عندما يستفز «حزب الله» اللبنانيين قبل السعوديين!

لا يمكن الفصل بين ما حدث من تردٍّ في العلاقات بين لبنان والمملكة السعودية، وبين ما تشهده الساحة الللبنانية ضغوط سياسية وعسكرية، واحداث أمنية وما لحقها من استنابات قضائية، ومحاولات من قبل حزب الله لاستعادة لهجة التهديدات التي ذكرت اللبنانيين بزمن الحرب الاهلية.

لا شك ان أوامر سحب سفراء المملكة العربية السعودية ودول الخليج من بيروت الذي صدر أمس، اثر كلام وزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي الذي انتقد فيه الحرب التي وصفها ب “العبثية” في اليمن، كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، بعد سلسلة احداث وتصعيد داخلي وخارجي لمعسكر الممانعة الذي يقوده حزب الله، وهو ما أوضحه امس السبت وزير الخارجية السعودي لمحطة العربية عندما قال ” إن أحدث أزمة مع لبنان ترجع أصولها إلى التكوين السياسي اللبناني، الذي يعزز هيمنة جماعة “حزب الله” المسلحة المدعومة من إيران، ويتسبب في استمرار عدم الاستقرار”.

تصعيد حزب الله

يستغل حزب الله حيازته على الاكثرية الحكومية والنيابية في لبنان، من اجل الاستفراد بالقرار السياسي للبلد بشكل كامل، وبسبب تعاظم سلاحه وسطوته الامنية، فان حلفاءه وخصومه تضاءلوا حجما ونفوذا، واختصرها خطاب امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الأخير ، الذي اتهم فيه حزب “القوات اللبنانية” باحداث الطيونة، كاشفا ان حزبه اصبح يضم بصفوفه 100 الف مقاتل جاهزين من أجل وأد الفتنة المزعومة، التي يريد ان يشعلها رئيس حزب القوات سمير جعجع، وهو اعتبر بمثابة تهديد صريح لجعجع وحزبه على ابواب الانتخابات النيابية، وترهيب للمكونات السياسية كي تحجم عن التحالف مع القوات اللبنانية في اللوائح الانتخابية، فيسهل على حزب الله ومعسكره كسب تلك الانتخابات من جديد والاحتفاظ بالأغلبية النيابية، واستمرار توجيه سياسته الخارجية باتجاه ايران، المعادية لمصالح المملكة والداعمه لاعدائها الحوثيين الى الاخوان المسلمين وغيرهم.

يستغل حزب الله حيازته على الاكثرية الحكومية والنيابية في لبنان من اجل الاستفراد بالقرار السياسي

كما يستمر حزب الله بالضغط وشلّ العمل الحكومي وفرض عدم انعقادها، لإجبار الحكومة على اقالة المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، غير مبالٍ الحزب بمصلحة لبنان واهله، الذين يعانون حاليا من أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة، حرّكت فرنسا والدول الغربية للمساعدة وتجهّز البنك الدولي للانقاذ، ليتفاجأ من حضر للمساعدة  بتلكؤ الحكومة السابقة كما الحالية، التي يرأسها نجيب ميقاتي، عن البدء بالاصلاحات الادارية الضرورية التي اشترطها البنك الدولي، من اجل ضمان عدم هدر اموال المساعدات، واختلاسها من قبل السياسيين اللبنانيين.

خسارة لبنانية فادحة

وقد شعر اللبنانيون بالأسف والخسارة المعنوية الكبيرة عندما سحبت السعودية سفيرها وليد البخاري صاحب المبادرات الانسانية اللافتة، وهم كانوا يشعرون بالغضب والامتعاض، بسبب استمرار حزب الله وحلفائه بالتهجم على المملكة لمصلحة محور ايران دون مراعاة مصلحة البلد وعواطف الغالبية الساحقة من مواطنيه، وكذلك بسبب تورط الحزب بالحرب في اليمن، وافتخاره بمساعدة الحوثيين الذين يحاولون قصف اراضي المملكة يوميا، وتشهد مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان على ذلك.

شعر اللبنانيون بالأسف والخسارة المعنوية الكبيرة عندما سحبت سفيرها وليد البخاري صاحب المبادرات الانسانية اللافتة

والشعور بالخسارة هذا، ليس بسبب ما اشاعه مغرضون عن خوف على مصير المغتربين اللبنانيين في المملكة، لان المملكة فيها قانون راسخ يحفظ حقوق المواطنين والمقيمين على اكمل وجه، بل لان لبنان ظهر وكأنه يقابل بالجحود، ما قدمته السعودية ودول الخليج للبنان على مرّ التاريخ من مساعدات للبنان قبل الحرب الأهلية واثناءها وبعدها، وكذلك اثناء حرب تموز 2006 وبعدها من اموال واعمار، لذلك كان اللبنانيون وهم يمرون في احلك ازمة اقتصادية اليوم، يتطلعون الى حبل الانقاذ الخليجي هذا، كي يتدلى من جديد فيستوعب عشرات الآلاف من الشباب الخريجين الجدد، الذين كانوا يمنون انفسهم ان يلتحقوا برفاقهم من اجل العمل في كافة القطاعات الانتاجية، في المملكة وكافة دول مجلس التعاون الخليجي كما فعل من سبقهم، كي يعتاشوا ويعينوا اهاليهم فيرسلون لهم العملة الصعبة، تعويضا لهم عن رواتبهم التي فقدت قيمتها، بسبب هبوط العملة الوطنية اضعافا مضاعفة.

وكان لافتا ما صرحه نائب صيدا اسامة سعد المحسوب على خط الممانعة، عندما خالف الحملة الشعواء المصطنعة التي يشنها حزب الله على دول الخليج والخيار العربي، فقال سعد: «ان السياسة الخارجية تحددها حقائق التاريخ والجغرافيا والهوية والمصالح، وقد أطاحت سياسات اللعب على الحبال والتكاذب بالحقائق جميعها، أياً تكن أحوال العرب، إنْ خسر لبنان عربياً فلن يربح في مكان آخر!»، فشكل تصريحه هذا صدمة لأنصار حزب الله على مواقع التواصل، الذين تناولوا النائب سعد بشتى انواع الشتائم واتهامات الخيانة.

هذا ونشرت الصحف والمواقع الاعلامية  تصريحا للسفير اللبناني لدى السعودية فوزي كبارة، أوضح في وقت سابق من السنة الجارية أن حجم التبادل التجاري بين البلدين، بلغ خلال السنوات الست الماضية 600 مليون دولار سنويا، وكان وزير الزراعة السابق عباس مرتضى حذر من أن أي حظر سعودي على الواردات اللبنانية يمثل “خسارة كبيرة وأمرا خطير جدا، خصوصا إذا ما انعكس سلبا على باقي الدول الخليجية التي قد تتخذ إجراءات مماثلة أو مشددة”.

السابق
«العشائر العربية في لبنان» تدعو ميقاتي للإستقالة: التطاول على المملكة خيانة
التالي
الخارجية اللبنانية تُدافع عن «حزب الله»: هناك «قساوة» سعودية لا نفهمها!