ماذا ينفع لبنان إذا خسر نفطه وغازه.. وربح «حزب الله»؟!

علي الامين
من نصر "إلهي" الى نصر "حزب اللهي"، يُحتضر لبنان أرضاً وشعباً ونفطاً ومؤسسات، تحت ضربات "حزب الله" التاريخية، التي رنحته وانهكته، بإنتظار "الضربة القاضية"! فضيحة التنازلات عن الحقوق البحرية وبطلها رأس حربة الممانعة "حزب الله"، تعري هذه المنظومة أخلاقياً قبل أي شيء، وتسقط عنها "التكليف الشرعي" التي أعطته لنفسها وتاجرت به، وأوهمت شريحة كبيرة من اللبنانيين، انه لا ضير من يخسروا أنفسهم وبلدهم وثرواتهم.. ويربح "حزب الله" عليهم!

التنازل عن الخط ٢٩ من قبل لبنان وترحيب اسرائيل بهذه الخطوة، نقل عملية التفاوض من حق لبنان في حقل كاريش المنجز، الى حقل قانا غير المعروف، ان كان يحتوي على ثروات سواء اكانت نفطية او غازية. باختصار الانتقال في التفاوض الى المساحة التي ارادتها اسرائيل، والتي تتنافى مع ما يُفترض من حقوق لبنانية، تفترض في الحدّ الأدنى الانطلاق في عملية التفاوض من الخط ٢٩، الذي يحظى بحماية قانونية دولية، فيما لو لم تقدم الدولة اللبنانية بادارة “حزب الله” على التنازل لاسرائيل عن حقل كاريش او الخط ٢٩.

مبررات التنازل التي جرى تسويقها من قبل قوى الممانعة عديدة وهشّة، ولا تتلاءم مع الخطاب الذي طالما اعتمِد من هذا الفريق في التعامل مع مسألة الحدود البرية والبحرية مع اسرائيل

بالطبع مبررات التنازل التي جرى تسويقها من قبل قوى الممانعة عديدة وهشّة، ولا تتلاءم مع الخطاب الذي طالما اعتمِد من هذا الفريق في التعامل مع مسألة الحدود البرية والبحرية مع اسرائيل، والذي كان يقوم على مقولة، ان لا ترسيم للحدود مع العدو لأنه ينطوي على اعتراف باسرائيل، وهذا الذي يفسر اسباب المماطلة والتلكؤ في مقاربة هذا الملف طيلة ١٥ عاما، أي الوقت الذي باتت فيه اسرائيل جاهزة لتصدير الغاز، بعدما استكشفت ونقبت واستخرجت، فيما لبنان قرر التنازل والتوصل الى اتفاق اليوم، ايّ في أسوأ لحظة سياسية، لحظة انهيار الدولة على المستوى السياسي والاقتصادي.

يبدو ان فرص التوصل الى مثل هذا الإتفاق كانت متاحة، وفي ظروف كان يمكن للبنان ان يحقق مكاسب، وفي ظروف كانت الدولة اكثر قوة وقدرة تفاوضية، وكان لبنان بدأ باستخراج الغاز، الذي يتطلب استخراجه ٨ سنوات في أحسن الأحوال.

استعراض المسيرات من قبل “حزب الله” السبت، لا يلغي حقيقة ما جرى من تنازلات لاسرائيل على مستوى الثروة النفطية، بل يؤكدها!

السؤال الذي يجب ان يطرح على المعنيين من يتحمل مسؤولية التسويف والمماطلة، وما هي الغاية من تأخير اتفاق كان يمكن التوصل اليه قبل سنوات وبشروط افضل؟
استعراض المسيرات من قبل “حزب الله” السبت، لا يلغي حقيقة ما جرى من تنازلات لاسرائيل على مستوى الثروة النفطية، بل يؤكدها، طالما ان خلاصة المطلب اللبناني اليوم كما تروج اوساط الممانعة، هو حفظ حق لبنان في استخراج النفط من حقوله، مع اضافة بند حقل قانا.

الاستعراض هنا غايته التغطية على التنازلات، خاصة أن “حزب الله” ومن خلفه الدولة، عندما قررا التنازل عن الخط ٢٩

الاستعراض هنا غايته التغطية على التنازلات، خاصة أن “حزب الله” ومن خلفه الدولة، عندما قررا التنازل عن الخط ٢٩ كانوا يروجون عبر منابر لبنانية عدة، بأن الغاية هي الإستفادة من الثروة النفطية في لبنان لمعالجة الازمات التي يعانيها، وان تأخير الإتفاق يعني تأجيل الثروة الغازية، التي ستفقد قيمتها كلما تأخر لبنان في استخراجها.

لا يمكن فهم الاستعراض لطائرات مسيرة لـ”حزب الله” وغير مسلحة بأي مواد تفجير، هو محاولة استحصال على “نصر صوتي” في أمر متفق عليه

اذاً منطق الدولة الممانعة، كان يقوم على فكرة ان التنازل عن الخط ٢٩ يعني بدء استخراج النفط والغاز، وبالتالي لا يمكن فهم الاستعراض لطائرات مسيرة ل”حزب الله” وغير مسلحة بأي مواد تفجير، هو استكمال للبروباغندا المعتادة، ومحاولة استحصال على “نصر صوتي” في أمر متفق عليه، إذ هل يعقل ان تكون الدولة اللبنانية وبدعم وإدارة “حزب الله” قد قدمت التنازل عن الخط ٢٩، من دون ان تضمن حقها في استخراج النفط والغاز من حقولها؟!

الممانعة تقدم التنازلات لواشنطن وتل أبيب ولكن على وقع قنابل صوتية، تعزف “ألحان” التحرير والصمود

ما يجري هو ليس اكثر من تغطية للتنازل لاسرائيل، وهذا اسلوب طالما كانت الممانعة تعتمده، تقدم التنازلات لواشنطن وتل أبيب ولكن على وقع قنابل صوتية، تعزف “ألحان” التحرير والصمود.

نقل المواجهة من محاسبة المسؤول عن التنازل للعدو، الى القول بعدم السماح للعدو باستخراج الغاز من حقل كاريش اذا لم يُسمح للبنان باستخراج الغاز من حقوله، هو محاولة لابتداع انتصار فارغ في جوهره، وهو محاولة يائسة من سلطة الممانعة، لتغطية الخيانات الوطنية بانتصارات وهمية ولو سُميت الهية!

السابق
ارتفاع دولار «صيرفة» يرفع اسعار المحروقات.. كيف أصبحت؟
التالي
بعد توقفه.. معمل «دير عمار» سيعود الى العمل قبل عيد الأضحى