17 تشرين يفجر.. «الوعي الثوري»!

ثورة ساحة الشهداء لبنان ينتفض

تحلُّ الذكرى السنوية الثانية لحراك 17 تشرين، حاملة في مناخها وطقسها وطقوسها غيوم الخريف “الحزين” وبريق الشتاء “الدّامع” التي تحتاجه الطبيعة. أرض الخير مُبللة بمطر يغذّي تراب البلاد وناسها.

“17تشرين” المشهد الذي لم يعرف له لبنان مثيلاً في أي وقت من تاريخه، مشهد ارتقى الى حدث هائل، فاجأ المنخرطين في صناعته قبل غيرهم، ذلك أنه كشف عن وعي متجذر لدى الشباب وأهاليهم-الشعب اللبناني بأغلبيته الساحقة .

ثورة في الوعي حتماً وعي ظافر طبعاً ثورة وعي هبّت وقامت نشطت وتحفّزت في العقل الناهض

الشباب والطلاب الذين تبلور وعيهم ورؤيتهم وأحلامهم على ساحل الانقسام العامودي الذي عرفه البلد طويلاً.. ثورة في الوعي حتماً، وعي ظافر طبعاً ، ثورة وعي هبّت وقامت، نشطت وتحفّزت في العقل الناهض، وفي النفس التواقة للحرية، ورغم عثرات الانطلاقة، وأخطاء (الأولويات) ورغم جنون وخُبث أعداء هذا الحراك العظيم، حافظ الوعي الشبابي على مقاربة الأمر والفعل، ونجح بشد عصب المواجهة الحضارية، بوجه طغمة مستبدة ناهبة خيرات الناس والبلاد. فسرع ذلك من بلورة هذا الوعي الشبابي، وترسيم  المطالب – الحقوق للأغلبية الساحقة  التي توحدت حول مصالحها، وبوجه تحالف “طغمة-زعماء” ساسة وسياسة صدئة من كل الطوائف، أذلّت الناس لشدة انتهاكها حقوقهم وكراماتهم.

لقد أحدث الحراك تبدلات عامة، كأنه حلّ وحان زمن ولادة مواطن جديد، رافض للطائفية وكاره للمذهبية والتبعية. غابت عن الساحات والعيون والقلوب الأعلام الفئوية، ووحده العلم اللبناني الذي ظلّلَ الحضور ثابت في مكان الروح.

والأهم.. والبشرى اليوم أن الطبقة السياسية انتهى مفعولها، (خلصت وخلص مفعولها) وكما سقطت أمام الداخل، سقطت أمام الخارج، أمام العالم بأسره.وبغض النظر عن الأخطاء الجمّة للحراك الا أنه، وما من شك، قد أزال الكثير من سواد المراحل، التي عبرها الوطن المغلوب على أمره وحياته.  ففي زمن الحراك ثمة  حاجز خوف انكسر واندثر، وخطوط حمراء تم تخطيها.

توحدوا في الساحات ليحافظوا على ما تبقى من لبنان وعلى وجودهم في أرضه

ولا يختلف اثنان من اللبنانيين، أنّ ما شهدته وما تشهده الساحات على امتداد الوطن كان حلمًا في الأمس القريب، لبنان اليوم ليس كلبنان قبل 17 تشرين الأول، حتى اللبنانيون أنفسهم تغيروا، أو أتتهم الفرصة ليعلنوا أمام العالم أنّهم وطنيون خلعوا عباءاتهم المذهبية والطائفية منذ زمن. توحدوا في الساحات ليحافظوا على ما تبقى من لبنان وعلى وجودهم في أرضه. 

وأهم ما في هذا الحراك أنّه لم يتخذ من العاصمة بيروت مركزا له، بل حرّر ساحات جنوبية وبقاعية وشمالية، من ولاءات فرضت عليها منذ عقود. ولم تكسر فقط هيبة الأحزاب الطائفية، بل كسرت الحواجز بين المناطق، التي بنت بينها تلك الأحزاب منذ الحرب الأهلية، وعلى مرّ السنوات جدرانا من الكراهية والخوف. استطاع الحراك أن يجمع اكثر من مليون متظاهر على امتداد لبنان، أليس في الأمر ما هو جامع وماثل في الركن الداعم للحياة؟ثورة في الوعي، تحتاج الى رفد وتغذية بالروح الوطنية، تحتاج الى ثقافة أعمق وأشمل، لعلها ترسم خارطة الكلمات الحاسمة: “وطني حبيبي..  على جبين ووجدان كل فرد”.

السابق
درباس لـ«جنوبية»: الإنتخابات فرصة للثوار لإستقطاب الشارع من جديد
التالي
جنبلاط ينضم للثنائي الشيعي منتقداً البيطار.. ماذا قال؟