اختراق جدار «الثنائي الشيعي» وإيقاظ «المارد السنّي»

الانتخابات النيابية

عندما تضع الانتخابات النيابية اوزارها الاثنين المقبل، سينجلي غبارها عن الجواب على سؤالين: هل سيبقي ثنائي “حزب الله” وحركة “أمل” سيطرته على 27 مقعدا شيعيا في برلمان 2022؟ وكم سيكون عدد المقاعد السنيّة التي ستبقى خارج نفوذ “حزب الله” بعد تعليق زعيم السنّة الرئيس سعد الحريري عمله السياسي؟

بالنسبة الى السؤال الأول، يجزم كثيرون ان هناك ثقة مفرطة لدى الحزب والحركة بأن عرين نفوذ الثنائي سيبقى بمنأى عن أي اختراق. لكن هذه الثقة تواجه اختبارا في البقاع الشمالي حيث تتوالى الانباء عن تعرّض مرشحين شيعة للترهيب والترغيب كي لا يبقوا على لوائح منافسي الثنائي. أما في دائرة بيروت الثانية، فيبدو المشهد أشبه ببحيرة هادئة لم يلقِ فيها أحد حجرا كي يثير تموّجات تعكّر صفو ثقة الثنائي بأن المقعدين المخصصين للطائفة الشيعية سيبقيان من حصة الثنائي، على رغم ان حجم الناخبين الشيعة في هذه الدائرة هو في نهاية المطاف اقلية لا تقارَن بحجم الناخبين السنّة الذين يبلغون أكثر من 60 في المئة من اصل اكثر من 370 ألف مقترع.

اقرأ أيضاً: «بيروت لا تستحق هذا العقاب»

أما بالنسبة الى السؤال الثاني، يبدو الجواب عليه أشبه بزورق في بحر متلاطم من التوقعات. لكن ذلك لا يحجب واقعا ثابتا، هو أن قاعدة “ما لنا لنا وما لكم لكم ولنا”، يطبّقها “حزب الله” بدقة وسط شواهد ومعطيات تفيد بان الحزب يسعى للحصول على نحو الثلث او اكثر، من المقاعد الـ27 المخصصة للطائفة السنيّة، كي يخرج الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في 16 أيار المقبل ليعلن ان فريقه السياسي لا يملك ناصية كل المقاعد الشيعية في البرلمان الجديد فحسب، وإنما يملك أيضا ناصية شطر كبير من الطائفة السنيّة التي يبلغ تعدادها أكثر من ثلث سكان لبنان بحسب آخر إحصاءات وزارة الداخلية. وهذه الحصة الجديدة من التمثيل السنيّ التي يطمح نصرالله لتكون في حوزته، ستضاف الى حصة يطمح اليها زعيم الحزب في طوائف ومذاهب أخرى، وتحديدا الدروز والمسيحيين.

في المقابل، لا تبدو الساحة ممهدة كليا أمام هذه التوقعات الواردة في الجواب على السؤالين الآنفين. وهناك شواهد في مواقف يطلقها الرئيس فؤاد السنيورة ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع. وفي موازاة ذلك، حركة اتصالات لها دلالات تجري من دون توقف على مستوى الطائفة السنيّة في الداخل، بدأت تردم الهوة بين فريق ينادي بمقاطعة الانتخابات وبين فريق يدعو للمشاركة. وهناك بوادر نتائج إيجابية بدأت تظهر تحديدا في بيروت الثانية وصيدا. أما على المستوى العربي، فيقول الرئيس السنيورة لـ”النهار”، ان نظرة الدول العربية وفي مقدمها مصر والسعودية، تنطلق من أن نتائج الانتخابات في 16 أيار، سيكون لها “تأثير على الامن القومي العربي”.

بالعودة الى عنوان المقال “إختراق جدار “الثنائي الشيعي” وإيقاظ “المارد السنّي”، فهل هناك فعلا إمكانية لتحقيق اختراق لقلعة التمثيل الشيعي الذي بلغ ذروته عام 2018، ما سمح لقائد “فيلق القدس” السابق في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني بالتباهي في ذلك العام بـ”انتصار تاريخي” تمثّل بنيل مرشح “حزب الله” امين شري أعلى نسبة من أصوات المقترعين في بيروت الثانية؟

أما بشأن “إيقاظ المارد السنّي”، فهو يتصل بحجم إقبال الناخبين السنّة على الاقتراع الاحد المقبل، وسط توقعات متباينة لا تسمح بإطلاق أحكام نهائية. في موازاة ذلك، كان لافتا ولا يزال، ان “حزب الله” الذي يقود أمينه العام مباشرة العمليات الانتخابية، إمتنع عن أية مظاهر لمصلحة لوائحه ومرشحيه. فعلى سبيل المثال، لم ترتفع لافتة في بيروت الثانية للائحة الحزب وحلفائه، بل اقتصر الامر على بعض اللافتات والصور القليلة لمرشحين في اللائحة مثل النائب الحالي محمد خواجة الذي يشغل حاليا احد المقعدين الشيعيين والمنتمي الى حركة “أمل”.

يقول احد الخبراء في الشأن الانتخابي، ان “حزب الله” في ظل غياب الرئيس الحريري عن السباق يتعامل مع واقع “مارد سنيّ نائم، يجب عدم إيقاظه”. ويضيف: “إن اية صورة أو علم أو لافتة من شأنها أن تثير ردة فعل في مناطق الغالبية السنيّة، يجب تجنب رفعها”. ويخلص الى القول: “ان استراتيجية حزب الله التي تمضي قدما هي: دعوا المارد السنيّ نائما، فحذار إيقاظه”!

ربما تلقّى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان في عطلة الأسبوع “نصيحة” تلتقي مع استراتيجية إبقاء هذا “المارد” نائما، فأدخل تعديلا على ما قاله سابقا في خطبة عيد الفطر، “سنقول نعم كبيرة جدا للائتلاف الوطني المتشكل من الثنائي الوطني (الشيعي) وشركائه”، فقال بالأمس: “ان المصير تقرره صناديق الإقتراع”.

وفي الوقت نفسه، لا بد من انتظار ما سيقوله رئيس مجلس النواب نبيه بري، عصر اليوم في الكلمة التي أُعلِن انه سيوجهها “الى اللبنانيين، ويتطرق فيها الى مختلف العناوين والمستجدات، لا سيما الإستحقاق الإنتخابي”.

وعلى رغم ما سبق، ثمة بوادر ان “المارد السني” بدأ يستيقظ تحت وطأة “تبدّل المزاج في أوساط الناخبين السنّة على امتداد لبنان”، وفق ما تقوله مصادر الماكينات الانتخابية للوائح التي دعم الرئيس السنيورة تشكيلها في كل لبنان.

ماذا لو تبيّن ان حصة الثنائي الشيعي نقصت في 16 أيار، مقعدا أو أكثر من حصة الـ 27 مقعدا؟ ماذا لو ظهر ان عدد المقاعد السنيّة لم تتناقص الى الحد الذي يتطلع اليه نصرالله كي تضاف الى الأكثرية “الممانعة” في البرلمان الجديد؟ وأيضا، ماذا لو زاد رصيد الفريق السيادي الذي يتزعمه مسيحيا فريق “القوات اللبنانية” على حساب فريق “الممانعة” الذي يتصدره مسيحيا الآن “التيار الوطني الحر”؟ من دون ان نغفل ان تكون دعوة جنبلاط الى الوقوف بوجه “اغتيالٍ جديدٍ عبرَ الانتخابات… عبرَ صناديقِ الإقتراع، لمنعِ الإختراق، ومنعِ التطويعِ والتبعيّة”، ان يكون لها تأثير مشابه لدعوة البطريرك الماروني الراحل صفير عشية انتخابات عام 2009؟

إنها أسئلة ستكون لها أجوبة قاطعة الاثنين المقبل، فلننتظر ونرَ.

السابق
عندما «يرتمي» نصرالله في «أحضان» الصدر!
التالي
تفاؤل «قوى التغيير» بإنتخابات المغتربين..وخشية من «الترهيب والترغيب» السلطوي!