«حزب الله تفصيل وذراع إيرانية».. علي الأمين: المطلوب هو رافعة عربية للبنان!

علي الامين

خلال استفاضته من قبل الإعلامية السورية ميسون بيرقدار، عبر الأثير تحت عنوان “دون رتوش”، تطرق رئيس تحرير موقع “جنوبية” علي الأمين الى المحاور التالية: “لبنان الطائفية أم الدولة الوطنية؟”، “الأحزاب الإلهية وخطورتها على المواطنة والدولة” و”الثورة السورية والموقف اللبناني منها”.

وقد استهل الأمين هذا الحوار بالكلمة التالية: “في كل الأحوال، من هذا الموقع، لا أستطيع إلا أن أبدأ بتحية لكل السوريين، وتحية إلى الثورة السورية تحديداً، الثورة التي أضاءت، ولا تزال، رغم كل المآسي، ورغم كل العثرات، أضاءت في هذه المنطقة، أضاءت على المستوى العربي: فتحت أبواباً حقيقية أمام التغيير الحقيقي في هذه المنطقة، التي نحتاجها جميعاً، وسوريا مفتاح هذا التغيير، والذي لا نزال نُؤمن بأنها ستكون بوابة التغيير الحقيقي في المنطقة”.

العودة الى سوريا لن تكون إلا عودة المنتصرين انتصار القِيم: قيم الحرية، قيم الإنسانية!

اضاف: “هذه الثورة، تحية لها، تحية لكل الشهداء، لكل المهجرين والمُهاجرين، لكل من أكرِه على المغادرة، لكل من غادر هذه الأرض الكريمة. بالتأكيد هناك لحظات، وهناك موعد للعودة، والعودة التي لن تكون إلا عودة المنتصرين، انتصار القِيم: قيم الحرية، قيم الإنسانية، قيم الوطنية والقيم العروبية أيضاً، وبالتالي، لا أجد نفسي إلا في موقع التعلُّم من هذه الثورة، وأجد نفسي في موقع الذي يُقدّرُ ويحترم كل من شارك فيها، وكل شهيد وكل جريح وكل ضحية سقطت على هذه الأرض. كلام كثير يمكن أن يقال في هذا المجال، وتستدرجني الثورة السورية إلى الكثير، ولا أريد أن أُطيل أكثر”.

وقد سار الحوار علو الشكل التالي:

• هل نستطيع أن نقول إن شيعة لبنان، انقسموا بين شيعة “الولي الفقيه” وشيعة الوطن؟

اجاب: ” لِنَقُل، على المستوى اللبناني العام، هناك أزمة حقيقية، وهذه الأزمة، أيضاً، تداعياتها تكون على كل المكوّنات وكل الناس وكل المظاهر التي ممكن أن تأخذ بُعداً مذهبياً وطائفياً، وتأخذ أبعاداً حزبية وما إلى ذلك. لا يوجد شك في إننا في لبنان، نحن نعاني من أزمة سياسية، وهذه الإشكالية التي تأخذ وجوهاً متعددة، لعلة أبرزها: هي إشكالية الدولة، أي بمعنى الدولة بما هي، في تعريفها الأساسي، التي تحتكر العنف، نحن نعاني اليوم من إزدواجية على هذا الصعيد: لدينا دولة، ولدينا دويلة؛ لا بل إن الدولة أصبحت في خدمة الدويلة، وبالتالي، هذه الثنائية لا شك في أنها خلقت مجموعة مشكلات حقيقية؛ لا أريد أن أقول هذا الجانب، فقط، لكن هذا هو الجانب الأساسي والمحوري”.

إقرأ أيضاً: علي الأمين عن التطبيع مع سوريا: الموقف السعودي أطاح بمساعي «تبييض» النظام لصفحته!

وتابع: “هناك أبعاد أخرى وقد أشرت إليها: المسألة الطائفية وما يتعلق بالدولة الوطنية والمسألة الطائفية، هذه أيضاً من الثغرات المحورية التي يمكن الإشارة إليها، وبالتالي، عندما نتحدث عن الشيعة كمجموعة من المجموعات اللبنانية، وبطبيعة الحال، هي أسوة ببقية المجموعات الأخرى، إلا أنه ربما هي تتعرض أكثر من غيرها لضغوط فعلية وحقيقية، إذ، لا نشهد مثل هذا الإصرار على مصادرة الطائفة الشيعية، وهذا أمر، ليس جديداً، أي لا يتم في الفترة الحالية، إنما هو أمر واضح منذ بداية التسعينات، بشكل صريح، ومنذ الإتفاق الإيراني – السوري، في زمن حافظ الأسد”.

ولفت الى انه “تم ما يشبه عسكرة هذه الطائفة، وبمعنى احتكار السلطة السياسية فيها، والتي كانت تحت المظلة الإيرانية – السورية، وبتنسيق بين إيران وسوريا، ولذلك لم نشهد، خلال ثلاثين سنة، أي تغيير حقيقي في مستوى التمثيل السياسي، إذا أخذنا نموذج “البرلمان”. فإن نجد هذا الأمر مقتصراً على الطائفة الشيعية هو ما يثير تساؤلاً. لأن التغيير حصل في دوائر أخرى في الطوائف الأخرى. (لدى المسيحيين؛ لدى السُّنّة…)، أي لدى طوائف أخرى وجدنا حراكاً على مستوى التمثيل السياسي؛ إنما في الطائفة الشيعية لم يحصل هذا الأمر، لم يحصل، لا لأنه ليس هناك من مجال لحراك داخل الطائفة الشيعية أو بمعنى، نماذج يمكن أن تشكّل عناوين للحيوية السياسية، إنما الذي حصل هو عملية قمع، وهذا القمع السياسي الذي أخذ بُعداً دينياً، والذي أخذ بُعداً أمنياً وعسكرياً، وإلغاء كل مظاهر التنوّع داخل الطائفة الشيعية، بمعنى، أن الطائفة الشيعية، في تاريخها، هي طائفة متنوّعة، أي إذا ما أخذنا هذه الجماعة على المستوى اللبناني، ونظرنا إلى تاريخ لبنان الحديث، لوجدنا أن هذه الطائفة فيها تيارات دينية، وتيارات قومية، وتيارات علمانية، وتيارات على المستوى الوطني”.

الشيعة لم يكونوا طائفة لكنهم، في الزمن الإيراني تحوّلوا إلى طائفة!

اضاف: “يوجد تنوع هائل داخل هذه الطائفة الشيعية، وباستطاعي أن أقول وبثقة: إن الشيعة لم يكونوا طائفة (أي أنهم ما كانوا طائفة)، لكنهم، في الزمن الإيراني تحوّلوا إلى طائفة، وجرى ترسيخ هذا المظهر، وهذا الشكل فإن الشكل الشيعة، وبشكل عام، يرتكز بنيانهم الثقافي والتاريخي على فكرة جوهرية أساسية إسمها “الاجتهاد”، (عنوانها الإجتهاد)، وعندما نتحدث عن الإجتهاد فماذا يعني الإجتهاد؟ يعني التعدد، يعني التعددية. إنه ممكن، إذا كان الإجتهاد، مشروعاً وواجباً في النص الديني، الذي هو نص أساسي وثابت، لأنه هو نص إلهي، فما بالنا في القضايا المتعلقة بالشأن السياسي الذي هو، أساساً، شأن اختلاف وما إلى ذلك. وبالتالي، أنا أريد أن أقول إن ثمة مشكلة. هناك مأزق، هناك أزمة موجودة على المستوى الشيعي، لكن، هي ناتجة عن حجم الضغط الهائل القائم على المستوى الإيراني، والمستوى السوري (كان في فترة سابقة). وهذه الخصوصية هي التي حوّلت الطائفة الشيعية، اليوم، إلى طائفة فقيرة”.

وتسائل: ” بأي معنى؟ بمعنى أننا إذا ما نظرنا إلى التاريخ لوجدنا أن هذه الطائفة، فيها كفاءات عالية على المستويات: الفكري، الثقافي، الديني، الاجتماعي، السياسي… إلخ؛ بينما، اليوم؟ نشهد فقراً حقيقياً، وهذا الفقر، هو نتيجة القمع وغياب التعدد، والقدرة على التعبير عن التعدد في هذه الطائفة، فهذا التعبير هو الذي يخلق الحيوية ويخلق الإبداع”.

• متى نرى مشروعاً وطنياً لبنانياً، عابراً للطائفية؟

اجاب الأمين: “هذه إشكالية طويلة وممتدة، والمؤسف أن هذه المسألة أصبحت مرتبطة، حتى بالإقليم. لم تعد فقط، مسألة لبنانية. نحن اليوم إذا نظرنا إلى محيطنا: إلى سوريا، إلى العراق، إلى اليمن، إلى المناطق المتعددة…، هناك إشكالية، اليوم، هي إشكالية: “الطائفية والدولة الوطنية””.

الحل في مواجهة الفراغ والمظلّة العربية تعمد إلى البحث عن دوائر صغيرة

وتابع: “هذه المسألة يجري ترسيخها، وبالتالي، أنا أرى أن الخروج من هذه الدائرة، لا شك في أن له عوامل داخلية، لا بد منها، ونواة داخلية، لكن العنصر الأساسي هو: “المشروع”، برأيي أنا، المشروع على المستوى العربي، يعني الرافعة العربية التي يمكن أن تشكل مدخلاً للخروج من هذه الدوائر الضيّقة، لأن هذه الدوائر الضيقة، ماذا تعكس؟ إنها تعكس ذهاب الجماعات إلى الإنزواء والتمترس بعناوين وبعصبيات ضيقة، في ظل غياب الدائرة الوطنية التي يمكن أن تشكّل الضمانة، أو حتى الرافعة الإقليمية، وهي التي نُسميها “المشروع العربي”، أو “النظام الإقليمي العربي” الذي يمكن أن يوفّر، في نفس الوقت، قدرة على الخروج من هذه القوقعة، التي يقع فيها كثيرون على مستوى الجماعات الطائفية. عندما يغيب المشروع العربي، ماذا نرى؟ نرى أنه يبرز “مشروع الأقليات”، “حِلْف الأقليات”… مشاريع تبدأ الحديث على قضايا، وكأنها الحل في مواجهة الفراغ، والمظلّة العربية تعمد إلى البحث عن دوائر صغيرة، أو البعض يستغلّ هذا الأمر ويستثمر فيها، وبالتالي، باختصار أقول: هناك بُعْدٌ وطني لا بدّ منه، وهذا مسار له تُراث في لبنان، عملية الخروج من هذا النظام الطائفي، لها البُعْدُ الوطني، الذي له مُكمِّل هو المشروع العربي، لا يمكن الفصل بين الأمرين، بمعنى، لن نجد حلاًّ خاصاً في لبنان، بمعزل عن حلّ عربي حقيقي على مستوى المشروع”.

• الثورة السورية قسّمت اللبنانيين، بين مؤيّد لها، ومعارض، هل لعب الإنتماء الطائفي دوراً في ذلك؟

اجاب: “لا يوجد شك، في أنه جرى استثمار واستغلال، وأقول إنه عندما انطلقت الثورة السورية، كان يوجد لدى كل الفئات اللبنانية تعاطُفٌ هائل مع هذه الثورة في البداية، وهذا شكَّل خطراً، خطراً حقيقياً على النظام السوري أولاً وحلفاء هذا النظام الذين شعروا بأن بسقوط هذا النظام فإن نظاماً كاملاً يتساقط ويتهاوى، وبالتالي، جرى عمل وثيق، أي جهد كبير على مستوى “شيطنة” الثورة السورية، وجهد كبير على مستوى الإيجاء، وكأن هناك مشروعاً طائفياً”.

حاول حزب الله أن يحاكي المشاعر الطائفية، بأن هؤلاء الذين يدخلون إلى سوريا هم الذين يريدون أن يدمّروا كل ما هو مختلف، بمعنى أنهم يستهدفون الطائفة الشيعية!

وقال: “في البداية، أبرز شعار طرحه حزب الله، ليبرِّر دخوله إلى سوريا، وهنا كان يبرر دخوله إلى سوريا للجمهور اللبناني، وليس للسوريين، هو شعار: “حماية مقام السيدة زينب في سورية”. وبالتالي، كان يحاول أن يحاكي المشاعر الطائفية، بأن هؤلاء الذين يدخلون إلى سوريا هم الذين يريدون أن يدمّروا كل ما هو مختلف، بمعنى أنهم يستهدفون الطائفة الشيعية. وهذا تم الشُّغل عليه بشكل كبير؛ لا بل حتى في الممارسات التي ربما البعض تورّط فيها، جرى استغلالها عندما حاول البعض يُوحي وكأن المشكلة في سوريا هي بين علويِّين وسُنَّة. فبالتالي، جرى استثمار واستغلال البعض للموضوع، واشتُغل على هذا الموضوع، لمحاولة تخويف الجماعات اللبنانية. وحتى تم الشُّغل على البُعد المسيحي، بأن هناك مجموعات تريد أن تُنهي المسيحيين وما إلى ذلك. كلُّ هذا الأمر ساهم بطبيعة الحال، بأنه خلق هذا الانقسام الذي أشرت إليه على المستوى اللبناني”.

التغيير في سوريا أخاف الجميع

وتابع: ” لكن، هذا أمر تورّط فيه أكثر من طرف: جهات دولية وجهات إقليمية أيضاً، ساهمت فيه. أنا على يقين بأن التغيير في سوريا أخاف الجميع. لأن التغيير في سوريا، كان مقلقاً لإسرائيل؛ مقلقاً للبنان، على مستوى المنظومة الحاكمة؛ مقلقاً أيضاً للولايات المتحدة، التي ما كانت قادرة على أن تُقدر نتائج هذا التغيير وكيف يمكن إجراء التحكّم به. وحتى على المستوى العربي أيضاً كان يوجد قلق من أن التغيير في سوريا، يمكن آن يُحدث ترددات على المستوى العربي، وبالتالي، هذه الثورة كانت يتيمة بالعمق. فصحيح أن البعض يدعمها وما إلى ذلك، لكن كله دعم كان مشروطاً بأن لا تنتصر هذه الثورة”.

ولفت الى ان “كل التكالب عليها من كل هذه الجهات، وشيطنتها لا شك في أنها مسألة أدّت إلى ما أدت إليه، اليوم. ولكن، حتى الصورة اليوم تؤكد أنه ليس هناك من قدرة على إعادة الأمور إلى شكلها في الحد الأدنى الطبيعي في سوريا من دون إحداث تغيير حقيقي، طالبت به الثورة السورية وسعت إليه، وهي حققته، بمعنى فرضته كحقيقة لا مفر منها، على مستوى أي تغيير ممكن أن يحصل في سوريا، أو عودة سوريا إلى الحد الأدنى من الحياة الطبيعية”.

• ما المخاطر التي تهدد لبنان، من وجهة نظرك، والمنطقة، بسبب حزب الله؟

اجاب: “أنا أُريد أن أقول: إن حزب الله هو تفصيل، أي، لا نُعطيه أكثر من حجمه. حزب الله أداة وذراع إيرانية في المنطقة، وبالتالي المشروع الأكبر هو المشروع الإيراني في المنطقة. وهذا المشروع أيضاً، قوّته ونفوذه ليس منشؤه، فقط، قوة ذاتية. نحن نرى وجود تقاطعات كثيرة تتم مع مصالح دولية، مع مصالح إسرائيلية في المنطقة، مع مصالح… كلها هدفها أن تتقاطع عند فكرة إضعاف المنطقة العربية”.

حزب الله هو تفصيل أي، لا نُعطيه أكثر من حجمه فهو أداة وذراع إيرانية في المنطقة

اضاف: “إذا نظرنا إلى هذا التورط لإيران، في سوريا، في العراق، في اليمن، لماذا نرى هذه الشراسة الإيرانية في التعامل مع هذه الدوائر، ولا نرى نفس هذه الشراسة في التعامل مع العدو الأساسي، الإسرائيلي؟… وأقول هنا، في الخلاصة، في النتيجة الاستراتيجية، إن السياسة الإيرانية التي ادعت أنها تريد تحرير القدس وتحرير فلسطين، هي، في النتيجة عملت شيئاً معاكساً: ساهمت في تدمير المنطقة العربية وأضعفتها، وأيضاً ساهمت في اختراقات إسرائيلية حقيقية على مستوى العالم العربي. وبهذا المعنى أقول إن حزب الله هو تفصيل، هو ليس مقرراً، هو أداة للمشروع الأساسي”.

وتابع: “لا أرى أن حزب الله هو العُقدة أمام حلول حقيقية، إذا ما كان هناك عوامل تؤدي إلى إنجاز حلول حقيقية، حزب الله لا أراه هذا العامل السلبي أو مُعيقاً كبيراً، في ذلك، إنما يوجد شيء أكبر من ذلك”.

• معنى ذلك ممكن أن يكون السؤال، الآن، هو: البُعد العربي في رفض الهيمنة الإيرانية عند الشيعة اللبنانيين الرافضين للمشروع الإيراني، يعني كلامك هذا، يصب في نفس السؤال هذا، أليس كذلك؟

اجاب رئيس تحرير موقع “جنوبية”: “نعم، لا يوجد شك، في مجال البحث عن حلول، أو عندما نفكر بحلول، لا يوجد حلول جزئية، لا يوجد حل شيعي، ولا يوجد حلّ سني،… إلخ؛ بل هناك رافعة، إما رافعة وبالتالي رافعة عربية، هذه الرافعة تعني الجميع، ولا تعني طرفاً، وليست تعني؛ أنا أحبّ أن أقول: السيطرة الإيرانية، بالمعنى التاريخي، هي نتيجة الإنكفاء العربي”.

إيران ملأت فراغاً استثمرت في العنوان الشيعي وممكن أن تستثمر في مرحلة لاحقة بعناوين أخرى

تضاف: “إيران ملأت فراغاً، استثمرت في العنوان الشيعي؛ في عنوان الأقليات، وممكن أن تستثمر في مرحلة لاحقة، بعناوين أخرى. وما من شك في أن إيران هي دولة. ونحن نحترم الشعب الإيراني، ونحترم الدولة الإيرانية، ونقدِّر تاريخ إيران؛ نحن مشكلتنا، مع هذا النظام، مع هذه السياسة، وبالتالي، إيران، في نهاية الأمر، هي دولة قومية، دولة تاريخية، لها تاريخها، وبالتالي، إيران من الدول العريقة، بأيّ معنى؟ بمعنى أن الجغرافيا الإيرانية هي إيران، منذ آلاف السنين، هذه إيران؛ لكن إيران تستخدم، أحياناً، العنوان الإسلامي”.

إيران تريد أن تواجه خارج إيران لذلك أنا أريد أن أعود وأقول: إن الرافعة المطلوبة هي رافعة عربية والخيار العربي

وتابع: “في بداية الثورة (الإيرانية) استخدمت عنوان: “الوحدة الإسلامية” وما إلى ذلك، وتصدير الثورة. كان هذا نافعاً في الفترة الأولى؛ في مرحلة ثانية استخدمت العنوان الشيعي. واستثمرت بهذا العنوان الشيعي، وعلى طول الخط تستثمر بالعنوان الفلسطيني. لكن دائماً الهدف والغاية هي حماية الدولة الإيرانية، ومحاولة مواجهة خصوم إيران، خارج إيران، إيران لا تريد أن تواجه في داخل إيران، إيران تريد أن تواجه خارج إيران، لذلك أنا أريد أن أعود وأقول: إن الرافعة التي هي مطلوبة هي رافعة عربية، والخيار العربي – ولسنا نتحدث عن إيديولوجيا – إننا نتحدّث عن نظام مصالح موضوعي، وبالتالي عندما نتحدث عن مشروع عربي، فنحن نتحدث عن نظام مصالح مشتركة في هذه المنطقة، ونراه مستهدفاً، ونرى أنه عندما ضعف هذا المشروع العربي، كيف أن الدولة بدأت تتساقط، كيف بدأت تتدمّر”.

واعتبر ان “هذا العنوان، هو برأيي، العنوان الذي يجب أن يركز عليه الجميع، على هذا المستوى للخروج من هذه الدوامة التي نعيشها، مع التأكيد على أن إرادة التغيير على مستوى الأنظمة السياسية وعلى مستوى الأقليم وتحقيق متطلبات الحرية والأنظمة الديمقراطية، هذا مطلب وجودي أصبح لشعوب المنطقة، ولا يمكن لهذه الشعوب أن تنهض بدون هذه الوسائل الطبيعية، التي، العالمُ أصبح يُقرُّ ويعترف بها؛ لا بل ليس فقط، يُقرّ ويعترف بها، بل أنجز الغربُ حضارته، بسبب هذه الحرية وهذه الديمقراطية”.

• أنا شاهدتُ، مؤخراً، مظاهرات (حِراكاً) في لبنان، وحضرتك كنت قد كتبت مقال: “ثورة حتى الانتخابات” أو ما شابه؟

اجاب: “لا شك في أنه يوجد حراك مستمر ودائم، يومياً، يحصل نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية التي الكل يعرفها، في ردات فعل طبيعية. لا شك في أنه يوجد نوع من الأشكال لردود الفعل المجتمعية على هذه الأزمة وعلى سياسات الحكومة. هذا يخلق نوعاً من ردود الفعل، لكن لا يوجد شك أيضاً في أن نقول إنه يوجد إنكفاء في حركة الشارع، نسبياً، قياساً لما كان عليه الأمر في بدايات الإنتفاضة أواخر الـ2019 وبداية الـ2020”.

• أعطتنا أملاً كبيراً هذه الإنتفاضة؟

اجاب: “ولا زال هذا الأمر موجوداً، يضمر أو يتراجع قليلاً، يضعف، لكنه موجود وقائم ويجري قمعه وتجري محاصرته، ويجري الالتفاف عليه؛ لكن كلما مر الوقت تترسخ في الوعي العام، إن عملية التغيير هي عملية أصبحت وجودية، وليست ترفاً سياسياً، بل هذا أمر وجودي لا يمكن بقاء لبنان من دون تحقيق تغيير حقيقي فيه”.

• سأختم معك هذا اللقاء بالسؤال التالي: ما تصوُّراتك، للبنان وللمنطقة كلها، وأنا انزعج عندما أرى ثروة العراق بيد إيرانية، وحتى أيضاً الجوع الذي يضرب الشعب الإيراني، أنا أستغرب، أنه هل هذه الحكومة الإيرانية هي مرعبة لدرجة أن الشعب يُقمع ولا يخرج، مثلاً، بمظاهرات لعمل ثورة حقيقية على الملالي، على هؤلاء الحكام الظالمين الذي فتكوا باليمن والعراق ولبنان وسوريا؟

اجاب: “لا شك في أن الأزمات الموجودة على مستوى هذه المنطقة (منطقة بلاد الشام): في العراق وسوريا ولبنان و…، هي أزمات وجودها هذا يؤكد، أكثر فأكثر، أن هذه المنطقة، إزاء الأنظمة الديكتاتورية، وإزاء الأحزاب الشموليّة أصبح من الصعب حُكمها، وهذه الأنظمة والأحزاب، وبعد عشرات السنين، وعقود طويلة أوصلتنا إلى هذا المأزق. لا شك في أن هناك، أيضاً، الأطماع الخارجية، لكن أيضاً، هذه البلاد ستقوم وستنهض في مواجهة شرط النهوض: الذي بالتأكيد هو التغيير من أجل – فعلاً – إحترام الإنسان كإنسان، وبالتالي إعادة بناء الهوية الوطنية بما يُعزز، فعلاً، قيم المواطنية والحرية والديمقراطية والمساواة، وأيضاً كل هذه الإيديولوجيات الإسلاموية، وأنا لا أقول الإسلامية، بل الإسلاموية”.

في التحديات الكبيرة المسار ليس سهلاً

وختم: “هذه النماذج، كان البعض يعتبرها بأنها ممكن أن تشكل بديلاً، ولكن أيضاً، غرقت، كما الأنظمة بنزعاتها الديكتاتورية والإلغائية. وبالتالي أنا أقول: إنه في التحديات الكبيرة، المسار ليس سهلاً”.

السابق
آلاف الإصابات بكورونا في اليوم الأول من ٢٠٢٢.. ماذا عن الوفيات؟
التالي
لبنان يسلم اسرائيل عربياً أراد الانضمام الى «حزب الله».. اليكم التفاصيل