حداد لـ«جنوبية»: على المجلس الجديد إستكمال الاتفاق مع صندوق النقد وإلا لا سقف للدولار

سعر صرف الدولار في السوق السوداء لا يهدأ، وكذلك المناكفات بين القوى السياسية في المجلس النيابي الجديد، ما يعني ان الأوضاع تتجه إلى مزيد من الفراغ السياسي والانهيار الاقتصادي.

بعد هدوء عاصفة الارقام والفائزين بالانتخابات النيابية الجديدة، يصح السؤال إلى أين سيصل الوضع الاقتصادي والمعيشي، بعد أن إستفاق اللبنانيون اليوم على إرتفاع موجع للدولار في السوق السوداء ( تجاوز 30 ألف ليرة)، وبعد الشائعات التي ملأت البلد بأن مصرف لبنان سيتوقف عن التداول بمنصة صيرفة والعمل بالتعميم 161، وبعد رصد التعارك بين القوى السياسية والعديد من النواب الجدد حول الاحجام والسيطرة على مفاصل الدولة، (كلام رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والنائب المنتخب  ريفي مثالا) في ما البلد منهار إقتصاديا وماليا ومعيشيا. علما أنه من المفروض أن يتحضر المجلس النيابي الجديد لمتابعة ما بدأته الحكومة المقبلة، من مفاوضات شاقة مع صندوق النقد ومناقشة الخيارات الصعبة والاصلاحات المصيرية.

في إنطباع أولي، يبدو أن الجميع بمن فيهم “النواب التغييريين” لا يضعون خطة الانقاذ الاقتصادية  كمعيار أساسي لبناء تحالفاتهم، بل يعتبرون أن المعيار الأهم هو الموقف والتوجه السياسي على جري عادتهم منذ بداية الازمة، والدليل هو إعلان أكثر من جهة سياسية عن رفضها المشاركة في الحكومة المقبلة في حال مشاركة خصومها السياسيين (القوات وحزب الله مثالا)، فهل يمكن الاستمرار في سياسة النكران والإنهيار الاقتصادي والفراغ السياسي، ولبنان على أبواب إستحقاقين، هما أولا تشكيل الحكومة وثانيا إنتخاب رئيس جديد للجمهورية؟

يشرح مصدر مصرفي ل”جنوبية” أن “هناك مسؤولية كبيرة جدا على المجلس النيابي الجديد، وخاصة على القوى التغييرية، أن تضع حدا لنكران القوى السياسية وأصحاب المصارف ومصرف لبنان للأزمة الإقتصادية ومحاولة التشاطر وتأجيل الحلول لحماية المصالح الخاصة”، معتبرا أنه “عليهم مسؤولية جسيمة في وضع خطة إنقاذ علمية ومنطقية، وتطبيق المبادئ الاساسية في التعامل مع تعثر الدول والمصارف ومبادئ التراتبية الاساسية، وحماية المودع أولا قبل حماية صاحب المصرف”.

صندوق النقد لا مشكلة لديه في التعامل مع لبنان بوجود حزب الله في المجلس النيابي والحكومة

يضيف:”من الواضح أننا ندفع حاليا ثمن سياسة نكران وتواطؤ بين المكونات السياسية في البلد، منذ بداية الازمة لتأجيل أي حلول جذرية أو عادلة أو منطقية. فالخسائر في القطاع المصرفي موجودة وعدم الاعتراف بها أجّل الحل، كلّف المواطن والاقتصاد كثيرا وأيضا المصارف التي ساهمت في تعميق حفرة الازمة، وتواطأت معها السلطات السياسية ورفضوا الواقع”، مشددا على أننا “اليوم وصلنا إلى مرحلة أن صندوق النقد، وضع خطة واضحة والخطوة الايجابية التي قامت بها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، هو توصلها إلى إتفاق مبدئي مع الصندوق وبشروط واضحة، ما يعني أننا لم نعد قادرين على النكران وعلى المجلس النيابي الجديد إقرار قانون لإعادة هيكلة المصارف، لأن الاعتراف بالخسائر يعني ان هذه المصارف لديها مشكلة في ميزانياتها ولا يمكنها الاستمرار”.

 ويرى أن “التواطؤ الذي حصل بين السلطات السياسية والنقدية والمصرفية لتأجيل الحل وصل إلى نهايته، وما يحصل اليوم هو تضارب للمصالح بينهم وبدأت المشاكل تظهر، ولا شك أنها نتيجة طبيعية لسياسة النكران التي عشناها”، لافتا إلى أنه “سنشهد في المرحلة المقبلة إرتفاع لوتيرة هذه المشاكل، لأن القوى السياسية مجبرة اليوم على معالجة الامور بطريقة جذرية وهذا ليس من مصلحة أصحاب المصارف، وقد يكون إرتفاع سعر دولار السوق السوداء وبث الشائعات أحد وجوه هذا الصراع”.

من جهته يرى وزير المال السابق سامي حداد لـ”جنوبية” أنه “بالرغم من الإنقسام السياسي الحاصل إلا أنه ليس أعلى درجة، مما كان عليه في إنتخابات العامين 2005 و2009، وكانت القوى السياسية آنذاك تجد لنفسها هامشا للإتفاق أو تسيير الملفات، وهذا ما يجب أن يحصل اليوم، وحتى من يريد الاعتراض  في مجلس الوزراء فهو يحتاج إلى ثلثي أصوات المجلس”، معتبرا أنه “مهما قيل أن هناك إختلافات حول كيفية حل الازمة، إلا أنه لا مفر من الاتفاق مع صندوق النقد وإستكمال خطواته التي بدأت وإلا فإن لعبة الدولار في السوق السوداء لا سقف لها، ومن لا يريدون التعامل مع صندوق النقد، عليهم إعطاءنا البديل لأنه لا يوجد حل غيره”. 

القوى التغييرية لم تعر الهم الاقتصادي والازمة الحاصلة الإهتمام اللازم في برامجها  

ويرى أن “من يتذرع بأن الاموال التي ستصلنا من الصندوق قليلة، مقارنة مع حجم الازمة، فأقول لهم ان الإتفاق مع صندوق النقد سيوصل لبنان إلى بر الامان بعد عدة سنوات، وسيعيد ثقة المجتمع الدولي بالمؤسسات الدستورية اللبنانية ويحفزها على مساعدتنا”، مشددا على أن “الاستمرار على هذا الوضع يعني مزيدا من إنهيار العملة، والسبب العجز في ميزان المدفوعات، الذي بدأ منذ العام 2015 وهو مستمر إلى الآن. والاتفاق مع صندوق النقد سيكون الخطوة الاولى لحل هذه المشكلة، عبر العملات الصعبة التي ستأتينا من الخارج”.

يضيف:”لا أعرف إذا كان المجلس النيابي الجديد واع لهذه المخاطر، ولكن ما يمكن التأكد منه أن صندوق النقد، لا مشكلة لديه في التعامل مع لبنان بوجود حزب الله في المجلس النيابي والحكومة، كما أعتقد أن الحزب غير معارض للإتفاق أو على الاقل لن يعرقله في المجلس النيابي، لكن الملفت أن القوى السياسية الجديدة و التغييرية، لم تعر الهم الاقتصادي والازمة الحاصلة الإهتمام اللازم في برامجها،١  وآمل أن يؤيدوا تطبيق خطة و برنامج صندوق النقد للخروج من أزمتنا”.

السابق
«لم انتخب ضد جبران باسيل».. رد حاسم من كلودين عون على مي شدياق
التالي
«باي باي تكنوقراط».. باسيل: اعترفوا بالشرعية الشعبية