«المسيح» الحاضر في شعر السياب!

“المسيح” عليه السلام هو الشخصية الأكثر تردداً وتكراراً في شعر بدر شاكر السياب، فقد ذكره كثيراً في قصائده، كما في قوله في غريب على الخليج:
بين القرى المتهيّبات خطاي و المدن الغريبة
غنيت تربتك الحبيبة
وحملتها فأنا المسيح يجرّ في المنفى صليبه

إقرأ أيضاً: «جنوبية» تحاور شوقي أبي شقرا حول ماضيه وجديده: ما زلت أسأل نفسي عن الشعر والحياة!

وفي قوله في قافلة الضياع:
كان المسيح بجنبه الدامي ومئزره العتيق
يسدّ ما حفرته ألسنة الكلاب

وقوله في، قصيدة مرحى غيلان
حيث المسيح يظل ليس يموت أو يحيا كظلِّ
كيَدٍ بلا عصبٍ، كهيكلِ ميِّتٍ كضحى الجليد
النور و الظلماء فيه متاهتان بلا حدود
عشتار فيها دون بعل
و الموت يركض في شوارعها و يهتف: يا نيام
هبوا فقد ولد الظلام
و أنا المسيح أنا السلام

وهكذا يتردد اسم “المسيح” في ديوان “انشودة المطر” وحدِه عشرين مرة، لم يكن التكرار من قبيل الصدفة بالتأكيد فمن يعرف السياب يعرف ان لكل مفردة يذكرها في شعره دلالةً لشيء وإشارةً لمعنى، كما لم يكن تأثره بالأدب الانجليزي هو السبب الذي جعل رمزيةَ المسيح تتكرر في نصوصه.

لقد كان السياب يبحث عن أمر آخر وجدَه في المسيح، أمر له ارتباط بالعلة والطب، بالبرء والسقم، له علاقة بالظلم والظلام، له اتصال بالإنسانية الضائعة من محيطه، كان يبحث في المسيح عن السماحة المفقودة من عوالمه فكان الامر فيه اشارتان؛

اشارة الى الحياة التي بدأت تتفلت من جنبيه كتفلت الماء من اليد الراجفة.

واخرى الى الموت الذي صار يجول حوله كالذئب حول القاصية.

لقد تعلقتْ روحُ السياب بالخيال فلم يجد كالمسيح عليه السلام مُنقذاً خفياً يأتيه من وراء حجب الظلام والاوهام بعد ان فقد الأمل فيما حوله من حقيقة.

كاتب عراقي مقيم بريطانيا*

السابق
للجم الدولار.. «المركزي» يُعلن عن خطته!
التالي
استدعاء عدد من ثوار ١٧ تشرين الى التحقيق.. ودعوات للتضامن