«لكم سليمانكم ولنا لبناننا»!

أقل ما يمكن وصف تصرف “حزب الله” منذ اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، أنه أصبح إيرانياً أكثر من الإيرانيين أنفسهم. فالحزب لم يكتف بالوثائقيات والأفلام والبرامج التي تمجد سيرته، بل أغرق الساحة الشيعية من مطارها الى حدودها الجنوبية والشرقية، بصور ضخمة وتماثيل ومجسمات ولافتات “تمجد” لهذا الرجل، محاولاً “وسم” إسمه وصورته بنوع من القداسة وهالة “إمامية”، في وقت تحرق صوره ومجسماته في العاصمة الايرانية طهران ومدن إيرانية أخرى، كما في غزة والعراق وسوريا، في وقت يفاوض النظام في إيران قاتله في فيينا!

هذا التطرف لدى “حزب الله”، بحسب مصادر شيعية ل”جنوبية”، ليس مجرد ولاء مطلق للجناح المتشدد في إيران فحسب، إنما يدل على برنامج وضعه نصب أعينه، ويعمل على تنفيذه، ويحاول جاهدا التمدد ثقافيا بالتوازي مع تمدده السياسي والايديولوجي، وهذا بدا واضحا من خلال إختراق معرض بيروت العربي الدولي للكتاب، بعرض صور ضخمة لسليماني دون وجود أي كتاب، وهو المعرض المخصص بنشر الكتب وليس بعرض الصور، وهذا ما استفز مجموعة من الحراك المدني أمس، حيث تعرض أحدهم للضرب المبرح عندما حاول الاعتراض على وجود صور سليماني هاتفا “بيروت حرة حرة…”.

لم يقف جمهور حزب الله و جيشه الالكتروني، عند حد السخرية من الشاب والإحتفال “بنصرهم” الجديد، بل أمعنوا في تهديد كل من تعاطف وعبّر عن رأيه، ووزعوا تهم الخيانة والعمالة لاسرائيل. أما “الطامة الكبرى” فكانت تغريدة رئيس بلدية الغبيري معن الخليل، الذي كتب على صفحته الخاصة فيسبوك :”ضربة معلم وتسلم ايدك، كف نوعي ترددت اصداؤه في تل أبيب، #دواعش14اذار.
هذا المنشور ليس لشاب عاطل عن العمل من “سرايا المقاومة”، كُلف بمهمة “الشتم والاستفزاز” في جيش الكتروني، إنما لشخصية تعمل في الشأن العام، وتتولى رئاسة كبرى بلديات الضاحية، و تقدمه قيادة “حزب الله” على انه شخصية “رصينة وناجحة”.

“بيروت حرة حرة”…شعار مناهض لثقافة “حزب الله” الإيرانية في لبنان، فالشمولية والعبودية وثقافة الارتهان للخارج، لا يلتقوا مع ثقافة الحياة والتحرر. في قاموس هذا الحزب أدبيات تختلف عن أدبيات الساعين الى وطن حر. في قاموسهم “صاروخ” يقتلع “القلم” و”سحسوح” يطغى على “الكلمة”، و”شيعة شيعة” صرختهم بوجه “الحوار والإنفتاح”، و”مقاه” تنتشر بدل “المكتبات”، ومعسكرات حلّت مكان “المدارس والجامعات”، وبيروت سليماني تريد قتل بيروت الحرية!

السابق
الثلوج عائدة الى لبنان بقوة.. استعدّوا الى منخفض عاصف وبارد!
التالي
ارتفاع اضافي للدولار.. السوق السوداء تفتتح على تسعيرة جديدة!