الاسعد للرفاعي: أسأل معلمتك

حسان الرفاعي

غادرتنا نفيسة العريسي  بصمت، مثلها مثل الكثيرين الذين يرحلون عنّا في هذه الأيام، التي تعودنا فيها عدم القيام بواجب وداعهم. قد تكون ذريعة “كورونا” مبررا لهذا التقاعس. لكن هذا لا يغني عن تأدية الواجب كتابة حيال من كانوا، ومن بينهم الراحلة التي لها سيرتها التي تستحق ان تروى.

في كتاب “حسن الرفاعي حارس الجمهورية” الذي قام بتأليفه عام 2018 حسان الرفاعي ، نجل صاحب السيرة، وجوزف باسيل وكاتب هذه السطور، أكثر من شهادة على احدى نساء لبنان اللواتي جعلنه ولا زلن، وطنا ليس قليلا أن يجري تشبيهه بطائر الفينيق الأسطوري.

اقرأ أيضاً: لبنان: «حرب الرئاستين» تُمَدّد المأزق الحكومي إلى 2022!

في كتاب الرفاعي، احد اعلام لبنان التي لاتزال تخفق في ساحات القضايا الوطنية والقانونية والدستورية، وهو اليوم يناهز ال 98 من العمر، نقرأ:”…كان صاحب السيرة ، عندما كان نائبا بدءا من دورة عام 1968 ، يستعين بزوجته( نفيسة العريسي الرفاعي)  بصفتها إستاذة للغة العربية في مدرسة “الكوليج بروتستانت” . وعندما كان الرفاعي يختلف مع زملائه في المجلس النيابي على تفسير كلمة في اللغة العربية، كانوا، ومنهم الرئيس كامل الاسعد( رئيس البرلمان وقتذاك) يقولون له :”إسأل معلمتك.” وبالفعل هذا ما كان يحصل. هي المعلمة والاستاذة التي يعرض عليها أغلبية لوائحه القانونية (في عالم مهنته المحاماة)، ويناقش معها الأفكار التي سيلقيها في المجلس النيابي.”

وفي السيرة ايضا:” أظهر الرفاعي، بعد دخوله الندوة البرلمانية، وخصوصا خلال مناقشته البيان الوزاري لحكومة الرئيس رشيد كرامي أواخر كانون الثاني عام 1969 ، كيف تمكن هذا النائب الوافد حديثا الى النيابة ، في كلمته التي ألقاها من الجمع بين تهنئة الحكومة على ما رآه من إيجابيات في طريقة تشكيلها، وفي مضمون بيانها الوزراي، وبين إنتقاده السياسات الاقتصادية والضرائبية المتبعة في لبنان، والتي بدت هذه الحكومة في جزء من بيانها مصممة على الاستمرار فيها. وقد لفتت هذه الكلمة العميد ريمون إده فهنأه بعد إنتهائه من إلقائها, وبحسه المرهف، رأى إده في الرفاعي رجل دولة، فخاطب كرامي ممازحا:”لقد جاء من ينافسكم على رئاسة الوزارة.”

وفي السيرة عن ريمون إده:” كان العميد يستشيرني في بعض القضايا. غير أنه كان يظهر في مجلس النواب وكأنه هو من أتى بهذه المعلومات. وكنت أعاتبه قائلا: على الأقل، أذكر إنني أنا من زوّدك هذه المعلومات، وكان يجيببني :”شو انت عم بتجيبن من بيت بيّك؟ أنت أخذت هذه المعلومات من الكتب ، وأنا أخذتها منك لإستعملها، وليس لديك أي فضل في ذلك!” وهكذا ينتهي العتاب الى ضحك. إذ كنت مسرورا لكوني أزوده إستشارات ليستشهد بها.”

لا مبالغة في القول أن نفيسة هي أهم كتاب في حياة الرفاعي منذ  رحلتهما معا عام 1953. فهي كانت الى كونها رفيقة عمر، أما فاضلة، ومعلمة نالت أوسمة من الدولتيّن اللبنانية والفرنسية وجوائز عدة. ولم يكتم الرفاعي حبه قائلا:” كانت أجمل أيام حياتي وأمتعها، لأني وجدت رفيقة عمر وزوجة على مستوى من العلم والثقافة.”

السابق
الناشطة سالي حافظ تروي لـ«جنوبية» رحلة الإقتحام والتحقيق!
التالي
اسرار الصحف ليوم السبت 18-12-2021