محمد عبد الحميد بيضون..غياب وجه شيعي معارض في الفكر والسياسة

محمد عبد الحميد بيضون
يحاول البعض التنكر للحضور الفكري والسياسي، الذي كان يمثله الراحل الوزير والنائب الأسبق الدكتور محمد عبد الحميد بيضون على أكثر من صعيد، وهو الذي كان يمثل وجهاً من وجوه المعارضة الشيعية في الفكر والسياسة، وكان من الرجالات القلة الذين يتميزون بدقة وعمق الطرح والرؤية، التي كان يستشرف بها المستقبل، سيما مستقبل أبناء الطائفة الشيعية في لبنان.

 يأتي التنكر لإرث الفقيد الدكتور عبد الحميد بيضون، في إطار عمليات التشويه الكبيرة التي تعرض لها الرجل على وقع الخلاف السياسي الذي دار بينه وبين قيادة حركة أمل من جهة، وبينه وبين الثنائي الشيعي من جهة أخرى.

والرجل، رغم كونه قد تخصص بعلم الرياضيات في دراساته الأكاديمية، ورغم كونه خاض تجربة مع التيارات اليسارية، قبل أن يتحول إلى مصدر محوري للثقافة السياسية في اجتماعات حركة أمل التنظيمية في مختلف المناطق، ورغم انفتاحه في فترة تجربته البرلمانية والوزارية على كل التيارات الحزبية والسياسية في البلد، سيما مع أركان الحريرية السياسية، ورغم انضباطه واعتداله وتوازنه في الطرح السياسي، رغم كل ذلك لم يوفر النقد لحزب الله في المناسبات الخاصة واللقاءات التنظيمية الحركية، حيث كان يرى خطورة على مستقبل الشيعة في لبنان، إذا ارتهنوا للمشروع الإيراني بالكامل وتحولوا إلى وقود لتنفيذ مخططاته وطموحه في المنطقة. 

ابعاد عاشوراء عن المشاريع الحزبية 

 ويظهر أن عزل الرجل ونفيه عن دوائر القرار في حركة أمل، جاء على وقع تسوية بين إيران وبين الثنائي الشيعي، بتأثير قوي من ضغوط حزب الله في هذا المجال، ولا نكاد نفشي سراً في هذا الملف. ومن هذه النقطة بدأت محاولات التشويه والنفي التي تعرض لها الرجل في العقدين الأخيرين. 

إقرأ أيضاً: خاص «جنوبية»: «الجنون ضارب»..الدولار: «تخمة» لدى الصرافين و«ندرة» لدى البنوك وصيرفة!

وكان الفقيد إلى جانب حضوره الفكري والسياسي في كل المحافل والمواقع، كان يصر على إلقاء خطاب عاشوراء في العاشر من محرم في كل عام، في حسينية البر والإرشاد في منطقة المصيطبة في بيروت، وكان يتناول في هذا الخطاب – بالتحليل والتحقيق – الحركة الحسينية ومنطلقاتها ودوافعها، وتأثيراتها على التاريخ والحاضر، رافضاً استغلال العاطفة الحسينية في المشاريع الحزبية الضيقة، طمعاً في تكثير الأنصار والمحازبين.  

كان الدكتور بيضون يرى خطورة على مستقبل الشيعة في لبنان إذا ارتهنوا للمشروع الإيراني 

ومن هذا المنطلق شارك الفقيد لسنوات في مجالس عاشوراء، التي كان يلقيها الدكتور الشيخ إبراهيم العاملي، بين حسينية البر والإرشاد في منطقة المصيطبة  في بيروت بدعوة من العلامة السيد أحمد زكي تفاحة، وبين مركز دار الإفتاء الجعفري في مدينة صور الجنوبية، عندما كان يتصدى لمهام الإفتاء فيه العلامة المفتي السيد علي الأمين، وكانت للفقيد مشاركات فكرية ومداخلات مهمة، في أثناء هذا الحضور، ما زال المتابعون يرصدونها بالتقييم والإشادة . 

 لقد خسر لبنان طاقة من طاقاته الفكرية بفقدان بيضون يصعب تعويضها، كما خسرت الطائفة الإسلامية الشيعة جزءاً من تاريخها النضالي والجهادي بموته، كما فقدت المعارضة الشيعية ركناً من أركانها الحريصين، على بقاء شيعة لبنان خارج القمقم الذي أخرجهم منه الإمام موسى الصدر، وهذا ما ستذكره الأجيال القادمة بحسرة وأسىً بالِغَين . 

السابق
القوى «التغييرية» تواجه اختبارها الأول في انتخابات نائب رئيس مجلس النواب!
التالي
«أمل» تتعرض لأكبر خديعة إنتخابية بطلها «حزب الله»!