احمد علي الزين في رثاء الشاعر عبدالله: هل ضحِكت حين مشيت وحيداً للبيت الأخير؟

بعد الرحيل المُحزن للشاعر حسن خليل عبدالله، رثاه الروائي احمد علي الزين في كلام مؤثر قائلاً: “يا حسن ، ماذا فعلت ؟
حتى انت ؟!
منذ سنوات سبع لم ارك ، اكثر او اقل بقليل
وكنت قلت لي يوما قليلة هي الحياة يا احمد ،
نعم، يا حسن والشوق كبير .
تمر سنواتها بغفلة منا وتصبح الطريق الى البيت الاخير قصيرة وبعيدة عن بيتنا الاولي .
تذكر ، عفوا انت الان لا تستطيع اعمال الذاكرة ، تستطيع فقط ان تروي للتراب سيرة الصبي الذي لم يشخ في جسد تعب من حمله لثمانين سنة او أخف بسنة”.

اضاف: “كنّا هناك في اذاعة صوت الشعب ، وكنت انتظرك على الباب ، في يوم مطير ،لتشاركنا في برنامج صباحي ،وصلت مبللا متأبطاً فراغا ، سألتك لما تشد ذراعك على خاصرتك يا حسن ؟ فصحت ملتاعاً: “الشنطة” الشنطة ، طارت الشنطة …ورحت تجري للبحث عنها ،صغيرة ،بدورها، كانت ، شنطة طفل ،تحملها تحت ابطك ، لا تفارقك . سوداء صغيرة فيها ما يثبت انك من الخيام ولدت قرب ماء الدردارة وفيها مفتاح البيت في بيروت وقصائد ونقود قليلة وقلم وسر وصورة الحبيبة .
سقطت منك وانت تسابق المطر، لتقرأ الشعر في صباح ذاك اليوم ، سقطت دون ان تنتبه وبقيت متأبطا فقدانها ، يحدث نشعر اننا نحمل شيئا ويكون ضاع منا ، مثل اعمارنا ،في كل يوم يسقط منها مقدار لا نشعر به ونكمل الطريق ، وليس ذلك الا مجرد ظن .نعم .
اعلنا في الاذاعة ان شنطة صغيرة فقدها الشاعر حسن عبدالله فيها .. عثروا عليها بعد ايام ، اخذوا منها ما يلزمهم وابقوا على ما يلزمنا، اوراقك مسودات راعي الضباب .
يبدوا يا حسن الشعر لا يضيع لا يسرق حين سالنا حامل الشنطة عن اوراق الفلوس ، قال انه وجد فيها فقط اوراق بيضاء واخرى كتب عليها شيئا عن العصافير وعن قبر حرب وأشياء وكلمات فيها قرى وحقول وتبغ .
عثرنا عليها وبعد حوالي ثلاثين سنة اخذك الزمان ولن يعيدك .لم يعد ممن بقي من صحبتك يشاهدك في المقهى ، او في الحمراء متابطا شنطتك الصغيرة . او بدونها” .

وختم: ” لكن بالتاكيد سيسلم علينا طيفك ، ويذكرني باننا خرجنا مرة من حانة اندريه ، الى حيث تركن سيارتك ، ووجدت زجاجها الامامي محطما ، فضحكت ، وقلت لي يبدو كسروا الزجاج ،انت تضحك حتى في الاهوال ، لا اعرف من يضحك فيك ؟ الطفل الذي كتبت له حكايات الحروف التي نكتب فيها اسماءنا وسيرنا وجنونا واحلامنا وووو، ام الرجل الحكيم ؟
كاسك يا حسن .
ترى هل ضحكت حين مشيت وحيدا في الطريق الى البيت الاخير”؟

السابق
بالفيديو: الابداع اللبناني يسحر لجنة america’s got talent.. فرقة مياس تحصد الباز الذهبي وتتألق!
التالي
خاص «جنوبية»: هكذا إستجاب «الثنائي» لازالة صوره شعاراته عن طريق المطار!