متري لـ«جنوبية»: التغيير صعب مهما بلغ عدد نواب الثورة!

طارق مترب
لمناسبة العام الثاني على إنطلاقة ثورة "17 تشرين" إستمزجت "جنوبية" آراء مفكرين وسياسيين وممثلي مجموعات الحراك حول كيفية إستعادة الثورة لزخمها الشعبي، ووفقا لأي أدوات وفي أي إستحقاقات. ويؤكد الوزير السابق طارق متري ل"جنوبية"، ان ثورة "17 تشرين" بدأت خطواتها نحو التغيير لكن هذا الأمر يتطلب وقتا طويلا، فهل ستصل إلى الخواتيم التي تريدها؟

يعتبر الوزير السابق الدكتور طارق متري ل”جنوبية” أن “إنتفاضة تشرين 2019 زرعت بذور التغيير الحقيقي في لبنان، لكن لم يؤت ثماره بسرعة، لأن التغيير الحقيقي يبدأ بوعي أولية المواطنة على الإنتماءات الضيقة، وأهمية الخروج من العصبيات الطائفية المدمرة”، مشددا على أن “الانتفاضة أدخلت في الحياة العامة ظواهر جديدة ومارست ضغطا حقيقيا على السياسيين في لبنان، ولو أنها لم تمتلك بعد أدوات المحاسبة والمساءلة، لكنها وضعت السياسيين بموقع من هو معرّض دائما للمراقبة والنقد العلني والصريح”. 

يضيف:”التغيير لا يقدر أن يكون إلا من النواحي السياسية والمجتمعية والثقافية، إذا أردنا أن يكون التغيير حقيقيا، فإذا أخذنا الطائفية فهي مشكلة سياسية ومجتمعية وثقافية، وتجاوزها لا يمكن أن يحصل فقط من خلال التغيير السياسي مثل التغيير عبر الانتخابات”، مشيرا إلى أن “أدوات التغيير كثيرة والتشكيلات السياسية هي أداة التغيير الحقيقية، سواء أكانت الاحزاب والتجمعات أو التكتلات لكن لكي تكون أدوات تغيير فعلية يجب أن تكون متنوعة، بمعنى أن تُمثل اللبنانيين فعلا وأن لا تكون أسيرة الإنقسامات الطائفية، حتى ولو بطريقة غير مباشرة، وأن تكون غير قادرة على إختراق القيود المفروضة عليها بين الطوائف وهذا هو شرط أساسي”.

الثورة وضعت السياسيين بموقع المعرض دائما للمراقبة والنقد العلني والصريح

يعتبر متري أن “الأداة الاولى هي التشكيلات السياسية كالأحزاب أو ما شابه، لكن هناك أدوات أخرى مستعملة الآن، على نطاق واسع، وهي أدوات الإعلام ولا سيما وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن من الأفضل أن يتم إستخدام جيد لهذه الأدوات”، لافتا إلى أن”المواطن الذي يتابع المنتقدين للسلطة، يضيع أحيانا لأنه تغلب الحماسة عندهم على الدقة، والغضب على رجاحة العقل في تقييم المواقف وهذا أمر يحتاج إلى متابعة وتصويب”.

إقرأ أيضاً: 17 تشرين: «ثورة حتى الإنتخابات»!

ويرى أن “هناك ضرورة لربط الأدوات السياسية بالعمل الإجتماعي والثقافي، ففي بلدنا السياسة مفصولة عن العامل السياسي والثقافي، وهناك من يخوض غمار السياسة وآخرين من يهتم بالفقراء، ومن يقدم المسرح والسينما”، معربا عن إعتقاده أن “الربط بين هذه المجالات هو أمر ضروري، أما في ما يتعلق  بالإنتخابات النيابية فإنها فرصة لإسماع صوت دعاة التغيير من خارج القوى السياسية، يمكن أن  ينجحوا في الفوز في بعض المقاعد، ولكن هذا الفوز لا يغير الوضع في لبنان، لأن لا القانون الإنتخابي الحالي ولا الحياة السياسية في لبنان هي ديمقراطية بالمعنى الحقيقي”.

هناك ضرورة لربط الأدوات السياسية بالعمل الإجتماعي والثقافي

وأشار إلى أن “النظام السياسي اللبناني نظام قائم على النقض المتبادل بين من يقولون أنهم ممثلو الطوائف، وهم قادرون على شلّ البلد، والعمل الحكومي وتعطيل إنتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي نحن لدينا مشكلة في صلب ممارستنا لنظامنا السياسي، بسبب وضع اليد من قبل القوى السياسية على الدولة وهذا يجعل من التغيير صعب مهما كان عدد النواب الذين ينتمون لمجموعات الثورة”.

يضيف:”أنا لا أقلل من أهمية المشاركة هذه المجموعات في الإنتخابات النيابية المقبلة، بالرغم من أن هذا القانون الإنتخابي تم وضعه، لكي تتمكن النخب السياسية التقليدية من التجديد لنفسها”، مشددا على أن “هذا قانون إنتخابي طائفي لأنه يدفع الناس لإنتخاب نواب من طوائفهم ولا يشجع على تجاوز الحواجز الطائفية في الخيارات الإنتخابية، وهذه مشكلة من مشاكله ولكن رغم كل ذلك من المفيد مشاركة حركات التغيير في الانتخابات على أمل أن تنجح”، ويؤكد أنه “لا يجب أن يكون لدينا وهم أن مجرد وصول عدد من الاشخاص إلى البرلمان هو تغيير حقيقي، بل هو بداية ونوع من التجديد للنخب السياسية ولكن هذا لا يؤدي إلى تغيير حقيقي في البلد”.

مجرد وصول عدد من الاشخاص إلى البرلمان هو تغيير حقيقي

ويختم: “بعبارة أخرى نحن بدأنا في خطوات على طريق التغيير، ولكن هذا الأمر يتطلب وقتا طويلا، لا سيما أن الوضع الإجتماعي الإقتصادي خانق للناس، والجميع مشغول بهمومه اليومية، والشباب اللبناني الذي هو قوة التغيير في البلد يهاجر بحثا عن مستقبل افضل، ولذلك من الصعب توقع أن يكون التغيير في المدى القريب”. 

الثورة مستمرة
الثورة مستمرة
السابق
17 تشرين..«ثورة حتى الإنتخابات»!
التالي
خاص «جنوبية»: عبود يتمسك بالطرق القانونية بشأن البيطار