«سابقة» المجلس الدستــوري.. مشلب: المهلة كانت قصيرة وقلت لعون سأنكر الجميل!

المجلس الدستوري

هي سابقة تحدث للمرة الاولى في المجلس الدستوري. فعادة كان المجلس يصدر قراراً جزئياً بأي طعون وبإبطال جزئي او كلي به انما لم يحصل في مسيرة المجلس الدستوري عدم اصدار قرار بالمطلق اي «اللاقرار». وفي هذه الحالة، اي عندما لا يتفق الاعضاء بغالبية الـ 7 اصوات على قرار، يطبق القانون وفق المادتين 37 و38 من النظام الداخلي للمجلس الدستوري، الاولى تقول انه «اذا لم يصدر القرار ضمن المهلة القانونية يكون النص ساري المفعول وينظّم محضر بالوقائع ويبلّغ رئيس المجلس المراجع المختصة عدم توصّل المجلس الى قرار». أما المادة 38 من النظام الداخلي للمجلس الدستوري فتقضي بأن «ينظّم محضر بالجلسة يذكر فيه تاريخ انعقادها واسماء الاعضاء المشاركين فيها ويوقّع المحضر من قبل الرئيس والاعضاء الحاضرين ويحفظ لدى رئيس المجلس الدستوري».

اقرا ايضا: لا قرار «الدستوري» يَهز «التيار»..وباسيل يتوعد «الثنائي» برد بعد الأعياد!

عملياً ماذا يعني اللاقرار؟

مصادر المجلس الدستوري تجيب بأنّ اللاقرار للمجلس معناه انه تم رد الطعن الذي تقدم به «التيار الوطني الحر» امام المجلس الدستوري بكافة مواده بالكامل، في الوقت الذي تفاجأت اوساط التيار بـ «اللاقرار» الذي صدر بعدما كانت تتوقع أقلّه إبطالاً جزئياً للقانون المعدل اي إبطالاً لبعض المواد وبخاصة تلك التي تتعلق بتصويت عدد النواب بحسب الأكثرية المطلقة أي الـ 65 نائباً للتصويت على اي قانون يرده رئيس الجمهورية. بالإضافة الى المادة المتعلقة بصلاحيات وزير العدل التي تم سحبها منه.

إلا أنّ «اللاقرار» وفق مصادر الدستوري توقف على تباين موقف القاضيين الشيعيين من التصويت بحيث خرق تباين تصويت أحدهما لتصويت أغلبية الأعضاء، بمعنى أن العضوين الشيعيين لم يكونا على نفس الرأي ولو كانا كذلك لاتخذ المجلس قراراً، بمعنى لكان أقلّه هناك قرار».

وفي السياق، أقر رئيس المجلس الدستوري ان «اللاقرار من قبل المجلس الذي يترأسه يعتبره سقطة للمجلس ولذلك لم يكن راضياً عنه» إلا أن الامر لا يغيّر في النتيجة التي توصّل اليها المجلس الدستوري والتي نقضت كل السيناريوهات التي تحدثت عن صفقة مبرمة مع المجلس الدستوري لتمرير طعون التيار الوطني الحر مقابل موافقة التيار على تأمين نصاب الجلسة النيابية التي تحيل محاكمة النواب والوزراء الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء او اقالة البيطار وإقالة بعض الرموز القضائية…

من جهة اخرى سيتم السير بالتعديلات التي صوّت عليها المجلس النيابي بالكامل. فماذا يعني رد الطعن؟

في المعلومات لم يعد يحق لتكتل لبنان القوي الطعن من جديد بالبنود نفسها الذي تقدم بها امام المجلس الدستوري خاصة بعد 7 جلسات متواصلة للمجلس الذي لم يتمكن من اخراج قرار لم تُجمع الاكثرية عليه. لذلك، تتساءل اوساط التيار الوطني الحر كيف قبل القضاة بقضم صلاحيات زميل لهم، (اي وزير العدل) علماً ان التيار لا يمكنه الطعن مجدداً بالمادة المتعلقة بسحب صلاحيات رئيس الجمهورية ووزير العدل ورئيس الحكومة بتوقيع المراسيم.

مصادر وزارة العدل

من جهتها، تعتبر مصادر وزارة العدل أن وزير العدل يمثل وحده سلطة الوصاية على القضاء ولذلك لا يحق لوزير الداخلية مخاطبة القضاة الا عبره، ومن هذا المنطلق من الممكن تقديم طعن بهذه المخالفة امام مجلس شورى الدولة علماً ان القانون يحتّم على من يتقدم بالطعن ان تكون لديه «صفة» موجبة «ومصلحة».

ووفق هذا المنطلق ترفض مصادر وزير العدل ان يتم اغتصاب صلاحيات الوزير من قبل وزير الداخلية، وتقول مصادره لـ»الجمهورية» انه لا يحق لوزير الداخلية مخاطبة القضاة الا من خلال وزير العدل، مُتسائلة بالمقابل اذا كان يحق لوزير العدل مخاطبة مدير عام قوى الامن الداخلي من دون الرجوع الى وزير الداخلية او من دون المرور به؟ موضحة ان الوزير هو سيّد وزارته.

في المقابل، صوّبت مصادر وزارة العدل قانونية الكتاب الذي يتكلم عنه وزير الداخلية الذي وجّهه الى رئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود، والذي طلب فيه لائحة بأسماء القضاة لترؤس لجان القيد، والذي لم يتم وفق الاصول بما ان النص يقضي بموافقة جميع اعضاء مجلس القضاء وليس رئيس مجلس القضاء منفرداً بالإضافة الى اعتراض وزير العدل على عدم مخاطبة القضاة عبره وفق اصول التخاطب التي تمنع وزير الداخلية مخاطبة القضاة اذ انّ المولوي لا يملك سلطة عليهم.

وزير الداخلية والقانون

من جهة اخرى، يبرّر وزير الداخلية تصرّفه بأن القانون الجديد يسمح له عدم مخاطبة وزير العدل وهي المادة التي سبق واعترض عليها ايضاً «التيار الوطني الحر» وطعن بها امام المجلس الدستوري في المادة الرابعة من الطعون الذي تقدّم به الى المجلس الدستوري وتم ردّه امس بعد صدور اللاقرار.

وكان الطعن المقدّم من قبل التيار قد كشف انه في اللجان المشتركة لم تتم مناقشة هذه المادة وحوّلت الى الهيئة العامة، ليتفاجأ الجميع بأنها سحبت صلاحيات رئيس الجمهورية ووزير العدل بتوقيع المراسيم من دون نقاشهم او حتى اعلامهم. وبذلك عوض ان تكون المادة وفق مرسوم موقّع من قبل رئيس الجمهورية ووزير العدل إنحصرت بقرار من وزير الداخلية، بالاضافة الى تعيين لجان القيد العليا والابتدائية التي اصبحت كذلك بيد وزير الداخلية حصراً بعدما تم حذف المادة 43 من قانون الانتخاب التي تمنح تلك الصلاحية لوزير العدل.

ماذا بعد رد الطعن؟

اللاقرار أعاد المواجهة الى نقطة الصفر بعدما سقط طعن التيار بالكامل، ولم يعد بإمكانه الطعن بكافة المواد السابقة التي تُرد تلقائياً بعد قرار المجلس الدستوري الذي يعتبر مبرماً وغير قابل للمراجعة، والذي دفع برئيس التيار الى الاعلان عن «ان المسرحية في عين التينة لم تنطلِ علينا» وبأن لقرار المجلس الدستوري تداعيات سياسية سيعلن عن تفاصيلها بعد الاعياد.

وعليه، يطرح السؤال بعد «العيدية» التي خبّأها الثنائي الشيعي للتيار: هل احتدمت المواجهة السياسية وكيف سيرد التيار بعد الاعياد؟

في السياق، قال القاضي طنوس مشلب لـ”الجمهورية”: إعتبرتُ ما حصل سقطة لأننا وصلنا الى محضر من دون قرار، وعلى رغم من ان هذه النتيجة لَحظها القانون في مواده، الا انني أتأسف لأننا في جلسات النقاش التي عقدناها خلال الايام السابقة أعدّينا دراسات معمقة حول مواد قانونية واستندنا فيها الى مراجع دستورية كبيرة لبنانية وفرنسية ووصلنا فيها الى اجتهادات، لكن لم نتوصّل الى قرار في عرض الاسباب السبعة، ولا ننسى ان مهلة الـ 15 يوماً هي مهلة قصيرة وضاغطة، ففي مصر مثلاً المهلة مفتوحة وهناك طعون تأخذ أشهراً للبت بها. طبعاً هذا الامر لم يكن متاحاً في هذه الحالة لأننا امام مهل محددة للانتخابات، لكن المهلة في لبنان عموماً للبَت في الطعون ضيقة جداً». واضاف: «صحيح انني أقرّيت بأنها سقطة، لكن في السابق كانت تحصل سقطات اكبر عندما كان يحصل تغيّب عن الجلسات والمجلس لم يكن يمارس دوره، اما اليوم فنحن عقدنا جلسة المذاكرة في حضور اعضائه العشرة ولم يتغيب احد، ما يعني انّ المجلس مارس دوره بفعالية» .

ولدى سؤاله اذا كان ما حصل داخل المجلس الدستوري يشكل صورة عن الانقسام او الاصطفاف الحاصل في البلد؟ قال مشلب: «في كثير من بلدان العالم يُعَيّن القضاة الدستوريون على الشاكلة نفسها التي يتم فيها التعيين في لبنان، وانا ردّدتُ في اليوم الاول من تعييني ما قاله احد اهم رؤساء المجالس في العالم وقلت لرئيس الجمهورية: je vous dois mon ingratitude، وهذا يعني انني سأنكر الجميل فلا يجب تغيير القناعة لأجل السلطة، السياسيون يتقلّبون لكن نحن يفترض ان نبقى حماة الدستور وأمناء عليه».

السابق
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الأربعاء في 22 كانون الأول 2021
التالي
جنبلاط راض على قرار الدستوري: الإنجاز الأهم هو فشل التيار الحر!