لبنان بإنتظار الوسيط الأميركي لتحديد اتجاهات الريح بالترسيم مع إسرائيل

وزير الدفاع موريس سليم

تترقّب بيروت الأسبوع الطالع، زيارة الوسيط الأميركي في عملية التفاوض غير المباشر في شأن ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل اموس هوكشتاين، في مَهمةٍ استبقها لبنان بتوثيق «خط تَفاوُضٍ» جديد لدى مجلس الأمن محاولاً تعزيز «خط الدفاع» حول «الهدف – الأم» المتمثل بمساحة الـ 860 كيلومتراً مربعاً المتنازَع عليها، وباتت بطريقة أو بأخرى متشابكة مع ملف استجرار «بلاد الأرز» الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سورية والذي مازال يحتاج لضمانات أبعد من «موافقة بالأحرف الأولى» من واشنطن على إحاطتها باستثناءٍ لبيروت والدول المعنية من موجبات “قانون قيصر».

وبدا من الرسالة التي وجّهتْها سفيرة لبنان لدى الأمم المتحدة آمال مدللي لرئيس مجلس الأمن بإيعاز من رئيس الجمهورية ميشال عون، أن بيروت سلّمت بأن خط الترسيم الذي مازال متبعاً (وهو موثّق لدى الأمم المتحدة) وتتحدد بموجبه حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان هو 23، ولكن مع الإبقاء على الخط 29 كسقفٍ أعلى للتفاوض، هو الذي كان شكّل قبل نحو عام شرارةَ «حرب خرائط وخطوط» اندلعت مع اعتماده فجأة من الجانب اللبناني كنقطة انطلاق للمفاوضات بما يوسِّع الرقعةَ المتنازَع عليها إلى 2290 كيلومتراً يدخل في نطاقها قسم من حقل «كاريش».

الخط 29 شكّل قبل نحو عام شرارةَ «حرب خرائط وخطوط» اندلعت مع اعتماده فجأة من الجانب اللبناني كنقطة انطلاق للمفاوضات

وما عززّ هذه القراءة، أن رسالة لبنان التي جاءت رداً «على الادعاءات الإسرائيلية، في شأن دورة التراخيص الأخيرة التي أطلقتها الحكومة اللبنانية (تمتد إلى مساحة 860 كلم مربعاً المتنازع عليها) لمنح ترخيص للاستكشاف في عرض البحر، والادعاء بأنها تقع في أماكن بحرية اسرائيلية»، تضمّنت إحياءً ضمنياً للخط 29 عبر تأكيدها أنه «احتراماً لمبدأ»الخط التفاوضي«الذي لم تتوصل إليه بعد المفاوضات غير المباشرة، لا يمكن الادعاء بأن هناك منطقة اقتصادية اسرائيلية خالصة مثبتة، بعكس ما ادعى الجانب الاسرائيلي في شأن ما يسميه(حقل كاريش)، ما دفع لبنان إلى الاعتراض الرسمي بموجب الرسالة المؤرخة 18/ 09/ 2021 على أي أعمال تنقيب في المناطق المتنازع عليها تجنباً لخطوات قد تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين».

في السياق نفسه، ذكّر لبنان «بالحجج القانونية والميدانية الثابتة التي سبق وعرضها، على طاولة المفاوضات غير المباشرة والتي تسمح له بتوسيع نشاطاته الاقتصادية جنوباً»، داعياً مجلس الأمن إلى «مطالبة الجانب الإسرائيلي بوجوب الالتزام بما سبق أن طالب به في رسالته المتضمنة المؤرخة 27 ديسمبر 2021، والامتناع عن أي نشاط في المناطق المتنازع عليها (…)».

وإذ أشار لبنان إلى أنه «إلى حينه لم يقم بأي خطوات إضافية احتراماً لمبدأ الوساطة»، أعلن أنه «يحتفظ بكامل حقوقه، في رفع أي مطالب لاحقة ومراجعة حدود منطقته الاقتصادية الخالصة، كما تنص المادة الثالثة من المرسوم رقم 6433 تاريخ 1 اكتوبر 2011، إذا فشلت المفاوضات غير المباشرة في تحقيق التسوية التفاوضية».

ورأت أوساط سياسية أن لبنان، لجأ إلى «حل وسط» اعتباراتُه داخلية بالدرجة الأولى، حاول فيه المواءمة بين عدم توقيع رئيس الجمهورية قرار تعديل المرسوم 6433 بما ينقل رسمياً حدود لبنان البحرية جنوباً من الخط 23 إلى الخط 29 وتوثيق ذلك لدى الأمم المتحدة، وبين الاحتفاظ «بحقوق تفاوُض» وفق الـ 29 تعزّز موقعه على الطاولة وتحمي مساحة الـ 860 كيلومتراً، من دون أن يُعرف ماذا سيكون عليه موقف بيروت مما يشاع عن أن هوكشتاين، الذي كان قبل أيام في اسرائيل سيحمل طرحاً بأن تحصل «بلاد الأرز» على حقل قانا بالكامل واسرائيل على “حقل كاريش».

إقرأ أيضاً: خاص «جنوبية»: إستيراد السيارات يَنخفض 50% بعد الموازنة..«الأسعار تفوق الخيال»!

وفي موازاة هذا العنوان الشائك الذي لا يمكن فصل هبّاته الباردة والساخنة منذ انطلاقته (أكتوبر 2020) في مقر «اليونيفيل» في الناقورة بوساطة أميركية ورعاية أممية عن «رقعة الشطرنج» الإقليمية وملفاتها اللاهبة التي يرتبط بها لبنان مباشرة عبر أدوار «حزب الله» في ساحات المنطقة ومقتضيات إدارة إيران لـ «ملفاتها»، تتجه الأنظار إلى إطلالة الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله يوم الأربعاء، التي لابد أن تتطرق لملف مفاوضات الترسيم البحري ناهيك عن العلاقة مع دول الخليج العربي في ضوء المبادرة الكويتية – الخليجية – العربية – الدولية، التي حدّدت إطاراً للبنان الرسمي لمعالجة سلاح الحزب وفق مثلث قرارات مجلس الأمن 1559 و1680 و1701 ووقف تحويله البلاد «منصة عدوان لفظي وفعلي» عليها، وهي المبادرة التي قدّم لبنان عليها رداً حمله وزير الخارجية عبدالله بوحبيب الى الكويت، ويسود انتظار للجواب الخليجي عليه ولا سيما أنه عكس تنصلاً رسمياً من بت مسألة السلاح وأعلى أولوية «السلم الأهلي» عليها.

مواءمة لبنانية بين عدم توقيع رئيس الجمهورية قرار تعديل المرسوم 6433 وبين الاحتفاظ «بحقوق تفاوُض» وفق خط الـ 29 تعزّز موقعه على الطاولة وتحمي مساحة الـ 860 كيلومتراً

وشكّلت هذه القرارات الدولية الى جانب عنوان «النأي بالنفس» محور البيان الذي صدر عن مجلس الأمن، الجمعة، وبدا وكأنه يلاقي مرتكزات المبادرة الكويتية.

فقد شدد البيان الذي صدر إثر جلسة الإحاطة التي عقدها مجلس الأمن حيال تطبيقات القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان على ضرورة «إنجاز الإصلاحات والانتخابات الحرّة والنزيهة في 15 مايو المقبل، وتعزيز العدالة عبر إجراء تحقيق سريع ومستقل وشفاف في تفجير 4 اغسطس 2020».

وأكد أعضاء المجلس «دعم استقرار لبنان وأمنه وسيادته بما يتفق مع القرارات 1701 و1680 و1559 و2591»، مطالباً بيروت بتنفيذ «سياسة ملموسة للنأي بالنفس عن أي صراعات خارجية كأولوية مهمة»، مع التشديد في الوقت عينه على ضرورة التحقيق في الاعتداءات المتكررة على قوات «اليونيفل» في جنوب لبنان و«تقديم مرتكبيها إلى العدالة».

السابق
تأكيداً لمعلومات «جنوبية»..7 ملايين دولار خسارة صيارفة «راهنوا» على صعود الدولار!
التالي
مواجهة انتخابية حاسمة بين القوى المسيحية في منطقة المتن