قصة الصحافي «ابن الجنوب» المتهم بالتواصل العدو.. هذا ما رواه وهكذا «إنتزع» حكما «أهم من البراءة»!

في حكم يصنّف قانونا بأنه أهم من حكم البراءة، “إنتزع” صحافي إتهم بالتواصل من جهاز استخبارات العدو الاسرائيلي، حكم إبطال التعقبات بحقه من هذه التهمة”الباطلة” كما قال، وعاد الى زوجته التي تركها عروسا عندما القي القبض عليه بعد شهرين من زواجه، ليواجه، وهو ابن الجنوب، كل من أتهمه بخيانة وطنه وهو يحمل بيده “دليلا” عن ان ما قام به يدخل في اطار عمله كصحفي، بنشره تقارير ومقالات صحفية مناهضة لإيران وحلفائها، وهو، فيما لو كان حُكم عليه، لكان على المحكمة العسكرية ان تحكم على معظم الشعب اللبناني.

وبلغة القانون فان ابطال التعقبات عن الصحافي محمد يوسف شعيب من الجرم المسند اليه، يعني انه لم تتوافر لديه النية الجرمية للتواصل مع العدو، وبالتالي لا يوجد جرم قد ارتكبه، فيما هو احيل امام المحكمة من ضمن شبكات التجسس ال17، فرادة ومثنى، والتي القي القبض عليها مؤخرا ، وكان محمد هو الرابع من ضمنها بعدما سبق للمحكمة ان برّأت حتى الآن ثلاثة آخرين من الذين احيلوا امامها.

احيل امام المحكمة من ضمن شبكات التجسس ال17، فرادة ومثنى، والتي القي القبض عليها مؤخرا

وبصوت ممزوج بالدموع، دافع محمد عن نفسه امام المحكمة برئاسة العميد علي الحاج، ليروي ما حصل معه قبل عامين، عندما لفت نظره إعلان على صفحة لصديقة له على الفايسبوك يتعلق بطلب احدى الشركات البريطانية صحافيين ومراسلين، وسارع الى التواصل عبر البريد الالكتروني مع تلك الشركة وارسل لها سيرته الذاتية، ليتلقى بعد فترة اتصالا هاتفيا من رقم بريطاني، وكان المتصل شخص عرّف عن نفسه بانه يدعى”توم” وانه من الشركة، وسوف يُعلمه بقبوله من عدمه بعد جوجلة اسماء الصحافيين الذين تقدموا بطلبات مماثلة.

وبالفعل عاود “توم” الاتصال به عبر الواتساب وطلب منه البدء بالعمل مع الشركة بإعداد تقارير عن ثورة 17 تشرين واهدافها، واجراء مقابلات مع ناشطين فيها. وقام محمد بذلك حيث اجرى مقابلات مع اشخاص عبر الواتساب وارسل تلك التقارير الى بريد الشركة او عبر الواتساب. وكان ينتظر موافقة “توم” عليها قبل ان ينشرها محمد على مواقع الكترونية لبنانية.

عاود “توم” الاتصال به عبر الواتساب وطلب منه البدء بالعمل مع الشركة بإعداد تقارير عن ثورة 17 تشرين واهدافها

كان مجموع ما تقاضاه محمد خلال فترة السنتين من عمله هذا 2400 دولار مقابل اعداده حوالي 40 تقريرا ومقابلة سياسية، وذلك عبرحوالات مالية مصدرها كينيا في افريقيا بمعدل 300 دولار عن جملة تقارير يكون قد ارسلها، وعندما استفسر من”توم” عن سبب ذلك قال له للتهرب من دفع الضرائب في اوروبا.

ثابر محمد، الذي كان يعمل مع عدد من الفنانين، سمّاهم للمحكمة، الى جانب عمله في المجال الفني لموقع “لبنان 24 ” و”صوت لبنان نيوز” ومذيعا في “تلفزيون الجرس” ومشاركا في إعداد برنامج على “الجديد”، على اجراء المقابلات المطلوبة منه، وبعد ايام من ذلك كلفه “توم” اجراء تحقيقين عن فلسطين المحتلة وعن عملية فساد في حركة حماس والخلاف في الحركة بين جناحين، وارسل له توم عدة ارقام لمسؤولين في الحركة للتواصل معهم.

محمد استشار احد الامنيين صديقه، عما اذا كان يجوز له التواصل مع احد داخل الاراضي الفلسطينية، ونصحه بعدم القيام بذلك

غير ان محمد استشار احد الامنيين صديقه، عما اذا كان يجوز له التواصل مع احد داخل الاراضي الفلسطينية، ونصحه بعدم القيام بذلك، فأبلغ “توم” عن عدم تمكنه بإجراء تلك المقابلات، ولم يصّر الاخير” ولم يجبرني على ذلك”.

وبعد فترة ، أعلمه “توم” ان سياسة الشركة تتعارض مع ايران وحلفائها، طالبا منه اجراء مقابلات بهذا الخصوص، فكان ان اجرى محمد مقابلات مع سياسيين لبنانيين حول هذا الموضوع، وارسلها عبر الواتساب ل”توم”، موضحا ان الاخير اختار له اسم النائب السابق فيصل الداوود، لاجراء مقابلة معه عن الثورة فيما محمد اختار اسم النائب اسامة سعد كونه كان مع الثورة، واضاف ان”توم” طلب منه اجراء مقابلة مع النائب السابق فارس سعيد عن قضية اغتيال الناشط لقمان سليم .

وبسؤاله اوضح محمد ان “توم” كان يطلب منه نشر هذه المقالات، وكان ان نشرها بإسمه في موقع “لبنان 24 ” وعلى موقع” صوت لبنان نيوز” بعد موافقة رؤساء تحرير هذه المواقع، وفي حال لا يراعي الضيف سياسة المواقع لم تكن تنشر المواضيع.

محمد الذي كان يطمح الى التمرس في الصحافة السياسية واكتساب خبرة، كما قال، لم تثر طلبات”توم” الشكوك لديه

محمد الذي كان يطمح الى التمرس في الصحافة السياسية واكتساب خبرة، كما قال، لم تثر طلبات”توم” الشكوك لديه، فالاخير طلب منه مواضيع اخرى عن صندوق النقد الدولي وبهاء الحريري وتشكيل الحكومة وتفجير 4 آب، لكن الموضوع الاخير عن التفجير لم يوافق عليه “توم” وقد يكون السبب، ان المحلل السياسي الذي اجريت المقابلة معه قد تراجع عن تصريحه فيه او لم يعد رائجا” .

لم يسبق ل”توم” ان طلب من محمد، تعديل او تصحيح اي موضوع، انما كانا يتشاوران حول الاسئلة التي سيطرحها على ضيفه. وسئل: وهل اذا تضمنت المقالة مواقف لا تصب في مصلحة اسرائيل فهل كان يعدّل التقرير، فأجاب محمد:”ابدا”، موضحا ان خالد ممتاز ذكر في مقابلة معه ان”اسرائيل أجبن من ان تضرب ايران”: كما ان الداوود وسعد صرّحا في مقابلة معهما ان”ما يجمعهما مع حزب الله هو القضية الفلسطينية والصراع مع اسرائيل”، ولم يعترض “توم” على هذا الامر، مشيرا ان الاخير ارسل له مقالة لشخص تبين لاحقا انه فلسطيني عن انتشار كورونا في شمال سوريا، وان توم اصر على نشرها ولا يعرف سبب اصراره.وقال:”ان مقابلات السياسيين على التلفزيون كانت اشد حدّة ضد حزب الله وايران من تلك المقابلات التي اجريتها انا”.

خفت في البدء ونقلت خوفي الى زوجتي التي كانت خطيبتي، عندما طلب مني مواضيع عن حماس وفلسطين المحتلة

كررت الرئاسة اكثر من مرة سؤال محمد عن سبب عدم شكّه ب”توم” وانه تابع للاستخبارات الاسرائيلية، فردّ جازما :”ابدا”، ثم استدرك:” خفت في البدء ونقلت خوفي الى زوجتي التي كانت خطيبتي، عندما طلب مني مواضيع عن حماس وفلسطين المحتلة، انما بعد ان تنوعت المواضيع التي طلبها ومعظمها عن لبنان وجميعها سياسية تبددت هذه الشكوك لدي”.

وبسؤاله عن ان للعدو باع طويل في العمل الاستخباراتي والايقاع باللبنانيين، اجاب محمد:” اسمع انهم كانوا يطلبون عملا سريا والحصول على هاتف وتصوير مواقع ومراقبة انما توم لم يطلب مني شيئا من ذلك”.

وهل ان الحوالة المالية التي وصلته من شخص يدعى بينجامين لم تدفعه الى الشك، قال محمد انه شك في بادىء الامر، وكان ذلك قبل شهرين من توقيفه، انما بعدما اجرى بحثا عن الاسم تبين له انه ليس مرتبطا فقط باسرائيل انما هناك اشخاصا يحملون هذا الاسم وليسوا اسرائيليين. ولم يقبض حينها الحوالة وكانت بحدود 400 دولار لانه جرى حظرها، ولا يعرف السبب.

لم يقبض حينها الحوالة وكانت بحدود 400 دولار لانه جرى حظرها، ولا يعرف السبب

وفي رده على اسئلة ممثل النيابة العامة القاضي رولان شرتوني الذي طلب إدانته، اكد محمد انه لم يكن يتبنى وجهة نظر اي ضيف في كلامه ضد ايران او حزب الله انما فقط ينقلها عبر المقابلات، وكان اصدقاؤه يعلمون انه يعمل مع الشركة البريطانية.

وبسؤال وكيله المحامي ماهر شعيب الذي طلب لموكله”الرحمة” وكفّ التعقبات، اكد محمد بانه مع المقاومة ويرفض التطبيع مع اسرائيل، ولم يسيق ل”توم” ان طلب منه مواضيع بهذا الخصوص منتهيا الى الطلب من المحكمة البراءة”لانني لا يمكن ان اشوّه سمعتي وسمعة اهلي بهكذا تهمة”.

السابق
انخفاض ملحوظ للدولار مساءً.. كيف أقفلت السوق السوداء؟
التالي
بالفيديو: المرشح ميشال الياس المر يُثير سخرية الناشطين: ما رح أعمل شي بعد الانتخابات!؟