يدعو أستاذ تاريخ الفكر السياسي والعلاقات الدوليّة في الجامعة اللبنانيّة الدكتور جورج حجَّار ، إلى التَّبشير بإنسانيّة جديدة ، في كتابه الجديد الموسوم ب ” الثّبات مع الثورة الأمميَّة ” ، الصادر حديثاً عن ” دار الفارابي ” في بيروت ، في طبعة أولى 2021 . والإنسانية الجديدة ، التي يدعو حجّار ، في كتابه هذا ، إلى التّبشير بها ، هي إنسانيّة ثَورويَّة جديدة ، ” من أجل التغيير الثّوري ” : محليَّاً وإقليميّاً وعالمّياً .
” إنتفِضُوا ” !
وهذا الكتاب الذي صدَّره كاتبه بإهداءٍ يقول بأنه كتابٌ مُهدىً ” إلى المقهورين في العالم ” ، ويخاطبهم فيه بالقول : إنتفِضوا ففي الانتفاض حياةٌ واعِدة . ” ، هو كتاب يحتوي على إسهلال ومقدِّمة وستّة فصول .
إقرأ أيضاً: لا كتاب في بيروت.. للسنة الثالثة!
والمقدِّمة تُوجِّه رسالةً إلى المثقّفين العرب وأحرارالعالم . وتدعوهم للاسترشاد بفكر الإنبعاث والإفكاريّات العالميّة والتحرير الإقليمي . وتطرح معنى حريّة الكلمة في التاريخ وتنتهي بتناول موضوع البورجوازِيَّات العربية وكيف تحافظ على سيطرتها .
ستّة فصول وملحقان
وفصول الكتاب هي : وكما جاءت متتابعةً بعناوينها التالية : ” خواطر في زمن الكورونا ” – ” المشرق العربي في الثمانينيّات ” – ” لبنان عشيّة التحرير من النِّير الصهيوني ” – ” أميركا والعرب في عصر العولمة ” – ” الوعي الثوري كضرورة للتغيير ” – و” الأحزاب والحركات السياسيّة في الوطن العربي والعالم ” .
واختُتمت محتويات الكتاب بملحقَين اثنين : الأول يقوم ب ” تشريح الأحزاب في الوطن العربي والعالم ” – والثاني ” هو ملحق صور ” .
من أجل إنسانيَّةٍ جديدة
ولقد أنهىَ المؤلِّف نَصّ استهلال الكتاب بالكلمة التالية ، التي تحمل عنوان : ” من أجل إنسانيّة جديدة ” :
يقول أرازمس ” حيث يظهر لوثر تموت الثقافة ” لذلك أقول : لا لوثر هنا .
ينبغي أن تكون الثورة أُمَمِيَّةَ الطابع والأفق وبقيادة “البؤرة الثوريّة” تستطيع القوى الشعبيّة الانتصار على الطغمة الحاكمة
1- لمن يفّتش عن تحديدٍ للعروبة ، أقول : العروبة هي هوية انتماء وضرورة بقاء ونماء .
2- لمن يفتّش عن تحديدٍ للاشتراكية أقول : الاشتراكية هي مجموعة قيم يريد دعاتها تشكيل استعادة مركزية الإنسان في الكون وهي حرب على الكلبتوقراطية ودفاع عن المساواة والأخوّة الإنسانية .
والكلبتوقراطية هي السّمة الرئيسة لما يُسمّى النيوليبرالية أي تمويل الفقراء للأغنياء الذين يودعون أموالهم في ملاذاتٍ آمنة حيث لاضرائب، والمثل الساطع على ذلك هو ” كايمانيس” في البحر الكاريبي . وهم جماعة ” دافوس ” من 1971 – 2019 التي تشكل اللجنة التنفيذية لرأس المال المالي .
3- أدعو مؤرّخي وكُتّاب هذه المرحلة بأن يبشّروا بإنسانية جديدة – نحن في بدايات ونهايات عصر واعد . علِّموا فيه أنّ سوريا هي قاطرة التاريخ الآتي على قاعدة التحوّلات والظواهر التالية :
1) الانتفاضات الشعبية في مواجهة رأسمالية السوق .
2) الإقليمية في مواجهة الأحاديّة القطبيّة .
3) جبهة الشعوب في مواجهة العسكرتاريا .
4) الإنسانويّة في مواجهة رطانة التحوّل الديمقراطي .
5) التحريريّة في مواجهة العبودية .
طوبى للذين آمنوا بالحياة الحرّة وافتدوا البشريّة !!
تَعَلَّموا وعلِّموا كما تعلَّمتُ
ومما يقوله الكاتب في المقدمة / الرسالة لمن يوجّهها إليهم :
تعلَّموا من أهل الوعي التاريخي الخلاّق وعلِّموا كما تعلّمتُ .
الإشتراكية تشكّل استعادة مركزيّة الإنسان كونيّاً ودفاعاً عن المساواة والأخوّة الإنسانيّة
– تعلَّمت من ” ونستانلي ” ( 1609 – 1660 ) أنّ الأرض هي خزينة عامّة من أجل الجنس البشريّ ككل .
– تعلّمت من ” روبسبيير ” ( 1758 – 1794 ) ، بشير الاشتراكية ، أنّ الشعب ، لا الملوك أو الكهنة أو الأرستقراطية ، هو مصدر السلطة ، وأنّ ” سانسكيلوتِّس ” هم السلطة وأوصى منبّهاً ومحدداً : عَلِّقوا الكهنة بأحشائهم !
– تعلّمت من قراءتي ل ” ماركس ” ( 1818 – 1883 ) ، أنّ الثورة هي قاطرة التاريخ وأنّها تتحقّق بالصراع الطبقي . كمحرِّك أوّل للتغيير …
تعلَّمت من ” غرامشي ” ( 1891- 1937 ) موضوعَيِّ الهيمنة والتكتّل التاريخي من أجل التغيير الثوري …
” البؤرةُ الثوريّة ”
تعلّمت من ” تشي غيفارا ” (1929 – 1967 ) شهيد الثورة العالميّة ( بوليفيا 9 أكتوبر 1967 ) فَنَّ التخريب ! الفنّ الذي وضع اُسُسَه تشي عام 1960 في كتاب ” حرب العصابات ” .
– تنطلق الثورة من نظريّة البؤرة الثوريّة ( فوكو ) لمجموعة من الرجال تستطيع خَلق الشروط الذاتيّة والموضوعيّة للثورة في آن . تعتمد النظريّة وتتسلّح بانتشار ثقافةٍ سياسيّة إشتراكيّة تستمدّ قوّتها وحيويتها من الأخلاق الثوريّة ، الأخلاق التي تستولد ” الإنسان الجديد ” في عمليّة الصراع ، لا من الحوافز الماديّة .
العروبة هي هويّة انتماء وضرورة بقاء ونماء
– بقيادة ” البؤرة الثوريّة ” تستطيع القوى الشعبيّة الانتصار على الطغمة الحاكمة . وفي غياب الوسائل القانونيّة للتغيير ، يُصبح العنف الثّوري الطَّريقَ الوحيد للاستيلاء على السّلطة واستخدامها لخلق ” الإنسان الجديد ” .
– الريف هو المجال الحيوي للثورة والمدينة هي المكان السّرّي للكفاح المسلَّح .
– ينبغي أن تكون الثورة أمميَّة الطّابع والأفق . لذلك يجب أن نَخلُقَ فيتناماتٍ كثيرة ونستنبط من تجارب البلدان المشارِكة نظريَّاتٍ ثوريّة تأتي في سياق تاريخ كلّ إقليمٍ ، كإقليم أميركا اللاتينيّة .