17 تشرين..«ثورة حتى الإنتخابات»!

الثورة مستمرة

بلغت ثورة 17 تشرين عامها الثاني، ونجحت في بناء حد صلب بين فئتين من اللبنانيين، الأولى تضع  الزعامات والقيادات السياسية محورا لحياتها، وتعتبرها جزءا من هوية الجماعة التي ترى العالم الخارجي من خلال كلمات هذه الشخصيات وأفعالها، وفئة أخرى تتمثل في مجموعات 17 تشرين ومؤيديهم الذين يرون أن الأحداث التي جرت منذ الانتفاضة في العام 2019، هي بحد ذاتها محور حراكها ونشاطها ( إندلاع الثورة والتحركات ثم إنفجار المرفأ)، من دون أن تكون هذه الاحداث مرتبطة برموز قيادية لدى المشاركين من الحراك والمعارضة، بل أن الاحداث و التطورات هي أساس الهوية المشتركة لمعارضي الوضع القائم ومصدراً للمشروعية لا غنى عنه، بعد أن برهنوا من خلال تحركاتهم عن وجود شعب لبناني بعيدا عن السردية السائدة، بأن اللبنانيين مجرد رعايا طوائف ، فالحراك من منظارهم هو محطّة في مسار يتقدم وحتميّ ومتصاعد.  

ليس من المبالغة القول، أن لا منجزات حديثة لأغلب قوى الأحزاب والسلطة ما يعكس أزمتها وركود معظمها، والدليل الاقرب تعمّدها تجاهل تعديل خفض سن الاقتراع للإنتخابات النيابية المقبلة، خلال النقاشات التي تدور في اللجان النيابية المشتركة، وأيضا عدم تأييدها لتخصيص كوتا نسائية في  المقاعد النيابية، لكي تبقى قابضة على كل مفاصل اللعبة الانتخابية قبيل 5 أشهر من موعد الانتخابات النيابية التي من المفترض أن تحصل أواخر 27 آذار 2022.

في المقابل تستشعر قوى ومجموعات 17 تشرين بالخيبة نتيجة الاخفاقات التي مُنيت بها في المرحلة الماضية، لكنهم لا يزالون يؤمنون أنهم في لحظة إنبثاق وأن التغيير يحصل بالفعل ولو اختلط ذلك بمشاعر الاحباط أحياناً. بمعنى آخر نحن أمام شعب لبناني ينتمي إلى أزمنة مختلفة ما يشير إلى عمق الانقسامات اللبنانية.

تستشعر قوى ومجموعات 17 تشرين بالخيبة نتيجة الاخفاقات التي مُنيت بها لكنها لا تزال تؤمن ان التغيير يحصل بالفعل

في ظل هذا الفرز الحاصل ماذا على أهل الثورة والحراك أن يفعلوا؟ سؤال مستحق لا بد من طرحه بعد مضي عامين على إنطلاقها لكي تبقى شعلتها مضاءة وقادرة على جذب المزيد من اللبنانيين المتضررين من فساد السلطة، والطامحين للعيش في بلد يكونون فيه مواطنين بكل ما للكلمة من معنى وليس مجرد رعايا لطوائف وأحزاب.

إقرأ ايضاً: سنتان على الإنتفاضة: لبنان وسط الأخطر!

الجواب ليس سهلا خصوصا أن الثورة لا تزال طرية العود والتجربة وفي ظل التعقيد الذي يخيّم على الوضع الاقليمي والداخلي بكل تفاصيله السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من دون إغفال إنكفاء الشارع، بالرغم من حدوث جريمة تفجير المرفأ بيروت، وتراجع ثقته بأن نزوله قد يجدي نفعا.

لذلك من المهم أن يعرف أهل الثورة  كيفية إستعادة زخمها من جديد في الوقت الثمين الذي لا يعوض والذي يمر وما هي الادوات التي يجب إعتمادها لإستقطاب اللبنانيين من جديد، وهل يمكن أن تكون الانتخابات النيابية المقبلة أحد المحطات لإستعادة الزخم وتحت أي مطالب وعناوين؟

إذا على أهل الثورة أن يجيبوا على هذه الاسئلة، لأن قوة “17 تشرين” بسلميتها وشمولها وطنياً والتي أسست للبنان آخر ووضعت الحد الفاصل الذي تحدثنا عنه ولم يعد بإستطاعة أحد أن يختصر لبنان بوجوه على غرار الأحزاب الشمولية أو بالتركيبات الفوقية.

من المهم أن يعرف أهل الثورة  كيفية إستعادة زخمها من جديد في الوقت الثمين والادوات التي يجب إعتمادها لإستقطاب اللبنانيين من جديد

عندها تكون الاجابة على هذه الاسئلة “بذرة “لخلق جبهات سياسية تعبر عن مصالح حقيقية للمواطنين، ما يعني قيام تنظيمات سياسية مستندة إلى قواعد شعبية، تشكل رافعة لعمل جبهوي يبلور ميزان القوى الشعبي كممر إجباري إلى التغيير واستعادة الدولة والدستور، عندها ترتفع حظوظ الثورة بالاطاحة بنظام الفساد ومن يقف خلفه.

السابق
سنتان على الإنتفاضة: لبنان وسط الأخطر!
التالي
متري لـ«جنوبية»: التغيير صعب مهما بلغ عدد نواب الثورة!