عبد القادر: تلاشي لبنان يمنع «الممانعة» من التهجم على هوكستين «الإسرائيلي»!

نزار عبد القادر
يريد الاميركيون إعادة الزخم، إلى ملف ترسيم حدود لبنان البحرية مع إسرائيل، ولهذا كانت زيارة المُوفد عاموس هوكستين إلى لبنان، لكن إلى الان لم تتضح وفق أي آلية ستعاود المفاوضات، هل سيتم الركون إلى خط "هوف" كخيار نهائي للتفاوض، أم خيار الوفد اللبناني المفاوض بإعتماد الخط 29، كنقطة إنطلاق للمفاوضات والترسيم؟ إلى الآن الاجوبة غير واضحة، لكن هناك ترحيب لبناني رسمي بمساعي المُوفد الأميركي عاموس هوكستين، الذي، وللمفارقة وليس جريا على عادتها، نأت الممانعة بنفسها عن تخوينه كونه من أصول إسرائيلية، في ظل أزمة وجودية تعانيها بلاد الارز وتطورات مهمة تعيشها المنطقة.

ليس تفصيلا أن يعود المُوفد الأميركي عاموس هوكستين إلى بيروت، في ظل الظروف الداخلية التي يمر بها لبنان والاقليمية التي تمر بها المنطقة، والمعروف عنه أنه يفضل الحلول العملية على المفاوضات الكلاسيكية. كما يجدر التوقف عن الاجواء الايجابية التي أشاعها كل من قصر بعبدا وعين التينة والسرايا الحكومية بعد زيارة هوكستين، وعدم رشقه بإتهامات العمالة والتخوين من قبل حزب الله سواء إعلاميا أو شعبيا(كونه إسرائيلي المولد وسبق له أن أدى الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي).

 كل ما سبق يشي بأن ملف ترسيم الحدود، دخل مرحلة جديدة مع مستشار الرئيس جو بايدن لشؤون الطاقة، خصوصا أنه عاد ليتصدّر أجندة المسؤولين اللبنانيين، بعد وضعه لفترة طويلة في الادراج،  والسبب في ذلك عدة تطورات منها إعلان شركة «هاليبيرتون» الأميركية، فوزها بمناقصة للبدء بأعمال الحفر على الحدود مع لبنان، ثم الكشف عن إستبدال الوسيط السابق جان ديروشيه بهوكستين، وصولاً إلى الإعلان عن زيارة الأخير للمنطقة، بالاضافة إلى ترويج أخبار عن رغبة أميركية بمقاربة ملف الترسيم وفق منظور آخر. 

من حسن حظ اللبنانيين إختلاف الطبقة السياسية على ترسيم الحدود البحرية وإلا كانوا سرقوا مقدراتها 

 من المفيد التذكير أن الكباش اللبناني – الاسرائيلي الدائر حول ترسيم الحدود هو بسبب رغبة الوفد العسكري اللبناني المفاوض، باعتماد الخط 29 كنقطة انطلاق للتفاوض، بما يُوسِّع الرقعة المتنازع عليها من 860 كيلومتراً مربعاً، وفق ما كان أقرّه الخط 23 الذي اعترف به لبنان، ووثّقه لدى الأمم المتحدة إلى 2290 كيلومتراً، و هذا يعني أن على  حكومة الرئيس نجيب ميقاتي توقيع مرسوم تعديل الحدود 6433، في الوقت الذي يخشى مراقبون من أن يكون هدف زيارة هوكستين، هو إضاعة مزيد من الوقت لتتمكن اسرائیل من حسن استغلال المنطقة الواقعة بین الخط 23 والخط29، والضغط على المسؤولین اللبنانیین لعدم تعديل المرسوم 6433. فما صحة هذه المخاوف و إلى أين سيصل لبنان في هذا الملف؟ 

يجيب الخبير العسكري والاستراتيجي العميد نزار عبد القادر “جنوبية” بالقول:”نحن كلبنانيين مخطئين بحق أنفسنا وبحق وطننا، ومع المجتمع الدولي منذ العام 2007″، معتبرا أن “مشكلتنا أننا نكرر نفس الاخطاء ونطلب من المجتمع الدولي أن يصدقنا، ففي العام 2007 إرتكبنا خطأ ترسيم حدودنا البحرية مع قبرص، التي شرعت إلى ترسيم حدودها البحرية مع اسرائيل، والتي إعتبرت بدورها ان النقطة رقم 1 هي المرجع بحسب الاتفاق بيننا وبين قبرص”، ويشير إلى أن “لبنان حاول إصلاح الخطأ، من خلال الانطلاق من النقطة 23 لترسيم حدودنا البحرية، وقد صدر مرسوم في هذا الامر من مجلس الوزراء،  وأرسلناه إلى الامم المتحدة، وبناء على هذا المرسوم عمد الجانب الاميركي للدخول كوسيط للتفاوض، بيننا وبين إسرائيل عبر السفير فردريك هوف، الذي وصل إلى صيغة معينة تقترح حصول لبنان على 55 بالمئة، من المساحة المتنازع عليها (850 كلم) وإسرائيل 45 كلم “.

الصراع القائم بين بري وباسيل أدى إلى عرقلة تنفيذ إقتراح هوف

يضيف:”كدنا أن نوافق ولكن الصراع القائم بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، أدى إلى عرقلة تنفيذ إقتراح هوف، وظهر مقترح لبناني جديد، فاجأ الجميع يعتمد على الخط 29 لترسيم الحدود، و الذي يمنح لبنان ما يزيد عن 2290 كلم  تقريبا عن خط هوف، لكن المفارقة أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لم يوقع إلى الان هذا التعديل الجديد، لأنه يعرف أن هذا الأمر لا يمكن أن يمر دوليا”.

يرى عبد القادر أن “زيارة هوكستين هي لأن الاميركيين يعرفون، أن ليس هناك سلطة موحدة بل مجموعات سياسية تتصارع في ما بينها”، مشددا على أن “المشكلة الحقيقية هي أن كل فريق يحاول توظيف عملية الترسيم، وفقا لمصالحه ومواقفه سواء من إسرائيل أو الولايات المتحدة أو الامم المتحدة”.

كل فريق يحاول توظيف عملية الترسيم وفقا لمصالحه ومواقفه من إسرائيل أو الولايات المتحدة أو الامم المتحدة

ويلفت إلى أن “الجانب الاميركي شعر أن اللبنانيين، إستنفذوا  محاولاتهم لترسيم الحدود وفقا لمصالحهم الخاصة، ولذلك الامل و الرهان، أن يكون الموقف اللبناني على درجة من المنطقية و العلمية والواقعية، ويراعي المصلحة الوطنية دون مطالب تعجيزية”، مشيرا إلى أن “أي شركة عالمية، لن توافق على المجيء للتنقيب عن النفط في لبنان، في حال بقينا نتبع الاسلوب ذاته، في تغيير المواقف و نقاط ترسيم الحدود، لذلك يجب أن يكون هناك قرار موحد حول إستثمار الغاز و النفط”.

إقرأ ايضاً: «الثنائي» يَرفع «قنبلة المحروقات» عن كاهله..ورفع الدعم يَكوي الجنوبيين والبقاعيين!

ويعتبر أنه “من حسن حظ اللبنانيين إختلاف الطبقة السياسية على ترسيم الحدود البحرية،٠ وإلا كانوا سرقوا مقدراتها وعائداتها وحرموا الشعب اللبناني منها”، آملا أن “يكون رقابة الحركة الاصلاحية في لبنان والمجتمع الدولي والعربي، وسيلة للتعامل مع هذا المرفق بشكل جدي وأن نصلح ولو قليلا فساد الطبقة السياسية”.

مشكلتنا أننا نكرر نفس الاخطاء ونطلب من المجتمع الدولي أن يصدقنا

ويفسر”عدم هجوم “ما يسمى الممانعة على جولة هوكستين “لأن جميع الاطراف باتوا على يقين أن لبنان وصل إلى حد التلاشي والاختفاء، والدولة شبه غائبة بإستثناء الجيش وبعض القوى الامنية”، مشيرا إلى أنهم “أدركوا أنه يجب أن يكون هناك قرار صادر عن الدولة، ولذلك إعتمدوا منهج التعقل، ولكن قبلا كنا نتصارع بين بعضنا و نعرض عضلاتنا على المجتمع الدولي”.

ويختم:”اليوم أدرك الجميع أن الدولة اللبنانية تلفظ أنفاسها، ولا تملك أدنى مستويات القوة للبقاء على قيد الحياة، ولذلك علينا أن نتعقل وأن نرضى بمساعدة الاصدقاء و الوسطاء الدوليين”.

السابق
عداد «كورونا» يُحلّق من جديد وإنخفاض بعدد الوفيات!
التالي
خاص «جنوبية»: جعجع إلى وزارة الدفاع بعد 11 عاما..من «بوابة الطيونة»!