حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: ما هكذا تورد الإبل يا حكيم

حارث سليمان
يخص الناشط السياسي والأكاديمي الدكتور حارث سليمان "جنوبية" بمقال أسبوعي ينشر حصرياً على صفحات الموقع و منصاته الإلكترونية.

قوى ١٧ تشرين لا تريد التحالف مع القوات، لكن ثمة فارق بين عقد تحالفات، وبين اجراء تقاطعات ظرفية، هدفها اضعاف منافس او خصم مشترك. منذ ٣ اشهر جرت مفاوضات وجرى اتفاق مع القوات والكتائب، انه في مناطق الجنوب الثانية والثالثة حيث هناك مرشحين مسيحيين، واحد ارثوذكسي في مرجعيون واخر كاثوليكي في الزهراني، فيمكن ترشيح مرشحين مستقلين غير حزبيين، جرى عرض الفكرة على الكتائب وعرضها على القوات، وتم اعلام الطرفين بقبول الطرف الآخر بالفكرة، ارسلت القوات اسمين مستقلين في الزهراني قبل ترشيح هشام حويك، لم يتم تبنيهما.

تتابعت المشاورات حتى رسى الاتفاق، على تبني ترشيح الياس جرادة في مرجعيون، وهشام حويك في الزهراني. ثم تم طرح معركة بعلبك الهرمل، التي حصل فيها خرق الدورة الماضية، بواسطة لائحة قادها يحي شمص، وضمت شخصيات شيعية وعائلية وازنة اضافة لتيار المستقبل.

اقترع في انتخابات ٢٠١٨ في بعلبك الهرمل حوالي ١٩٠ الف ناخب، لم يقترع من المسيحيين سوى 13 الف مسيحي وهي نسبة لا تتعدى ٨% من المقترعين

لجأت القوات في بعلبك الهرمل منذ ٤ اشهر، الى تشكيل لائحة القوات اللبنانية برئاسة الشيخ عباس الجوهري، متجاوزة حراك ١٧ تشرين، ومتجاوزة واقع المنطقة الاجتماعي والسياسي، وللتذكير فقط، اقترع في انتخابات ٢٠١٨ في بعلبك الهرمل حوالي ١٩٠ الف ناخب، لم يقترع من المسيحيين سوى 13 الف مسيحي وهي نسبة لا تتعدى ٨% من المقترعين، مع ذلك تريد القوات اللبنانية ان تتجاوز كل وقائع المنطقة وحيثيات الناس فيها، وتشكل “لائحة القوات اللبنانية في بعلبك الهرمل”، معتقدة ان سماسرة شراء الاصوات يمكن ان يواجهوا حزب الله، في جلسة مع د. انطوان حبشي، الذي كان يبحث عن تغطية سنية لمرشحين سنة في لائحة القوات، لدى الرئيس فؤاد السنيورة، في اجتماع حضرته مع اخرين من دائرة بعلبك الهرمل، على سبيل التشاور، لا اكثر، كوني من وجوه المنطقة، ولست رجل السنيورة او اي شخصية سياسية او حزبية اخرى، كما تراءى لموقع الكتروني تافه ومأجور ان يعنون مقالته، فانتمائي لحراك ١٧ تشرين، تؤكده مقالاتي ونشاطاتي واتصالاتي على مدى ثلاثة سنين انقضت، ولست مرشحا في هذه الدائرة. اما استقلاليتي فقد خبرها كل من حاول استتباعي وضمي الى حزبه  او لوائحه الانتخابية.

لائحة القوات التي ليس فيها مرشحين شيعة، مؤهلين للخرق تشكل خطرا على مرشح القوات ذاته

 في جلسة التشاور هذه، حذرت د. حبشي من سلوكه الذي سيجعله تحت رحمة حزب الله، واوضحت له ان امتلاكه ١٠ الاف صوت او حتى ٢٠ الف صوت اذا تحالف مع جماعة المستقبل او الرئيس السنيورة، لن تمكنه من الخرق هذه المرة، وان خرقه اللائحة في المرة الماضية، سببه وجود شخصيات شيعية لها وزنها ولها امكانية خرقها في المقاعد الشيعية، وهو ما حصل مع يحيي شمص، وان كل صوت تفضيلي اخذه يحيي شمص، كلف حزب الله ٦ اصوات لسد الطريق عليه( الدائرة تحتوي ٦ مقاعد شيعية)، ولذلك صرف حزب الله للاحتفاظ ب ٦ مقاعد شيعية في بعلبك الهرمل ٦× ١٥ الف = ٩٠الف صوت، وهذا الرقم كبير لدرجة، انه اهمل مواجهة مرشح القوات فتركه ينجح، كنا نريد نصيحة القوات ود. حبشي، بان لائحة القوات التي ليس فيها مرشحين شيعة، مؤهلين للخرق تشكل خطرا على مرشح القوات ذاته.

عند هذه النقطة تغير موقف القوات في الجنوب، واصبحوا يسعون لاسترضاء حزب الله وعدم استفزازه، فانقلبوا على الاتفاق في الجنوب، وتنصلوا من وعودهم، واخترعوا قصة السقف السياسي في البيان الانتخابي، الذي عرضنا ادخال تعديلات عليه لجعله اعلى لهجة، فرفضوا، وكان النكوص في الاتفاق في ٢٨ اذار، اي قبل ضم حسن بزي الى اللائحة ثم صعدوا حملتهم بعد اشراك حسن بزي.

وصوروا خلافا للواقع، انهم طالبوا بان يكون لهم مرشح في اللائحة، وهو امر تم الاتفاق على عدم اعتماده منذ ٣ اشهر. 

كان يمكن ان ينتهي الامر عند هذه الحدود، وان لا تعلن القوات اي موقف في دوائر الجنوب، وتترك الحرية للناس وتحديدا للمسيحيين، للمفاضلة بين اسعد حردان و د. الياس جرادة، لكن الامر لم يتم على هذا النحو.

ماذا حصل، تم استدعاء مناصري القوات في الجنوب الى معراب، وعقد مؤتمر صحفي وبث مباشر ودعوة لمقاطعة الانتخابات في دائرة الجنوب الثالثة، بحجة ان لائحة المعارضة تضم الحزب الشيوعي، فيما قام مرشح القوات في الدائرة الثانية في الجنوب، بالتحالف مع مرشح الحزب الشيوعي داود فرج، موقف يثير العجب؛ تقاطع القوات رفضا للشيوعي في الدائرة الثالثة، وتتحالف مع الشيوعي في الدائرة الثانية، ثم تترشح في البقاع الغربي دون ان يكون لها امل في الخرق، لاستنزاف اصوات لائحة القرعاوي ابوفاعور واراحة لائحة مراد قبلان الفرزلي.

يقول البعض ان القوات ابرمت صفقة مع حزب الله، مقابل تمرير حبشي في بعلبك

يقول البعض ان القوات ابرمت صفقة مع حزب الله، مقابل تمرير حبشي في بعلبك، تستنزف لوائح المواجهة للثنائية الشيعية في البقاع الغربي والجنوب الثانية والثالثة ؟ قد يكون حسم حقيقة هذا الامر سابق لأوانه، وقد لا تكون صفقة!؟ وقد يكون هيأ احدهم للقوات بهذه الامكانية، دون ان يكون حزب الله مستعدا للقيام بهذه المقايضة!؟ 

لكن ما هو اكيد ان سلوك القوات الانتخابي لا يتطابق مع مزاعمها، في ان اولويتها مواجهة حزب الله في كل مكان، وان الصراخ ضد حزب الله في بشري وكسروان والشوف، لا جدوى منه، اذا لم يوازيه صب اصوات القوات في الجنوب والبقاع الغربي، لكل لائحة تواجه الثنائية الشيعية.

حزب الله في هذه الانتخابات، لا يواجه اية مشكلة سيحصل على ٨ او تسعة مقاعد من عشرة، ليس من شيعي مؤهل لخرق مقاعده

وقد قيل الماء تكذب الغطاس، في بعلبك الهرمل حزب الله في هذه الانتخابات، لا يواجه اية مشكلة سيحصل على ٨ او تسعة مقاعد من عشرة، ليس من شيعي مؤهل لخرق مقاعده، يستطيع باقل من ٢٦ الف صوت يمتلك ثلاثة او اربعة اضعافها، من سد الطريق على خرق القوات في بعلبك، اذا فعلها، ستذهب هدرا كل محاولات القوات لاسترضائه، واذا ترك الخرق القواتي يمر تكون الصفقة حصلت، والصراخ السيادي في وجهه لا يعول عليه، امام الحاجة الى حيازة اكبر عدد من المقاعد في كتلة الجمهورية القوية.

قديما كانت النصيحة بديلها جمل، واليوم لا نصائح تهدى ولا جمال تبادل، الاستراتيجيات الكبرى والمواجهات الوطنية، تبنى على تبني القضايا والقيم وعليها تبنى التحالفات والتوافقات وتتقاطع السياسات، لكن مقتل كل استراتيجية هي الشهية المفرطة للسطوة والحصص والنفوذ، ولذلك وبكل احترام نجيبك؛ ما هكذا تورد الابل… يا حكيم.

السابق
بالصور: «حزب الله» يسخر البلديات ليضرب «العباد والبلاد»!
التالي
ازمة الفيول تابع.. انتاج كهرباء لبنان الحالي صفر ساعة!