مسرة لـ«جنوبية»: لا لتطييف موعد الإنتخابات.. و إقتراع المغتربين حق دستوري

انطوان مسرة
مرة جديدة رتّبت الطبقة السياسية، التعديلات التي تريدها على قانون الانتخاب، وفقا لمصالحها الانتخابية ولضمان حجز أكبر عدد من الناخبين لصالحها، تناست كل صراعاتها السياسية والدموية التي دارت في الايام الماضية، ونزلت إلى الأونيسكو لإقرار مواد، تعيد تثبيت تحكمها بمقدرات البلد، شطبت حق النساء في "كوتا" نيابية بدم بارد، وتراشقت بالكلام كما هو معتاد، لكن المحصلة هي أنها ثبتت قانون يعيدها إلى كراسي مجلس النواب مجددا.

أثبتت جلسة مجلس النواب التي إنعقدت اليوم، للبحث في التعديلات على قانون الانتخابات، أن القوى السياسية تأكل من “صحن” المصالح نفسه، حين يتعلق الأمر بضمان إستمرار هيمنتها، وإحتفاظها بمقاعدها النيابية  ومصالحها السياسية، تتراشق بتهم التخوين والعمالة وتجريم بعضها البعض، فالجلسة التي جرت اليوم “بهدوء”، تظهر وكأن هذه القوى تريد طي صفحة ما جرى في الطيونة يوم الخميس الماضي، لأن مصالحها الانتخابية تقتضي ذلك، وهذا ما يمكن قراءته من خلال “التحية” التي ألقاها النائب علي حسن خليل على زملائه النواب في كتلة الجمهورية القوية، وهذا ما فعله أيضا عضو كتلة التنمية والتحرير النائب فادي علامة، حيث كان المبادر للسلام على النائب جورج عدوان في قصر الاونيسكو، وأيضا في تجنب نواب “كتلة الوفاء للمقاومة” أي إحتكاك مع نواب “القوات”، بالرغم من الهجوم الشرس الذي شنه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على القوات اللبنانية أمس.

المغتربون يشكلون أكثر من نصف سكان لبنان ومن حقهم إنتخاب 128 نائبا

إذا قافلة المصالح السياسية هي التي سارت في الجلسة التي إستغرقت ساعتين، وتمّ فيها إقرار تعديلات على قانون الانتخاب وتكريس حق المغتربين بالاقتراع لـ128 نائبا، وتقديم موعد الانتخابات الى 27 اذار2022، بتحفظ التيار الوطني الحر الذي شهر ورقة الطعن مهددا، فيما لم يُبحث بالميغاسنتر لأنها غير موجودة أصلا في القانون، اما البطاقة الممغنطة فجمدت، كما أسقط المجلس الكوتا النسائية وأُحيل اقتراح القانون المقدم من النائبة عناية عز الدين الى اللجان النيابية (الكوتا النسائية بنسبه 20 سيدة) إلى اللجان النيابية للمزيد من الدرس، كما تم إقرار مبلغ ٧٥٠ مليون ليرة لبنانية سقفاً ثابتاً للمرشح الواحد و٥٠ ألف ليرة عن كل ناخب كمبلغ متحرك و٧٥٠ مليون ليرة كسقف الإنفاق للائحة الواحدة.

إذا وخلافا للتوقعات، مرت جلسة مجلس النواب التشريعية اليوم بهدوء نسبي، لم تخرقه سوى بعض المناوشات بين رئيس المجلس نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، تحت سقف مطالبة رئيس تكتل لبنان القوي” بإجراء الإصلاحات المطلوبة لتحقيق إنتخابات عادلة”، أي تخصيص كوتا للمغتربين وعدم تعديل موعد الانتخابات الذي كان مقررا في أيار، ما يستدعي البحث عن أحقية هذه المطالب دستوريا، سواء بالتعديل أو بإبقاء مواد القانون الساري المفعول على ما هي عليه.

إسقاط صفة العجلة عن “الكوتا” النسائية يعني أن الأنظمة السلطوية تصنف النساء “مواطن درجة ثانية” 

وفي هذا الاطار يشرح عضو المجلس الدستوري الدكتور أنطوان مسرة  لـ”جنوبية” أن “حصر إنتخاب المغتربين لعدد محدد من النواب (6 نواب)هو مخالف للدستور اللبناني، لأن القسم الكبير من الشعب اللبناني في حالة الإغتراب، وقد زادت نسبة المغتربين في السنوات الاخيرة بسبب الاوضاع التي يمر بها لبنان”، لافتا إلى “أنه سابقا تم إنشاء وزارة المغتربين ما يعني أنهم جزء أساسي ومكوّن من الشعب اللبناني، ودائما يتم الإعتماد عليهم من الدولة المركزية لتقديم الدعم الاقتصادي والنهوض بلبنان، وهذا يعني أن المغتربين الذين يشكلون أكثر من نصف سكان لبنان من حقهم إنتخاب 128 نائبا، وهذا منسجم مع الدستور اللبناني الذي ينص على أن الشعب هو مصدر السلطات”، ويشدد على أن “المغتربين اللبنانيين بخلاف المغتربين في أي بلد في العالم، هم مكوّن أساسي من الشعب اللبناني بحسب كل السياسات العامة، والمعطيات الديمغرافية وأرقام الهجرة خلال السنوات الاخيرة، وبحسب الإعتماد عليهم في سبيل النهوض بلبنان من النواحي السياسية والدبلوماسية والاقتصادية”.

ماذا عن إهمال الكوتا النسائية ؟ يجيب مسرة “الكوتا النسائية في الانتخابات التشريعية معتمدة في كل بلدان العالم، وهي أصبحت من الموجبات الديمقراطية والدستورية لكل بلدان العالم، خصوصا في المجتمعات التي تعاني من تراجع تاريخي بالنسبة لوضع النساء ومشاركتهم في الحياة العامة”، معتبرا أن “إسقاط صفة العجلة عن “الكوتا”، يعني أننا من المجتمعات العربية التي تخاف من النساء، وأن هناك أنظمة سلطوية تفضل أن تكون نساء مواطن درجة ثانية تحت حجج دينية أو غير دينية”، موضحا أن “إخضاع النساء  يساهم في توطيد أنظمة سلطوية، لأن لهن دورا كبيرا في التربية وبناء العائلة، وبالتالي تحرير النساء ومشاركتهم في الحياة العامة، له التأثير الكبير على المسار الديمقراطي في لبنان”، معربا عن أسفه أنه في   “الدول العربية ولبنان ولحجج دينية، يفضلون أن تكون المرأة خاضعة وأن تكون أداة للإنجاب فقط، صحيح أن لبنان تطور لكن هناك تيارات سلطوية تفضل أن تبقي النساء خارج المسار الديمقراطي العام”.

في المقابل يشرح مسرة أن “كل القوانين والمراسيم يجب أن تصدر مع أسباب موجبة، وفي ما يتعلق بتقديم موعد الانتخابات، فقد تم ّلإعتبارات عملية تتعلق بموعد شهر رمضان المبارك”، مشددا على أنه  “من الافضل عدم تطييف موعد الانتخابات، صحيح أنه في شهر آذار يكون المسيحيين هم أيضا في فترة الصوم، لكننا جميعا نعلم أن الصوم عند المسيحيين مختلف من حيث شروطه، عما هو عند المسلمين  وله طبيعة مختلفة من الناحية الاجرائية”. 

السابق
البيطار يردّ على «الهرطقات» السياسية بإستدعاء زعيتر والمشنوق!
التالي
المفاوضات مع اسرائيل تابع.. وفد أميركي يصل بيروت اليوم