قراءة إسرائيلية لموقف عون من الترسيم: إنه يتراجع عن التشدد!

ترسيم الحدود الناقورة

إتسعت دوائر ردود الفعل على الموقف المستجد لرئيس الجمهورية ميشال عون من الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل، وخصوصا ما يتصل بالخط  29 الذي لم يعتبره الرئيس عون حدود لبنان البحرية في الجنوب، وفق ما ابلغ صحيفة “الاخبار” السبت الماضي.

وقد بدت هذه الردود في لبنان وإسرائيل على طرفيّ نقيض. ففي لبنان، إنبرى رئيس الوفد العسكري التقني العميد الركن الطيّار بسام ياسين في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الى التنبيه من خطورة اعلان رئيس الجمهورية عن تخلي لبنان عن الخط 29 ،لاسيما بما يتعلق بحق لبنان في حقل قانا. بدوره، دعا رئيس الحكومة الأسبق حسان دياب في بيان، إلى “يقظة ضمير تعيد التزام الخط 29 كحدود للمنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان جنوبا،” وقال:”إن التاريخ لن يرحم”.

أما على الجانب الإسرائيلي، فقد جاء المقال المنشور في صحيفة “إسرائيل هايوم” في 13 الجاري، والذي تولى تغطية مقابلة الرئيس عون الصحفية، ليعطي فكرة كيف تلقفت إسرائيل هذا الموقف اللبناني الجديد.

اقرأ أيضاً: النص الحرفي لمقابلة العميد بسّام ياسين: اعلان الخط 23 خطا للتفاوض يعني ان اسرائيل حققت اهدافها بضربة واحدة!

وقد حمل مقال الصحيفة الإسرائيلية الذي كتبه شاهار كليمان العنوان الاتي:” الرئيس اللبناني يأمل في نجاح محادثات الحدود البحرية مع إسرائيل.” وجاء في مقدمة المقال: “يبدو أن ميشال عون يعترف بأن البلاد (لبنان) اتخذت موقفا أكثر صرامة في المفاوضات، في محاولة لتحقيق المطالب الأصلية. إن بيروت وواشنطن والقدس “في عجلة من أمرها” للتوصل إلى اتفاق، كما يقول. وتعقيبا على ما صرّح به رئيس الجمهورية، يخلص المقال الى القول :” تضخ إسرائيل الغاز بالفعل من حقول بحرية ضخمة. ولبنان، الذي لم يجد بعد احتياطيات تجارية من الغاز في مياهه الخاصة، في حاجة ماسة إلى النقد من المانحين الأجانب.”

لبنانيا، وفي مقابلة أجرتها قناة “الجديد” التلفزيونية قبل أيام، قال العميد ياسين :”بعد المقال الذي نشرته “اسرائيل هايوم”، سيستند الإسرائيلي لهذا التصريح (تصريح الرئيس عون)، ليبلّغ شركة   Energean (اليونانية): لا تخافوا، يمكنكم البدء بالعمل في “حقل كاريش” (الذي يعتبره لبنان ضمن المياه اللبنانية وفق الخط 29).فها هو رئيس الجمهورية اللبنانية، قال أن خطنا هو الخط 23. الخطورة في الذي جرى بالأمس، هو ان  البلوك 72 الظاهر على الخريطة المحاذي لحقل قانا، أصبح الآن محررا بالنسبة للعدو الإسرائيلي، ما يعني أننا في خلال المفاوضات، أفشلنا عملية فضّ عروض الحقل 72.”

من ناحيته إنبرى الرئيس دياب، الذي إعتمدت حكومته على ما إنتهى اليه الوفد اللبناني المفاوض برئاسة العميد ياسين من نتائج، فبادرت حكومته  الى تعديل المرسوم 6433 ، بما يجعل الخط 29 ضمن حصة لبنان البحرية، فأصدر بيانا جاء فيه:” مؤلم هذا النقاش الداخلي حول ترسيم الحدود البحرية جنوبا مع فلسطين المحتلة. وما يؤلم أكثر أن الدولة، التي يفترض أنها مؤتمنة على الوطن، تجتهد في تبرير التفريط بحدود الكيان، وتتنازل عن الثروات الوطنية.” أضاف:”لقد تابعت الجهد الكبير الذي بذله الفريق العسكري من الجيش اللبناني لترسيم الحدود، والمعايير العلمية الدولية التي اعتمدها، والتي تعطي لبنان حقه الطبيعي من المنطقة الاقتصادية الخالصة. واستمعت، كرئيس للحكومة في حينه، إلى الشرح الموضوعي الذي لا يرقى إليه الشك، الذي يحدد الخط 29 كحدود للمنطقة الاقتصادية جنوبا. وقد وقّعت، من دون تردد، في نيسان من العام الماضي، ومن دون أن تؤثر بي المداخلات والتدخلات والضغوط، ومن دون أي حساب، سوى المصلحة الوطنية العليا، مرسوما يقضي بتعديل الحدود البحرية، يصحح المرسوم السابق. لكن، للأسف لم يصدر ذلك المرسوم.”

“تشاء الصدفة، ان يكون وزير التربية في حكومة دياب، طارق المجذوب، هو الخبير في ملف الثروة الغازية والنفطية اللبنانية. وقد كان الدكتور مجذوب من بين أبرز ما دعا الى اعتماد رأس الناقورة نقطة إنطلاق للترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل، ما سمح للوفد اللبناني المفاوض من التوصل الى الخط 29 بدلا من 23 للبدء بترسيم الحدود البحرية الجنوبية. وفي كتاب “الغاز القاري اللبناني من النزاعات الى وضع السياسات-الجوانب القانونية والسياسية والاقتصادية ” الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بناء ورشة عمل 2013 ، كان للدكتور المجذوب، تعقيب جاء فيه:”أثارت مشكلة الحدود البحرية منذ عام 2009 وما زالت العديد من المشكلات المتداخلة (قياس المناطق البحرية المختلفة وإتساعها مثلا). للدلالة على إختلاف خرائط البحر المتوسط اللبنانية والإسرائيلية ، تشير اللبنانية منها الى ان حدود إسرائيل الشمالية تمتد غرب مغاور رأس الناقورة، في حين تجعلها الخرائط الإسرائيلية غرب مستعمرة المطلة…وعلى العكس من ذلك، أكد بعض المصادر الرسمية اللبنانية ان النقطة الحدودية على اليابسة في الناقورة (B1) لا خلاف عليها وهي لم تتغيّر سواء عند إعلان دولة لبنان الكبير عام 1920 ، أو عند عقد إتفاقية بوله-نيوكومب عام 1923، أو عند رسم خط الهدنة عام 1949، أو عند رسم الخط الأزرق عام 2006.”

ان قضية بحجم الثروة النفطية والغازية للبنان، وموقف الرئيس عون الجديد المثير للجدل،  لم تثر حتى الان اية ردة فعل لدى الثنائي الشيعي، الذي لطالما إعتبر هذه القضية ذات خصوصية فائقة عنده. في موازاة ذلك، لم يصدر عن قصر بعبدا حتى الان أيضا، أي تفاعل مع الانتقادات التي صدرت بعد مقابلته الصحفية الأخيرة. فهل وراء هذا الصمت ما وراءه؟

السابق
تقييم إسرائيلي لوضع «حزب الله»: غارق في الاقتصاد وليس في الحرب!
التالي
تعميم «المستقبل» بعدم استخدام اسمه في الحملات الانتخابية يربك المقربين!