متى يعرف «حزب الله» حدود «نفوذه».. ويقف عنده؟!

حزب الله وطارق البيطار
يتباهى حزب الله وحلفاؤه بالاكثرية النيابية التي حصلوا عليها عام 2018، وهو لم يكن ليحصل عليها، لولا ضعف وتضعضع قوى 14 اذار، التي وافقت على اقرار قانون انتخابي يضمن لحزب الله تلك الاكثرية.

تعمد حزب الله في السنوات الاربعة الاخيرة، وبمعاونة حلفائه، فرض سيطرته بقوة على مفاصل الدولة السياسية والامنية والعسكرية، فيما تكفل حليفه المسيحي رئيس التيار الوزير السابق جبران باسيل، بادارة المرافق الاقتصادية واستغلال القسم الاكبر منها، وهو ما أدى الى الانهيار المالي الكبير قبل عامين مع اندلاع ثورة 17 تشرين 2019، فسقطت حكومة الشركة الوطنية التي كان يرأسها سعد الحريري، وبدأت كرة الثلج تتدحرج، لتظهر مافيا السلطة على حقيقتها، ويظهر حزب الله انه عراب تلك المافيا وحاميها وصاحب النفوذ الاول فيها، فالوزرات الدسمة له ولحلفائه، والجمارك والكهرباء، وغيرها من المرافق والمؤسسات العامة التي تفوح منها رائحة الفساد يصرّ المعسكر الممانع ان تبقى بحوزته وبإدارة جبران باسيل، الطامح اليوم لوراثة عمه ميشال عون في رئاسة الجمهورية، رغم انه اكثر شخصية مكروهة لدى اللبنانيين، اضافة الى ان اميركا فرضت عليه عقوبات استحقها بجدارة بسبب فساده وولائه المطلق لحزب الله. 

من فشل الى فشل 

لم تستمر حكومة الشراكة الاولى التي ترأسها الحريري وجرى تشكيلها بداية عام 2018 اكثر من عشرة شهور قبل ان تستنزفها الازمات، وكان الحريري يمني نفسه بعقد مؤتمر باريس 3، من اجل تقديم حزمة مساعدات اقتصادية، تنقذ البلد من السقوط الحتمي، نتيجة لسياسات الهدر والسرقات التي لم تتوقف، بفعل تقاسم المغانم عن طريق المحاصصة الطائفية بين احزاب السلطة، غير ان الدول الكبرى بعد ان يئست من قيام الحكومات اللبناتية المتعاقبة بأدنى اصلاحات، خصوصا بعد رفض وزير الطاقة سيزار ابو خليل المحسوب على باسيل، عرض المستشارة الالمانية ميركل، ببناء معامل كهرباء جديدة لانقاذ لبنان من العتمة، وكانت زارت ميركل بيروت لهذا السبب، فردتها الحكومة خائبة.

حزب الله لا يمكن ان ينجح في حكم لبنان فنفوذه محكوم بالعقم والفشل وذلك بسبب استنزافه لفائض القوة التي يحوزها 

لذلك فقد أيقنت الدول الغربية المانحة، ان لا جدوى من مساعدة بلد تحكمه زمرة فاسدة، فتركت لبنان لشأنه يتداعى لاول مرة، كي يرى اهله وحكامه عاقبة افعالهم، لتنفجر الازمة الاقتصادية، وتبدأ العملة بالتدهور، ما ادى الى اندلاع  ثورة 17 تشرين 2019  الاي تسببت بلسقاط حكومة الحريري، ثم ليتمكن بعد شهور اهل السلطة من الالتفاف على تلك الثورة، بالقمع والترهيب والاعتقال واستغلال جائحة كورونا، ثم ليعمد حزب الله الى الايعاز للاكثرية النيابية بتكليف حسان دياب ان يرأس حكومة جديدة ذات لون ممانع واحد، دون مشاركة المعارضة رغم الاحتجاجات الشعبية، فشكل حكومته وكانت الأكثر نفوذا لحزب الله ومعسكره بتاريخ 21/1/2020. 

4 آب والنفوذ المدمّر 

انهى انفجار 4 آب الكارثي الذي ضرب مرفأ بيروت، وادى لمقتل وجرح الالاف من المدنيين، حكومة حسان دياب التي استقالت وهي كانت ظهرت عاجزة اصلا ولم تفعل شيئا في ثمانية شهور، وكشف هذا الانفجار الكارثي وجها اخر لنفوذ حزب الله وهو النفوذ المدمر، وليس بالضرورة ان يكون مدمرا، لسبب ان حزب الله يتهمه خصومه بالمسؤولية عن استيراد 2500 طن من مادة نيترات الامونيوم، التي تسببت تخزينها بالانفجار الكبير، فقد يكون هذا الاتهام غير صحيح، والحقيقة  هي ان النفوذ المدمر للحزب، يعود الى انخراطه في الحكم وتواطئه مع شركائه وصرف نفوذه، في تقاسم السلطة واستضعاف مؤسسات الدولة، حدّ الاهمال الجرمي الجزائي الذي تسبب بهذا الانفجار الذي اطاح بربع بيروت.  

سقطت حكومة الشركة الوطنية التي كان يرأسها سعد الحريري لتظهر مافيا السلطة على حقيقتها ويظهر حزب الله انه عراب تلك المافيا وحاميها 

وآخر شاهد على عقم نفوذ حزب الله، هو الوضع الحالي الذي انتهت اليه حكومة نجيب ميقاتي، وكانت شُكلت في العاشر من شهر ايلول الماضي قبل ثلاثة شهور، فلم يمر سوى شهر واحد، حتى قاطع حزب الله وشريكه الشيعي حركة امل اجتماعات مجلس الوزراء، فتوقف المجلس عن الانعقاد بحجة الخلاف حول تحقيقات مرفأ بيروت وتسييسها حسب مزاعم الحزب وامينه العام السيد حسن نصرالله. ويجمع المحللون ان الاعتراض على تحقيقات القاضي طارق البيطار ليس سوى حجة فارغة، فالمطلوب هو التعطيل، وابقاء الوضع الحالي كما هو عليه من الجمود على جميع الاصعدة، دون اجراء اصلاحات ولا ترسيم حدود، وربما تسهيل الاطاحة بموعد الانتخابات النيابية لاحقا. 

إقرأ أيضاً: ماكرون يكسر «عزلة» الحكومة من قصر اليمامة..ومبادرة من 3 نقاط لحل الأزمة!

الخلاصة ان حزب الله لا يمكن ان ينجح في حكم لبنان، فنفوذه محكوم بالعقم والفشل، وذلك بسبب استنزافه لفائض القوة التي يحوزها، ما يجعل من الدولة اللبنانية وجيشها ومؤسساتها الرسمية، هياكل خاوية ضعيفة متداعي ومحكوم عليها بالفشل، وبالتالي عاجزة عن الحكم وعن تلبية طموحات معسكر الممانعة الذي تتزعمه ايران.  

السابق
ماكرون يكسر «عزلة» الحكومة من قصر اليمامة..ومبادرة من 3 نقاط لحل الأزمة!
التالي
جهود إيرانية لتشكيل «ضاحية جنوبية» بين دمشق ومطارها!