شوقي بزيع لـ«جنوبية»: العلامة الأمين مزيج من الفضيلة و الطهر

لم تكن العلاقة بين العلاّمة الراحل السيد محمد حسن الأمين والشاعر شوقي بزيع علاقة صداقة عادية، بحكم إنهما ينتميان إلى جنوب لبنان وترعرعا تحت سمائه، أوإنهما يتشاركان سويا موهبة الشعر وتذوق الادب. بل كانت صداقة على المستوى الروحي والعقلي والانساني إمتدت لنصف قرن، وكان السيد بالنسبة للشاعر بزيع "البوصلة" التي على أساسها يحكم على إبداعاته وقصائده ونصوصه بالحياة أو الموت.

ويقول بزيع لـ”جنوبية”: “لن أجد كلمات مناسبة لأفي السيد محمد حسن الامين حقه من التكريم والوفاء، وأنا الذي إرتبطت به بصداقة عميقة تعود إلى 50 عاما من الزمن. كان السيد بالنسبة لي أكثر من صديق، كان الشطر الاخر من وجداني وفكري وقصيدتي وهو الذي كنت أعود إليه في كل ما أكتبه”.

يضيف:”كنت أشعر أن قصيدةً لا تليق بقراءة السيد محمد حسن الامين لها، هي قصيدة  ينبغي أن لا تُكتب، وأن عملا لا يحوز على رضاه وإعجابه هو عمل لا ينبغي أن يُقام به وان خطوة لا تتناسب مع معايير السيد محمد حسن الامين الاخلاقية والابداعية هي خطوة يجب تلافيها”. 

كنت أشعر أن قصيدةً لا تليق بقراءة السيد محمد حسن الامين لها هي قصيدة  ينبغي أن لا تُكتب

يشدد بزيع على أن “العلامة الراحل كان بالنسبة له الرمز والدليل والظهير والمثقف التنويري، ولم يكن مجرد رجل دين عابر أو تفصيل بسيط في الحياة اللبنانية سياسية كانت ام إبداعية دينية أم مدنية”، معتبرا أنه”كان مزيجا بكل ما يتعلق بالفضيلة والطهر والنقاء والاخلاق العالية، وربما كان موته إحتجاجا على تردي الوطن ونكوصه وإنحطاطه”.

يضيف:”لم يعد وطنه يتسع لأحلامه، بات ضيقا على كل ما كان يرمز إليه السيد في حياته، وخاصة وأنه لاقى من العنت والإنكار والجحود ما لم يلاقه أحد من قبل، بإستثناء صديقه الذي رحل قبله السيد هاني فحص”، مشيرا إلى أن “هذا الجحود والانكار لدور السيد الرائد في كل ما يتصل بالمقاومة وببناء الوطن الجديد المدني والديمقراطي، الذي يتجاوز كل أنواع الطائفيات والمذهبيات والعصبية الدينية المغلقة التي يقتات منها الاخرين”.

إقرأ ايضاً: آل الأمين واهالي شقراء يحيون الذكرى السنوية الأولى للعلامة الأمين

يرى بزيع أن “كل ذلك مثله السيد وكل ذلك أسهم في دفعه إلى المزيد من المرارة، بحيث بدا موته بوجه من الوجوه إحتجاجا على موت الاشياء من حوله”، لافتا إلى أنه “لم يكن السيد محمد هو الذي مات، المعنى الذي جسده لبنان مات قبله وهذا المعنى  يشهد السيد لنقيضه التام أي الوجه الايجابي، ولعل قصيدته وفكره وآراءه في الدين ونظرته إلى الحياة هي ما يصلح أن يكون نموذجا وقدوة للوطن المقبل كما للصداقة الحقة”. 

العلامة الامين كان مزيجا بكل ما يتعلق بالفضيلة وربما كان موته إحتجاجا على تردي الوطن ونكوصه وإنحطاطه

ويختم:”الان ونحن على مرمى ربيع من رحيل السيد أتذكر ما قاله الشاعر والمفكر توماس ستيرنز إيليوت في قصيدته “الارض الخراب”، “نيسان أقسى الشهور يخرج الزرع من الارض الموات”، وفعلا نيسان أقسى الشهور لأنه شهد رحيل السيد محمد حسن الامين، ومع ذلك فإن موته ليس سوى الوجه الآخر لقيامته الموعودة”.

السابق
السيد محمد حسن الأمين: الصلاة طريق المؤمنين نحو السلام
التالي
عصام خليفة لـ«جنوبية»: السيد الأمين إلتزم بالمصلحة الوطنية والدعوة للإنفتاح