حاجتي لرفع معنوياتي
ومعنويات من أحب
الى الأعلى.

السابق
خاص «جنوبية»: المصارف «تتكارم» على صندوق النقد.. من «كيس» المودعين!
التالي
إملاء الدستور