«أربعون» محمد عبد الحميد بيضون.. «الرفاق» سعيد والهندي وعياش يستذكرون «المناضل الجريء» عبر «جنوبية»

محمد بيضون
ترك النائب والوزير السابق الراحل محمد عبد الحميد بيضون، بصمة لا تُنتسى في ميدان العمل السياسي منذ بداية مشواره نهاية الحرب مروراً بالنيابة والوزارة، وصولاً الى "حركته" عكس التيّار، حين انتهج مسار الإنتقاد لـ"الشيعية السياسية" المتّبعة، فغرّد خارج السرب بأسلوب "الناقد اللاذع والبنّاء". أهّلته ثقافته السياسية لموقع لصيق في مرحلة من المراحل من رئيس مجلس النواب نبيه بري، واستطاع بانفتاحه على القوى السياسية تولّي حقائب وزارية مختلفة، ليسدل الستار عن مهامه الحكومية والنيابية التي بدأت في التسعينيات مع نهاية ولاية مجلس النواب عام 2005، تزامناً مع تخلّيه عن مسؤولياته الحزبية في "حركة أمل" عقب الخصام، مُطلقاً العنان لمرحلة "المعارضة".

بحنكة، تمكّن محمد عبد الحميد بيضون من متابعة مسيرة تميّزه عبر السياسة النقدية لـ”الثنائي الشيعي”، الذي أحكم بقبضته على صوت شريحة لم تخضع للإملاءات، فواظب منذ عام 2005 على توجيه سهامه تجاه تلك القوى، بجرأة اتّسم بها في التعبير عن مواقفه، وعهدها كل من عاصروه وكاتفوه في رحلة المواجهة، التي تخطّى فيها موقعه السياسي السابق “غير آبه” لصعوبة الإعتراض، فرفع “صوت الحق” بوجه “المغامرين” دفاعاً عن ولائه للبنان.

إقرأ أيضاً: محمد عبد الحميد بيضون..غياب وجه شيعي معارض في الفكر والسياسة

عشية الذكرى الأربعين على رحيله، كان لـ”جنوبية” إضاءة على مسيرة رجل اختار المواجهة ولم يتردّد، وذلك عبر لقاءات مع شخصيات رافقوه في رحلة النضال رفضاً للأمر الواقع وسلطته.

رئيس لقاء سيدة الجبل النائب السابق فارس سعيد

تجربة “المراجعة السياسة” للراحل، ستحضر في ندوة تزامناً مع مرور ذكرى أربعينه بتنظيم من “لقاء سيدة الجبل”، إذ وبحسب رئيس اللقاء النائب السابق فارس سعيد فإن” شجاعة بيضون تكمن بأنه استخلص الدروس، وقام بعملية مراجعة وإنتقل من موقع إلى آخر، وجّسد خلال كل حياته النضال من أجل تسوية الفكرة اللبنانية القائمة على العيش المشترك”.

سعيد لـ”جنوبية”: عملة نادرة أسّس بخبرته مدرسة اسمها المراجعة


واعتبر سعيد “أن كل الطوائف، وليس فقط الطائفة الشيعية، تفتقد رجالات مثل بيضون يؤمنون بالتجربة اللبنانية، وبالتالي هذ كما يقال عملة نادرة لنا جميعاً، وليس فقط في بيئة معينة أو بسبب ظروف معينة تعيشها هذه البلاد”، لافتاً الى أن “هذا الرجل خرج من الحياة السياسية إلى الإهتمام بالوضع الميثاقي، ونجح في إعادة تكوين كوكبة من الأصدقاء حوله رأوا فيه تجربة وخبرة واستقامة”.
وأكّد سعيد “أن بيضون أسّس مدرسة اسمها المراجعة، هي رسالة للجيل السياسي الجديد، فخبرة بيضون كما تجربته، تأكيد على أن ليس هناك أي شيء نهائي في السياسة، إذ أن الأمور تنام على شيء وتصبح على غيره”.

توفيق الهندي
توفيق الهندي

لم يفت المفكر السياسي توفيق الهندي، الإضاءة على رحلة الصداقة مع بيضون التي بدأت في العام 1975 بحكم الزمالة في تدريس مادة الرياضيات، فكان العامل المشترك الأول بين الأستاذيين الجامعيين هو “العقلانية”، إذ”أن المسار السياسي بينهما تلاقى في مراحل عدّة”.
وقال الهندي:”في عمر الشباب خلال بروز ما يُسمّى اليسار القومي، كان كلٌّ منا في مكان مختلف ولكن في ذات التّوجه، وفيما بعد انضوى بيضون على حركة أمل، انضممت أنا الى القوات اللبنانية”.

الهندي لـ”جنوبية”: رفع الصوت في “بيئة قامعة” وشبّه بري بـ” اللاجئ السياسي” لدى “حزب الله”


أضاف:” وعلى الرغم من أننا كنا متباعدين في التوجهات خلال هذه الفترة، بقي الاحترام المتبادل بيننا وترسّخت صداقتنا”.
واعتبر الهندي أن “ما يُميّز بيضون أنه لبناني حقيقي ومتمسك بلبنانيته ، كما أنه في طرحه السياسي لديه عقلانية وموضوعية وشجاعة الموقف بخلاف الكثير”.
ولفت الى “أن التلاقي تواصل في مراحل عدّة بعد العام 2005، من خلال نقاشات أثمرت عن شراكة بتأسيس ما سُمّي حينها بالبيت اللبناني، الذي كان توجّهه إنقاذ لبنان وتحقيق السيادة اللبنانية وتنفيذ القرارات الدولية، لاسيما القرارين 1559 و1701 في منصف العام 2019، ولكن إصابته بالمرض حالت دون استمراره”.
وشدّد على “أن الراحل كان طاقة لبنانية كبيرة، وستفتقده الساحة اللبنانية لما لديه من مواقف شجاعة، فهو كان يواجه دون خوف، وجمع بين العقلانية والشجاعة والإقدام والتحليل للأمور بشكل عقلاني وصائب”.
اختصر الهندي رحلة الراحل في المواجهة بالقول:””صاحب موقف رفع الصوت بشكل صارخ على الرغم من أنه كان في بيئة قامعة لكل رأي مخالف لرأيها، أي حزب الله و حركة أمل، وأعطى صورة عن علاقة بري بالحزب بقوله أن الأخير هو لاجئ سياسي عند حزب الله”.

احمد عياش
الإعلامي أحمد عياش


الكلام عن بيضون يأخذ أبعاداً عدّة، لكن لكل شخص إمكانياته لتناول سيرة الراحل من زاوية ربما تكون لها علاقة بتجارب شخصية، وفق الإعلامي أحمد عياش الذي أعلن “بكل صراحة بحكم عمله لم يجد مثل بيضون كمرجع في الحياة السياسية، وفي المعلومات وفي التشخيص وفي التعليم، لا سيما أن هذا الرجل مزج بين العلم والسياسة”.
ولفت الى “أن موضوع العلم لم يفارق بيضون المتخصّص بالرياضيات، فهو ذهب بالعلوم من أجل تطبيقها في الحياة السياسية بمعنى الإحترام، أي احترام المعطيات والأرقام والإحصائيات وعدم تلفيق التوقعات”، مؤكداً أنه ” كان صريحاً ويناقش بعمق كل سياسات الدولة على مستويات عدة”.

عيّاش لـ”جنوبية”: كافح الشيعية السياسية وذهب بالعلوم لتطبيقها سياسياً


وقال عيّاش:” إن أهم ما لاحظته عند بيضون هو كفاحه من أجل مواجهة ما يُسمّى الشيعية السياسية أي حزب الله وحركة أمل”.
أضاف:”هناك من يقول بأن لبيضون تاريخ في العلاقات مع حركة أمل حيث كان رئيساً للمكتب السياسي لسنوات، إلا أنه أثبت منذ افتراقه عن هذه الحركة وحتى وفاته، بأنه كان مناضلاً بالمعنى الحقيقي، وواجه هذه الشيعية السياسية التي لفّقت موضوع الطائفة وأخذتها بعيداً، أولاً بإتجاه النظام السوري وحتى هذه اللحظة باتجاه النظام الإيراني، مما ورط لبنان وليس فقط وليس فقط الطائفة الشيعية في أصعب المراحل وأصعب الظروف”.
وجزم عيّاش “بأن بيضون له دور كبير على هذا المستوى، وكتبها في الكثير من المقالات استناداً لمعطيات الراحل ومعلوماته، لهذا فإن غيابه سيترك أثراً كبيرا جداً”.
وختم:”طبعاً نعود إلى الإرث أي إلى كتاباته وأفكاره”، مشيراً الى أن” قضيته كانت فعل إيمان يومي حول كيف يواجه الأحداث بعمق، لذلك أن إحياء ذكراه ليس من أجل الماضي وإنما للذهاب للمستقبل”.

ندوة تزامناً مع مرور ذكرى أربعين الراحل محمد بيضون بتنظيم من “لقاء سيدة الجبل”

السابق
بعد إعادة تكليفه.. ميقاتي يوجّه دعوة للقوى السياسية!
التالي
بعدسة «جنوبية»: ميقاتي يلتقي السنيورة وسلام.. وهذا موعد الاستشارات النيابية غير الملزمة!