رسالة من لقمان (٤): نساؤنا كنز

ينشر موقع «جنوبية» سلسلة حوارات إفتراضية بين الشيخ محمد علي الحاج العاملي والمفكر والباحث السياسي لقمان سليم حول الساحة اللبنانية ومستجدات الداخل السياسية.

[بتعرف يا مولانا؛ بعيداً عن كلّ العنف والإجرام الذي مورس ضدي، لكني أعتبر أن ما حصل أعطى صورةً مهمّةً للغاية، حينما ظهر دور “النساء” في مجتمعنا، صحيح أنّ كلام والدتي وشقيقتي وزوجتي تضمّن عواطف ومشاعر.. لكن هذا العطف كان ممزوجاً بالمنطق والعقل ومفعماً بالثقافة والفكر.
مولانا: جيد لو يدرك المجتمع الشيعي – بل وغير الشيعي – اكتشاف الطاقات الكامنة لدى العنصر النسائي..] وهكذا أضاء لقمان على نقطة في غاية الأهميَّة، هي دور ومكانة “المرأة” عموماً، وفي المجتمع الشيعي خصوصاً.

اقرأ أيضاً: رسالة من لقمان (٣): أنتظركَ لا تتأخر.. عِنَّا شغل كتير

عندها، عادت ذاكرتي للعديد من المرات التي تحدّث فيها لقمان عن شقيقته رشا، فذات مرة – تحديداً في مطار ميتشغن – حدّثني عن كتاب “الهمزة” من تأليف رشا، ونصحني بقراءته، كذلك ذات يوم، خلال جلسة في بيننا سألني: [يا مولانا مش حرام أن ترث شقيقتي نصف ما أرث؟! هي متعلّمة أكثر مني.. وأخذ يعدد مزاياها قائلاً: لماذا تكون أقل مني؟ لأي سبب ترث أقل مما أرث؟!].
وأمّا والدته، فقد كان مهموماً بها، لا سيما في الأشهر الأخيرة من حياته، فقد كان كثير الإنتباه لها، والاهتمام بها.

لقمان سليم الشيح محمد علي الحاج العاملي


وكنتُ بغاية الاعجاب بعلاقته مع والدته، فلطالما صادفتها تأتيه صباحاً تعطيه بعض الاصدارات والصحف، تلفت نظره لأمر ما.. هي ثوان تراه بها، لكنها عميقة النظرة، ثاقبة الرؤية، تكفيها هذه الثواني حتى تعمل له “صورة سكانر” كاملة، يطمئن قلبها، وتذهب أدراجها.
أما زوجته فقد كانت منهمكة في عملها، دائمة الشغل، لا تكل ولا تمل، كانت تفهم عليه من نظراته، حالها حال كل من صاحب لقمان أو عمل معه، لأن لقمان كان له لغة أخرى يجيدها، حينما يتحدّث بعينيه، يعبّر بهما من دون أن يحركهما، كأنّه ابتكر لغةً جديدةً في العيون..
المهم؛ اعتبر (رضوان الله عليه) بأنَّ “ربّ ضارة نافعة” ليعلم كلّ الناس أنّ في “الضاحية الجنوبيّة” أسرة “شيعيّة”، في بيت محسن سليم، الذي كان عضواً بالهيئة التنفيذيّة في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، والذي كان أيضاً نائباً في البرلمان اللبناني عن الطائفة الشيعيّة، ناهيك عن احتضان منزل سليم لكبار علماء الشيعة..

لقمان سليم الشيح محمد علي الحاج العاملي

واليوم، في هذا البيت تحديداً، ظهرت صورة معاكسة لما يراد أن يكون عليه “القوم”، أعطينا صورة حضارية عن المرأة، وما يمكن أن تضطلع به في الحياة..
ختم “لقمان”: [مولانا، إذا لم تبدً الصورة اليوم واضحة لدى البعض، لكن تأكد بأنّ المجتمع النسائي الشيعي اللبناني يتأمّل ويتفكر في هذه الظواهر الفريدة، التي لم يكن قد التفت إليها من ذي قبل، بفعل سياسة التجهيل التي تتبعها قوى الأمر الواقع، لكن النموذج النسائي الذي قدمناه هو موضع عناية.. وسينعكس إيجاباً في القادم من الأيّام، عاجلاً أم آجلاً].

السابق
بالصورة: عويدات «يستدرك».. يُلغي قرار عون بمنع تحويل الاموال الى الخارج
التالي
بعدسة «جنوبية»: صلاة الجنازة عن نفس ريتا.. «آخر» ضحايا انفجر المرفأ